تسخيف القضايا العامة صبغة التواصل الاجتماعي
الأنباط – عدي أبو مرخيه
أصبحت شبكة منصات التواصل الإجتماعي المساحة الرئيسية لـ تعبير المواطنين عن آراءهم وردود أفعالهم إزاء القضايا العامة والدولية، خاصة أن المنطقة العربية تتعرض لـ أزمات وكوارث تنوعت ما بين الطبيعية والمصطنعة، فضلا عن الحروب التي ما زالت تتوالى كـ الاحتلال والاستعمار الصهيوني الغاشم لـ فلسطين، والحروب الأهلية والإنقلابات في دول المنطقة العربية.
اراء المواطنين وطروحاتهم عبر منصات التواصل أخذت أشكال عدة، منها ما يتصف بـ الجدية، ومنها ما هو مرن ولين، ومنها المتشدد والمتصلب، إلاّ ان تحولا طرأ في الفترة الأخيرة على المنحنى الطبيعي لردود أفعالهم، وبات السواد الأعظم من هذه السلوكيات يطرح بصبغة السخرية والتسخيف والتقليل من أهمية القضايا العامة والدولية من خلال طرح النكات والفكاهة.
وبحسب أخر ما توصلت اليه اخر الدراسات والأبحاث التي تناولت سلوكيات الذين يمارسون تسخيف القضايا والتقليل منها عبر شبكة منصات التواصل، كشف دراسة علمية بعنوان : "دور الفكاهة في الصمود النفسي" أن الفكاهة تؤدي دورًا هامًا في تعزيز الصمود النفسي لدى الأفراد خاصة في المناطق التي تكثر فيها الصراعات والأحداث الساخنة، وأنها تساعد في إعادة تأطير التجارب الصادمة وجعلها أقل إرباكًا، الامر الذي يمنح الأفراد شعورًا بالسيطرة على الوضع العام.
وأشارت في نتائجها الى أن الفكاهة تعمل كـ آلية للتكيف من خلال السماح للأفراد بـ الابتعاد عن التأثير العاطفي المباشر للصدمة، وهذا يساعد في تقليل التوتر والحفاظ على الصحة العقلية في مواجهة الشدائد المستمرة، مؤكدة أن الفكاهة منهجية تعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية والتماسك المجتمعي، وهذا أمر بالغ الأهمية للصمود الجماعي في مناطق الصراع، اضافة الى أنه يمكن أن تصنع شعورًا بالتضامن والتجارب المشتركة، وهو أمر حيوي للرفاه النفسي للمجتمعات.
"الأنباط" بدورها، أجرت عملية رصد وتتبع لـ صفحات خاصة وعامة عبر شبكة منصات التواصل المختلفة، وطريقة تعاطيهم مع أهم الأحداث والقضايا التي تشكل مساحة واسعة في دوائر الرأي العام، وخلصت الى أن الصبغة العامة لـ السواد الأعظم من هذه الاراء والطروحات كانت سخرية وتسخيف لـ القضايا التي يتناولونها عبر صفحاتهم، فضلا عن صناعة النكات حول هذه القضايا وطرحها من باب الدعابة.
الى ذلك، قال أخصائي الطب النفسي الدكتور تغلب عازر، إن عدم الخوف بشكل كبير من الأحداث التي تجري بالمنطقة يعتبر من أبرز أسباب هذه السلوكيات، عازيا ذلك الى كثرة وضخامة الأحداث الدموية والحروب التي يشاهدها المواطن بشكل يومي جعلت منه أكثر تحملا لـ الصدمات.
وأكد، أن المجتمع الأردني مرتبط بشكل كبير مع الأحداث التي تحصل في المنطقة، نظرا لـ مركزه الجغرافي الذي يعتبر كـ منطقة آمنة في محيط ملتهب بالنار والحروب والصراعات وسفك الدماء.
وتابع، أن طرح النكات والاستهزاء من الكوارث وتبعاتها، يعود لـسببين الأول كـ وسيلة دفاعيه لـ حماية الحالة النفسية للذين يتعرضون او الذين يكونون على تواصل بشكل مستمر مع هذه الأحداث، والثاني ان بعض الأشخاص لا يصدقون الأحداث او الكوارث خاصة إذا لم تكن مرتبطه بهم بشكل مباشر، مشيرا الى أن الشعور بـ الخوف هو أمر طبيعي ويجب أن يشعر به الإنسان في لحظات واحداث معينه في حياته، لافتا الى أن عدم الشعور به قد يكون ناتج عن حدوث صدمات مستمرة للأشخاص او حدوث صدمات بعمر صغير ما يعرضهم الى حدوث ما يعرف بـ "تلبد بالمشاعر".
الجدير ذكره هنا ؛ ان النكتة تمثل تعبير لاذع عن موضوع يشغل بال الجماهير ولا تجد له حلا، فهي تزداد في الأوقات التي تقيد فيها الحريات، وتبرز عندما لا يجد الناس الوسائل الديمقراطية أمامهم متوافرة وفي هذه الحالة تتسم النكتة بالقسوة وباللامبالاة، وأن الجماهير استطاعت أن تترجم من خلال الفكاهة والسخرية في كل من التعابير في النكتة والرسومات في الكاريكاتير وغيرها من الفكاهة المسرحية والتلفزيونية ردود أفعالها على حالة الإحباط واليأس والغيظ، وهذه كانت المثال الحي على ضحك المقهور من رموز الفساد.. ضحك يقلب مرارة الوضع إلى شعور بنشوة الانتصار على الوضع القائم ومن أجل مواجهة الضغط النفسي وفقا لـ اخر الدراسات والأبحاث.