دب يقتحم المنازل لسرقة حلويات مذيعة تبتلع ذبابة على الهواء مباشرة - فيديو طبيب هندي يزيل كلية سليمة لمريضة بدلًا من التالفة زراعة بني كنانة تؤكد حرصها للإرتقاء بواقع الخدمات المقدمة للقطاع الزراعي اطلاق مشروع رؤى مستقبل القياديات لتعزيز القدرات القيادية للشابات في الجامعات الاردنية الإعلان عن مشروع السوسنة السوداء الدكتور حمزه العزيزي الف مبروك شهادة الماجستير في التحكيم في عقود الانشاءات FIDIC العليا للإعمار: 2350 خيمة سيتم توزيعها على مخيمات غزة لقاء لمتابعة إطلاق مشروع مركز النقل الداخلي في إقليم البترا الأخلاق السياسية في العالم : بين الشعارات الجوفاء والواقع المرير الخدمة والإدارة العامة تحتفل بعيد الاستقلال واليوبيل الفضي لاعبو منتخب الملاكمة يتقدمون بالتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس المبيضين يزور أجنحة دول خليجية في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون القيسي يزور قلعة الأزرق والشجرة المباركة في البقيعاوية افتتاح فعاليات المؤتمر الوطني لتعزيز المشاركة السياسية للنساء في الأردن شهيد و4 إصابات باقتحام قوات الاحتلال لمدينة البيرة فيلم روائي جديد في إربد يجمع بين الإبداع والتحدي الحكومة السلوفينية تصادق على مشروع قرار للاعتراف بدولة فلسطين شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مناطق في قطاع غزة المنتخب الوطني للكراتيه يشارك بالدوري العالمي في المغرب
محليات

الصحافة الاستقصائية كـ محارب قتل بسيفي "الإهمال والتبعية"

{clean_title}
الأنباط -
الإعلام تحت المجهر


الضغوط السياسية والرقمية والقانونية أبرز العوائق أمام تطور "الاستقصائية"

الكسواني والشوابكة: الصحافة الاستقصائية "طفل رضيع ما زال في الخداج"

الجغبير: ثقافة الصحفيين الاستقصائيين باستخدام التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي أقل من المطلوب

الطراونة: العلاقة بين المؤسسات الإعلامية والسلطات تستند للحوار وليس للتبعية

القطيشات: نقابة الصحفيين لم تتوان عن تقديم المساندة القانونية لكل صحفي امام القضاء

الخصاونة: الصحفيين عامة والاستقصائيين خاصة تنقصهم الثقافة القانونية

الضامن: السلطات لا تفرض قيودا على الصحافة الاستقصائية


الأنباط – خليل النظامي

تغيب الصحافة الاستقصائية بشكل واضح عن مضامين مختلف وسائل الإعلام الأردنية المطبوعة والمرئية والمسموعة والرقمية، التي تواجه تحديات كبيرة تهدد استمرارها على الساحة الإعلامية، إذ أشارت الدراسات والأبحاث العلمية التي تناولت حالة الصحافة الاستقصائية في الأردن إلى أن البيئة الإعلامية في الأردن غير محفزة لنهضة الصحافة الاستقصائية وممارستها، وأن العديد من العوامل تقف عائقا أمام ممارسة هذا النمط من الأنماط الصحفية، من أبرزها، العوامل القانونية والأمنية، والسياسية والاقتصادية.

وفي السياق اوضح الصحفي الاستقصائي في قناة الجزيرة مصعب الشوابكة أن الصحافة الاستقصائية تستمد قوتها من العلاقة التي تربطها بالنظم السياسية والاجتماعية الديمقراطية والليبرالية، وبالنظم التي تُبنى على أساس جاد من التعددية، والمستويات غير المحدودة من الحريات الصحفية، الأمر الذي يمنح هذا النمط الصحفي القوة لإحداث التغيير الإيجابي، وتغيير القوانين والتشريعات، إضافة إلى تقديم الفاسدين للقضاء لتحقيق العدالة

وأضاف الشوابكة، أن الصحافة الاستقصائية في الأردن ؛ ما زالت في مرحلة "الخداج المهني"، في وقت يُمارس فيه البعض محاولات فردية إلاّ أنها لم تكن ممنهجة وفقا لمعايير العمل الصحفي الاستقصائي، بينما ترى الصحفية الاستقصائية في قناة المملكة حنان خندقجي أن الأردن يوجد فيها لمعان استقصائي، خاصة تلك التحقيقات التي ينتجها صحفيون استقصائيون أردنيون بالتعاون مع شبكة أريج.

من جهتها قالت الصحفية الاستقصائية في جريدة الغد الدكتورة حنان الكسواني أن الحالة العامة للصحافة الاستقصائية في الأردن بـ "الطفل الرضيع"، وأنها ما زالت عشوائية وغير منظمة في مفهومها العلمي والتطبيقي، مشيرة إلى أنّ معظم التحقيقات الاستقصائية التي تم إنتاجها سابقا لم تستند إلى فرضيات علمية مهنية.

ويعزي الخبراء والمتخصصون في الصحافة بشكل عام والصحافة الاستقصائية بشكل خاص الحالة الراهنة الضعيفة لـ الصحافة الاستقصائية في الأردن لعدة أسباب أبرزها: القيود التشريعية الناظمة لعمل الصحافة الاستقصائية، وعدم قدرة وسائل الإعلام في توفير البيئة المناسبة للصحفي الاستقصائي، وغياب منهجية التدريب الصحفي على العمل الاستقصائي وبرامجه في معظم وسائل الإعلام الأردنية المتعددة، إلى جانب انخفاض مستوى الحريات الصحفية، والضغوط الأمنية والسياسية التي تعد من أبرز العوامل التي تحد من ممارسة العمل الصحفي الاستقصائي في الأردن.

المبادىء المهنية

يتفق غالبية الصحفيين الاستقصائيين على أن هناك مجموعة من المعايير والأسس التي يمكن من خلال تطبيقها النهوض بالصحافة الاستقصائية في الأردن، إذ تؤكد الصحفية الاستقصائية في جريدة الغد منى أبو حمور أنّ أبرز هذه المعايير تتمثل بـ الحفاظ على سرية مصادر المعلومات، واستخدام المصادر المُجهلة، وفصل الرأي الشخصي عن الحقائق، والتحقق من البيانات والمعلومات والوثائق والصور والفيديوهات عبر أدوات التحقق والخبراء القانونيين.

وحول أهم وأبرز المعايير التي يمكن من خلالها تطوير الصحافة الاستقصائية في الأردن أوضحت الصحفية الاستقصائية في جريدة الرأي تالا أيوب أن برز هذه المعايير تتمثل بـ التمييز بين حق الجمهور في المعرفة والحياة الخاصة للأفراد، وتحري الدقة والموضوعية والعدالة في إعداد التحقيق الاستقصائي، وتجنب تقديم وعود لا يمكن الإيفاء بها للمصادر، والتوازن في عرض وجهات النظر وإعطاء جميع الأطراف الحق للتعليق على نتائج التحقيق الاستقصائي، إلى جانب استخدام أساليب مشروعة للحصول على المعلومات، وتجنب انتحال الصفات الرسمية وغير الرسمية.

أساليب إدارة العمل الصحفي وتنظيمه :

(غالبية المؤسسات الإعلامية في الأردن على اختلاف أشكالها لا تدرك أهمية التأثير الإيجابي وحجمه الذي يتحقق من ممارسة الصحافة الاستقصائية)....

وفي إطار أساليب إدارة العمل الصحفي تؤكد الصحفية الاستقصائية في قناة المملكة حنان خندقجي أن غالبية المؤسسات الإعلامية في الأردن لم تعد تعطي المساحات الكافية لدعم الصحفيين الاستقصائيين من النواحي المادية واللوجستية، وأنّ المؤسسات الصحفية لا تهتم بممارسة العمل الاستقصائي، وعدم وجودها على أجندتها، وأصبحت تتجة إلى نشر الأخبار السريعة، والأخبار التي تجذب المعلنين.

وتتفق الصحفية حنان الكسواني مع حديث خندقجي، على أن غالبية المؤسسات الإعلامية في الأردن على اختلاف أشكالها وأنواعها لا تدرك أهمية التأثير الإيجابي وحجمه الذي يتحقق من ممارسة الصحافة الاستقصائية في أثناء معالجتها وكشفها للقضايا والمواضيع المرتبطة بالفساد والتجاوزات، ما يعني أن وسائل الإعلام لم تصل لممارسة صحفية استقصائية وفقا لمفهوم العمل الاستقصائي العلمي والتطبيقي ومنهجيته، مشيرة إلى ان الأنظمة الداخلية في المؤسسات الإعلامية الأردنية تعيق الكثير من الأمور المرتبطة بالصحفي الاستقصائي في عمله.

وكشفت الكسواني أنّ أكثر شيء حصلت عليه طيلة مسيرتها في ممارسة العمل الاستقصائي في الوسائل الإعلامية الأردنية كتب شكر خطية من رؤساء التحرير، إضافة إلى ممارسة سلوكات تقف عائقا قبل النشر أمام استمرارية الصحفي الاستقصائي في تحقيقاتها مثل ؛ اطلاع الزملاء الصحفيين على معلومات التحقيق الاستقصائي الذي يحقق في فساد جهة معينة أو شخصية ما، وبالتالي تسريب تلك المعلومات؛ لتعزيز علاقاتهم مع تلك الشخصيات أو الجهات، وتحقيقا لمصالحهم الخاصة، وبالتالي وقف التحقيقات بشكل، أو بآخر.

إلى ذلك يؤكد الصحفي مصعب الشوابكة أن الكثير المؤسسات الإعلامية في الأردن لا تؤمن بأهمية الصحافة الاستقصائية، وأثرها الإيجابي في المجتمع والدولة ككل، الأمر الذي جعلها تعزف عن تخصيص صحفييها وابتعاثهم في دورات العمل الصحفي الاستقصائي المتخصص.

وتتفق الصحفية منى أبو حمور مع زملاءها وتؤكد أن غالبية المؤسسات الإعلامية في الأردن لا تعقد دورات تدريبية في الصحافة الاستقصائية للصحفيين العاملين فيها، ولا تقدم حوافز لهم في هذا المجال باستثناء كتب الشكر الخطية التي توجه لهم في حال إنجازهم للتحقيقات الاستقصائية، وهذا يتفق مع حديث الصحفية تالا أيوب التي أكدت أن المؤسسات الإعلامية في الأردن لا توفر للصحفيين العاملين فيها ولا تبتعثهما في دورات متخصصة بالصحافة الاستقصائية.

وفي السياق ذاته يؤكد رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة أن صحيفة الغد تبتعث الكثير من الصحفيين العاملين فيها في دورات تدريبية خاصة مرتبطة بالصحافة الاستقصائية والأنماط الصحفية كافة، إلى جانب تقديم الحوافز المادية والمالية في بعض الأحيان، وكتب الشكر الخطية، لكن الحافز المُقدم لا يرتبط بالتحقيق الاستقصائي، وإنما يرتبط بتميز المحتوى الاستقصائي، وما يتركه من أثر في المجتمع.

السياسة التحريرية من أبرز عوائق الصحافة الاستقصائية في الأردن....

تؤكد الصحفية حنان الكسواني أن السياسة التحريرية تشكل عوائق كثيرة في إعداد التحقيقات الاستقصائية؛ لأن طبيعة السياسة التحريرية للمؤسسة الإعلامية التي يصوغها المالك أوهيئة التحرير وفقا لمصالح المؤسسة مع السلطات السياسية ومع المعلنين وما يتفق مع الأيدلوجية الخاصة فيها تمثل تحديًا كبير أمام حرية ممارسة الصحفي الاستقصائي لعمله، إضافة إلى أن السياسة التحريرية تتدخل ومن خلال القائم بالاتصال في طبيعة التحقيق الاستقصائي وشكله ومضمونه قبل نشره؛ لينسجم وفقا لبنود السياسة التحريرية للمؤسسة ومعاييرها.

وعلى سبيل المثال كشفت الصحفية منى أبو حمور أن السياسة التحريرية لإحدى الوسائل الإعلامية التي عملت بها منعتها من تنفيذ فكرة تحقيق استقصائي كانت قد أثبتت فرضيته مسبقا؛ لخشية هيئة التحرير من الاصطدام مع الأجهزة الأمنية.
إلى ذلك تؤكد الصحفية حنان خندقجي أن التأثير في ممارسة الصحفي للعمل الاستقصائي في الوسائل الإعلامية الأردنية يبرز في سياسة التحرير التي تخضع لمالك المؤسسة الإعلامية الذي يقرر ما يمكن نشره وما لا يمكن نشره، وتختلف هذه السياسة من وسيلة إعلامية لأخرى وفقا لطبيعة ملكية الوسيلة، حيث إنّ السياسة التحريرية في المؤسسات الإعلامية التي تتبع للسلطات السياسية تختلف عن السياسة التحريرية للمؤسسات التي تتبع من قبل القطاع الخاص، أو من قبل مؤسسات المجتمع المدني، وهو ما ينعكس على درجة الحريات التي تتباين بين هذه المؤسسات تبعا لملكيتها."

وتشير الصحفية تالا أيوب إلى أن الصحفي الاستقصائي يجب أن يلتزم بمعايير السياسة التحريرية، ومن الضروري في عمله الاستقصائي أن ينتقي الموضوعات والقضايا التي يريد التحقيق فيها، وفقا لما ينسجم ويتفق مع سياسة التحرير للوسيلة الإعلامية التي يعمل بها، وتحت إشراف هيئة التحرير وموافقتها، حتى لو كان ذلك على حساب المعايير والأخلاقيات المهنية الاستقصائية.

في الوقت الذي يؤكد فيه رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة أنّ السياسة التحريرية لأي مؤسسة صحفية تتمحور على المهنية ودقة المعلومات والقضايا ذات القيم المضافة التي يتم تناولها في التحقيقات الاستقصائية، إذ إنّ السياسة التحريرية داخل المؤسسات الصحفية تدعم الصحافة الاستقصائية ولا تقيدها، فيما يرى رئيس هيئة التحرير لصحيفة الأنباط حسين الجغبير أن السياسة التحريرية للمؤسسات الصحفية تدعم الصحافة الاستقصائية، على أن تتوافق مع السياسة العامة للدولة أولاً.

أخلاقيات المهنة

(إلتزام الصحفي بخدمة الصالح العام في ممارسة الصحافة الاستقصائية يؤدي إلى رفع مستوى الحريات الصحفية)...

وفي هذا يتفق الصحفيون الاستقصائيون ورؤساء التحرير في المؤسسات الصحفية على أن ؛ إلتزام الصحفي بخدمة الصالح العام في ممارسة الصحافة الاستقصائية يؤدي إلى رفع مستوى الحريات الصحفية، التي تسهم بدورها في رفع مستوى منظومة مبادئ الحكم الديمقراطي، وحماية المؤسسات من تغولات الفاسدين والطامعين.

وإتفق رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة، ورئيس هيئة التحرير لصحيفة الأنباط حسين الجغبير ورئيسة شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية "أريج" روان الضامن ؛ أن مراعاة أدبيات نشر الجريمة والانتهاكات والتجاوزات، خاصة الجرائم المتعلقة بالأطفال والضحايا، والموازنة بين حق النشر، واحترام خصوصية الأفراد والجماعات، والتزام الصحفيين الاستقصائيين بتحري الحقيقة والدقة والموضوعية في معالجة تحقيقاتهم الاستقصائية، وتجنب التشهير بالشخصيات العامة، من أبرز المعايير الأخلاقية التي تسهم بشكل كبير في نهضة الصحافة الاستقصائية في الأردن.

التكنولوجيا الرقمية

(الصحافة الاستقصائية المدعومة أو المدفوعة بالبيانات لم تحظ بالاهتمام المناسب من قبل إدارات المؤسسات الإعلامية)...

أكد رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة، ورئيسة شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية "أريج" روان الضامن أنّ التكنولوجيا الرقمية الحديثة أسهمت في تطور أشكال الممارسة الاستقصائية في بعض الوسائل الإعلامية التي تمارس عمل الصحافة الاستقصائية في الأردن مثل (قناة المملكة، وقناة رؤيا، وصحيفة الغد، وأكاديمية أريج)، من خلال إدخال أدوات التحقق من صحة المعلومات والصور، والفيديوهات والوثائق، واستخدام الوسائط المتعددة والمواد المساندة (النصوص والصور، والمقاطع الصوتية والفيديو) في مضامين التحقيقات الاستقصائية التي تنتجها وتنشرها.
من جهته يرى الصحفي مصعب الشوابكة أن التكنولوجيا الرقمية دعمت نهوض الصحافة الاستقصائية في الأردن، بإسهام بعض الوسائل الإعلامية في نشر التحقيقات الاستقصائية عبر المواقع الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي المتعددة، وأوجدت أشكالاً صحفية جديدة في إطار الصحافة الاستقصائية مثل صحافة البيانات، وإسهام تقنيات الذكاء الاصطناعي في دعم التحقيقات الاستقصائية.

بينما تؤكد الصحفية حنان خندقجي أن الصحافة الاستقصائية المدعومة أو المدفوعة بالبيانات لم تحظ بالاهتمام المناسب من قبل إدارات المؤسسات الصحفية والإعلامية في الأردن، وأنها ما زالت في بداياتها؛ نظرا لعدم عقد دورات تدريبية في هذه الأشكال الصحفية الداعمة للصحافة الاستقصائية في الأردن.

ويؤكد رئيس هيئة التحرير لصحيفة الأنباط حسين الجغبير أن ثقافة الصحفيين بشكل عام، وصحفيي الاستقصاء بشكل خاص في الأردن باستخدام أدوات التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في موادهم الصحفية وتحقيقاتهم الاستقصائية ما زالت أقل من الحد المطلوب، إضافة إلى أنّ معظم المؤسسات الإعلامية لا توفر هذا النوع من الدورات التدريبية، مشيرا إلى ندرة وجود مدربين في هذا المجال في الأردن، كما إنّ غالبية الوسائل الإعلامية لم تحدث أدواتها التكنولوجية الرقمية، نتيجة ارتفاع تكلفتها وما تمر به وسائل الإعلام من ضائقة مالية بشكل عام خاصة الصحف الورقية؛ مما حدّ من تطوير أساليب الصحافة الاستقصائية، وأثر في ممارستها.

الضغوط السياسية

(الأردن ليس فيه مؤسسات إعلامية مستقلة على الصعيدين السياسي والاقتصادي)....

يؤكد الصحفي مصعب الشوابكة أن الأردن ليس فيه مؤسسات إعلامية مستقلة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إذ إنّ السلطات السياسية ترى أن الصحافة الاستقصائية تشكل عائقا وعبئا عليها، وعلى طبيعة عملها، في حين ترى الصحفية منى أبو حمور أن العمل الاستقصائي غير محبب من قبل السلطة السياسية ومؤسساتها؛ لأن طبيعة هذا النمط من الصحافة يعمل على كشف المستور الذي أخفي عن قصد، كما إنّ الضغوط السياسية تنعكس على تمويل المؤسسات الإعلامية.
فيما تشير الصحفية حنان خندقجي إلى أن التأثير الأكبر للصحافة الاستقصائية يكمن في السلطة التشريعية التي تضع القوانين المتعلقة بممارسة العمل الصحفي والإعلامي دون إشراك رأي الصحفيين في تلك القوانين، إلى جانب أنها تضع وتشرع قوانين لا تتناسب مع حرية العمل الصحفي الاستقصائي وطبيعه.

وتؤكد الصحفية حنان الكسواني أن هناك معادلة مختلفة في العلاقة التي تجمع بين رؤساء التحرير والسلطة السياسية في إطار ممارسة الصحافة بشكل عام والصحافة الاستقصائية بشكل خاص حيث كشفت عن تعرضها لبعض الضغوط السياسية من شخصيات بارزة إثر إجرائها تحقيقا استقصائيا عن خط النفط في العراق في وقت سابق.
وتخالف رئيسة شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية أريج روان الضامن حديث الصحفيبن الاستقصائيين عن الضغوط السياسية التي تتعرض لها الصحافة الاستقصائية في الأردن، وتؤكد أن السلطات السياسية في الأردن تدعم ممارسة عمل الصحافة الاستقصائية، ولا تفرض أي قيود تذكر على ممارستها، إذ إنّ الأردن وافق على إنشاء مكتب لشبكة أريج في الوقت الذي رفضت فيه معظم الدول العربية وجودها فيها.

وفي سياق متابع يؤكد رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة أن هناك علاقة جيدة بين المؤسسات الصحفية والسلطة السياسية، إذ إنّ هذه العلاقة تستند إلى أساس الحوار وليس على أساس التبعية؛ فرأي السلطة السياسية غير ملزم للمؤسسة الصحفية مع أنّ السلطة السياسية أو المؤسسات الحكومية يمكنها التلاعب بحجم الإعلانات المفروضة عليها بحكم القانون كشكل من أشكال الضغط على المؤسسات الإعلامية؛ لمنع نشر التحقيقات الاستقصائية التي تكشف الفساد في المؤسسات، أو تجاوزات الشخصيات ذات النفوذ السياسي.

الضغوط الأمنية

(لا يوجد في الدولة الأردنية جهة رسمية تملي على الصحف ما يجب أن تكتب أو لا تكتب)...

توضح الصحفية منى أبو حمور أن الصحفي الاستقصائي الذي يعمل وفقا لمعايير عالية الجودة، ويراعي المعايير الأخلاقية والأسس المهنية في ممارسة الصحافة الاستقصائية، لا يهتم بالضغوط الأمنية، ويعلم أن موقفه سليم مهنيًا وأخلاقيًا وقانونيًا.
وتؤكد الصحفية حنان خندقجي عدم تعرضها لأي شكل من أشكال المضايقات أو الاغراءات من قبل الأجهزة الأمنية طيلة مسيرة عملهما في الصحافة الاستقصائية في مختلف وسائل الإعلام التي عملت فيها في الأردن.

وتتفق رئيسة شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية أريج روان الضامن مع الخندقجي أن الصحفيين العاملين في شبكة أريج لم يتعرضوا منذ تأسيس الشبكة في الأردن لأي طلبات، أو مضايقات من قبل الأجهزة الأمنية.

ويشير رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة إلى أن هناك علاقة جيدة تربطه مع الأجهزة الأمنية في الأردن بصفته رئيس تحرير، ولا يوجد في الدولة الأردنية جهة رسمية تملي على الصحف ما يجب أن تكتب أو لا تكتب، لكن ما يحدث بين الوسائل الإعلامية والأجهزة الأمنية هو حوار وغير ملزم، فتقتنع الوسائل الإعلامية أحيانًا وتستجيب، وفي بعض الأحيان لا تقتنع وتمارس عملها الصحفي الاستقصائي بكل حرية.

القوانين والتشريعات الصحفية

(ترسانة من التشريعات يتجاوز عددها (45) قانونا جميعها تحد من ممارسة الصحافة الاستقصائية)....

يؤكد الصحفي مصعب الشوابكة أنه يوجد في الأردن ترسانة من التشريعات يتجاوز عددها (45) قانونا جميعها تحد من ممارسة عمل الصحافة الاستقصائية، وتفرض على الصحفي الاستقصائي قيودا مشددة، إذ أصبحت أساليب العمل الصحفي الاستقصائي مجرمة من وجهة نظر القانون؛ بسبب تعدد هذه التشريعات، الأمر الذي لم يدع للصحفي الاستقصائي مساحة من الحرية تمكنه من إجراء تحقيقاته الاستقصائية وتنفيذها."

وتتفق الصحفية حنان الكسواني مع أن قانون حق الحصول على المعلومات مجرد شكل من أشكال القانون، ليس له أي فاعلية في التطبيق، وفي حال استخدام الصحفي حقه القانوني وأرسل تساؤلاته إلى الجهة الرسمية المستهدفة فغالبا لا يتم الرد عليها، وفي حال تم الرد فإن الإجابات لا ترد على مضامين الأسئلة، وغير مرتبطة بها لا من قريب ولا من بعيد، إضافة إلى أن المدة التي يستغرقها الرد على الطلب طويلة جدا ما يؤثر في مسار التحقيق الاستقصائي."

ويؤكد رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة أن قانون حق الحصول على المعلومات مجرد قانون وهمي لا أهمية فعلية له في عمل الصحافة الاستقصائية والصحافة بشكل عام، فيما ترى رئيسة شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية أريج روان الضامن أن الصحفيين الاستقصائيين يستخدمون في غالب التحقيقات حقهم في هذا القانون، إلاّ أنهم لا يتلقون الردود من المؤسسات التي وجهوا لها الأسئلة، وإن تم الرد فإنه يصل بعد مدة طويلة، وتكون الإجابات لا علاقة لها بما تبحث عنه الأسئلة؛ مما يترتب على ذلك تحديات كبيرة مع المصادر المتنوعة، ومن أبرزها عدم ثقة المصادر في الصحفي الاستقصائي. "

من جهته قال محامي نقابة الصحفيين الأردنيين المتخصص في التشريعات الإعلامية محمود قطيشات إن قانون حق الحصول على المعلومات "ولد مشوها"، وهو ما يتفق مع وصف المحامي المتخصص في التشريعات الإعلامية الدكتور صخر الخصاونة للقانون بأنه "عوار تشريعي"، إلى جانب أنّ القانون يتضمن خللا تشريعيا في المادة (13) الخاصة بالاستثناءات التي تشمل كل مناحي الحياة الاقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية في الأردن، وتمنع الصحفي من الحصول على المعلومات عنها.

وحول قانون منع الإرهاب تؤكد الصحفية الغد حنان الكسواني أن جريمة تعكير صفو علاقات مع دول صديقة وفقا لقانون منع الإرهاب في الأردن من أبرز عوائق حرية ممارسة عمل الصحافة الاستقصائية في الأردن، ويمكن بتوجيه هذه التهمة اصطياد الصحفي الاستقصائي وحبسه، خاصة أن الكثير من التحقيقات الاستقصائية التي يتم إجراؤها تكون مرتبطة باتفاقيات دولية وعلاقات دبلوماسية ومصالح مشتركة مع دول أجنبية.

ويوضح المحامي المتخصص في التشريعات الإعلامية الدكتور صخر الخصاونة أن قانون منع الإرهاب من أبرز العوائق التي تقف أمام حرية ممارسة عمل الصحافة الاستقصائية في الأردن، إذ إنّ هناك مواد في القانون لا تميز بين الصحفي والمواطن العادي في الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي خاصة جريمة تعكير صفو علاقات مع دول صديقة التي تمارس من خلال الكتابة والتصوير ولا تخضع لقانون المطبوعات والنشر، مبينا أنها من اختصاص محكمة أمن الدولة، حيث تتم محاكمة من يخرق مواد هذا القانون في محكمة أمن الدولة بغض النظر عن صفته المهنية سواء كان صحفيا، أم مواطنا عاديا.
ويؤكد محامي نقابة الصحفيين الأردنيين محمود قطيشات أنّ هناك الكثير من الجرائم لم تعرَّف في قانون الجرائم الإلكترونية؛ كما إنّ قانون منع الجرائم الذي يتم بموجبه تنفيذ التوقيف الإداري بحق الصحفيين يمكن أن يشكل قيدًا رئيسا على حرية الصحفي الاستقصائي في حال تم تطبيقه، إضافة إلى أنّ قانون المطبوعات والنشر يساوي في المعاملة قانونيًا بين الصحفي الاستقصائي المسجل في نقابة الصحفيين، والصحفي الاستقصائي غير المسجل فيها ممن يعملون في وسائل الإعلام المطبوعة والمواقع الرقمية الإخبارية، فيما الصحفيون الاستقصائيون العاملون مع منظمات ووكالات خاصة يحاكمون وفقا لقانون العقوبات، ويطبق قانون المرئي والمسموع على الصحفيين الاستقصائيين العاملين في وسائل الإعلام المتلفزة والمسموعة (الإعلام الإلكتروني)، لكن، جميع الصحفيين الاستقصائيين في الأردن سواء كانوا منتسبين للنقابة، أم لا يطبق عليهم قانون الجرائم الإلكترونية.

ويؤكد الخصاونة أن المواد (15،16،17) من قانون الجرائم الإلكترونية تشكل قيدًا على حريات العمل الصحفي الاستقصائي، حيث إن هناك الكثير من الجرائم في هذه المواد لم يعرفها المشرع الأردني بشكل واضح، إلى جانب أنّ قانون منع الجرائم يُعد من أبرز عوائق ممارسة العمل الصحفي بشكل عام، والصحافة الاستقصائية بشكل خاص، على الرغم من دوره الكبير في حفظ الأمن والنظام المجتمعي.

وحول دور نقابة الصحفيين في حماية الصحفيين الاستقصائيين يتفق الصحفيون على أن نقابة الصحفيين لا تؤدي دورها تجاه حماية الصحفيين الاستقصائيين، فتقول الصحفية منى أبو حمور إن نقابة الصحفيين لم تعقد دورات في الثقافة القانونية للصحفيين العاملين في الصحافة الاستقصائية.

(نقابة الصحفيين لم تتوان عن تقديم الدعم والمساندة القانونية لكل صحفي يتعرض للتوقيف أو للمحاكمات من قبل القضاء الأردني)...

في الوقت الذي يؤكد فيه محامي نقابة الصحفيين محمود قطيشات أن نقابة الصحفيين ومنذ تأسيسها لم تتوان عن تقديم الدعم والمساندة القانونية لكل صحفي يتعرض للتوقيف أو للمحاكمات من قبل القضاء الأردني، وذلك من خلال تعيين محامي دفاع على نفقة النقابة في حال كان التوقيف أو المحاكمة متعلقة بحرية الرأي أو المطبوعات والنشر، إضافة إلى أن نقيب الصحفيين الأردنيين أو نائبه يجب أن يحضر محاكمة الصحفي وفقا لقانون النقابة، كما إنّ النقابة لم تسجل في تاريخها توقيف أو محاكمة صحفي مسجل في نقابة الصحفيين الأردنيين بسبب نشره تحقيقا استقصائيا، مشيرا إلى أنّ (95%) من قضايا الصحفيين المنتسبين لنقابة الصحفيين يخرجون من القضاء بـعدم مسؤولية وفق آخر إحصائية أجرتها النقابة، نظرا لتقدم فكر القضاة الأردنيين وعقليتهم وطبيعة تحليلهم لحيثيات القضايا التي يتم رفعها ضد الصحفيين.

وهذا ما يؤكده ويتفق معه الدكتور المحامي صخر الخصاونة، بقوله إن واجب نقابة الصحفيين الحفاظ على مصالح منتسبيها وحمايتهم وتوفير بيئة عمل آمنة لهم، ولها دور كبير في متابعة أعمال الصحفيين، ولا تقتصر في واجبها تجاه منتسبيها حال تعرضهم للقضاء".

ويتفق القطيشات مع حديث الخصاونة حول أن الصحفيين بشكل عام والاستقصائيين بشكل خاص في الأردن تنقصهم الثقافة القانونية الخاصة لممارسة العمل الصحفي والاستقصائي، إلى جانب أن معظم الصحفيين يستقون ويتغذون قانونياً من غير المتخصصين في القانون، ويفضلون عدم استشارة القانونيين المتخصصين في قضايا الحريات والممارسة الصحفية، كما إنّ معظم المؤسسات الصحفية والإعلامية في الأردن لا توفر لصحفييها مستشارين قانونيين يطلعون على خطة سير التحقيقات الاستقصائية قبل النشر، الأمر الذي يوقعهم في الفهم الخاطىء للممارسة الاستقصائية، إضافة إلى أن ممارسة الصحافة الاستقصائية تعد حالة استثنائية على القواعد القانونية في الحصول على المعلومات توجبها الضرورة العامة ولولاها لما سمح للصحفي بالتحايل على المعايير والضوابط القانونية والمهنية للعمل الصحفي في الأردن.

ويشير القطيشات إلى أن "نقابة الصحفيين الأردنيين ملزمة وفقا لقانونها الداخلي بتدريب الصحفيين المسجلين على سجل التدريب على الثقافة القانونية، مشيرا إلى استحداث النقابة "وحدة المساندة القانونية"، التي تتمثل وظيفتها في تقديم كل أشكال الدعم والتثقيف القانوني للصحفيين الأردنيين قبل نشر موادهم الصحفية والاستقصائية، لكن العائق الأكبر يقع على عاتق الصحفي نفسه، إذ إن معظم الصحفيين في الأردن لا يعملون على تثقيف أنفسهم قانونياً، الأمر الذي يوقعهم في الكثير من المشاكل القانونية؛ وبالتالي إحالتهم للقضاء، وهذا يرجع إلى نقص الثقافة القانونية لديهم، إلى جانب انخفاض جودة البرامج التدريبية الخاصة بالثقافة القانونية، التي تنفذها بعض المؤسسات الإعلامية وبعض المراكز التدريبية، بدعم مالي من بعض المنظمات الدولية العاملة في الأردن.

السياسة الاقتصادية

(الموارد المالية تمثل التحدي الرئيس الذي يقف عائقا أمام ممارسة العمل الصحفي الاستقصائي).....

يتفق الصحفيون على أن المؤسسات الصحفية والإعلامية الأردنية، لا تقدّم دعمًا ماليًا لرفد وحدات الصحافة الاستقصائية وأقسامها، لإجراء التحقيقات الاستقصائية وتنفيذها، إلى جانب تخصيص دعم مالي لابتعاث الصحفيين في دورات تدريبية متقدمة لتطوير الممارسة المهنية في الصحافة الاستقصائية.

الصحفي مصعب الشوابكة يؤكد أن هناك علاقة تربط بين الصحفي الاستقصائي والمؤسسة الإعلامية من جهة، والصحفي الاستقصائي والمؤسسة الإعلامية والمعلنين من جهة أخرى، ويصف هذه العلاقة بعلاقة تبادل المصالح المشتركة.

ويتفق رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة مع رئيس هيئة التحرير لصحيفة الأنباط حسين الجغبير على أن الموارد المالية تمثل التحدي الرئيس الذي يقف عائقا أمام ممارسة العمل الصحفي الاستقصائي، إذ إن نقص هذه الموارد يعني تحول التحقيق الاستقصائي إلى تحقيق تقليدي، أو تقرير معمق، إلى جانب أنّه في حالة تعارض التحقيق الاستقصائي أو المادة الصحفية مع سياسة المعلنيين يتم وقف التحقيق؛ نظرًا لما يشكله المعلنيون من روافد مالية للمؤسسات الإعلامية، الأمر الذي يعد من أبرز العوائق للصحافة الاستقصائية، وكشفا عن أن السبب الرئيس في إلغاء وحدة الصحافة الاستقصائية في صحيفتي الغد والأنباط يعود إلى أسباب مالية وارتفاع التكلفة المالية للوحدة الاستقصائية.

القيم الاجتماعية

(الكثير من الصحفيات الاستقصائيات تعرضن لحملات من خطاب الكراهية والإهانات وتشوية السمعة عبر منصات التواصل الاجتماعي والرسائل الهاتفية).....

تؤكد الصحفية حنان الكسواني أن الصحافة الاستقصائية لا تحظى بقبول في المجتمع الأردني؛ نظرًا لعدم تفهمه لماهية الصحافة الاستقصائية وأهميتها وأثرها الإيجابي، خاصة أنها نمط صحفي حديث الولادة في المجتمع الأردني، إذ إنّ هناك الكثير من التعديلات التي يتم إجراؤها على التحقيقات الاستقصائية التي تعالج المواضيع والقضايا المرتبطة بالقيم الاجتماعية؛ لتتفق وتنسجم مع حدود القيم الاجتماعية السائدة في المجتمع الأردني، الأمر الذي يفقد التحقيقات الاستقصائية عددًا من المعايير المهنية.

ويشير الصحفي مصعب الشوابكة إلى أن القيم الاجتماعية تؤدي دورًا سلبيًا وتشكل عائقا أمام ممارسة الصحافة الاستقصائية بشكل مهني وفق معايير وأسس مهنية متوازنة، فيما تكشف الصحفية تالا أيوب عن عدم اهتمامها بإجراء تحقيقات استقصائية في مواضيع وقضايا مرتبطة بالقيم الإجتماعية؛ نظرًا لحساسيتها في المجتمع الأردني، وعدم تفهم الكثير من أفراد المجتمع طبيعة معالجة الصحافة الاستقصائية لهذه القضايا.

وتوضح رئيسة شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية أريج روان الضامن أنّ هناك الكثير من الموضوعات والقضايا التحقيقية لا يتقبلها المجتمع الأردني، نظرا لمتانة العادات والتقاليد والأعراف في المجتمع الأردني، لكن في المقابل هناك الكثير من الصحفيين الاستقصائيين الذين استطاعوا تكييف القيم الاجتماعية في تحقيقاتهم، ولم تؤثر في سير تحقيقاتهم الاستقصائية ولم تدخلهم في دائرة التحيز الشخصي، مشيرة إلى أنّ الكثير من الصحفيات الاستقصائيات العاملات في شبكة أريج تعرضن لحملات كبيرة من خطاب الكراهية والإهانات وتشوية السمعة عبر منصات التواصل الاجتماعي والرسائل الهاتفية، على إثر نشرهن تحقيقات استقصائية عالجت قضايا حساسة في المجتمع الأردني كالشذوذ الجنسي، والمرأة، والمخدرات".

وتؤكد الصحفية حنان الكسواني أن الصحفيات الاستقصائيات يتعرضن لحملات تشوية بعد نشرهن لتحقيقاتهن الاستقصائية، خاصة إن كانت تحقيقات تتناول قضايا حساسة في المجتمع الأردني كالدعارة والشذوذ، لكن إن تم نشر هذه التحقيقات من قبل صحفيين ذكور تختلف ردة الفعل من قبل المجتمع، مشيرة إلى أنها مُنعت من إجراء عدد من التحقيقات في القضايا المرتبطة بالعقيدة مثل التيارات العلمانية والسلفية والدينية من جميع الأديان؛ بذريعة أنها تحقيقات استقصائية ستسهم في نشر خطاب الكراهية، وأنّ المجتمع الأردني ينتمي في غالبيته إلى عقيدة دينية واحدة، الأمر الذي سيشكل ردود فعل غاضبة وواسعة تصل خطورتها إلى حياتها الشخصية، إلى جانب الخطر الذي تشكله هذه التحقيقات في العلاقة التي تجمع المؤسسة الصحيفة مع المعلنيين من منتمي تلك التيارات والمذاهب والعقائد، كما منعت من إجراء تحقيق استقصائي عن الفتاوى الإسلامية، ودرجة ارتباطها بحقوق الإنسان؛ خشية تصادم الوسيلة الإعلامية مع رجالات الدين والمجتمع؛ مما سيؤثر في سمعتها، وانتشارها اقتصاديًا واجتماعيًا.

ويتفق مع هذه الرؤى رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة ؛ أن الصحافة الاستقصائية لا تحظى بقبول مجتمعي في الأردن، إذ إنّ الكثير من أفراد المجتمع الأردني لا يتفهمون طبيعة عمل الصحافة الاستقصائية والموضوعات والقضايا التي تكشفها وتعالجها، وكشف أن صحيفة الغد تعرضت لعدة هجمات من أفراد المجتمع إثر تحقيقات نشرتها عن قضايا مرتبطة بالقيم الاجتماعية وموضوعات من التابوهات المغلقة؛ لاعتقاد المواطنين أن الصحيفة تروج وتسوق لتلك الأفكار ولا تعالجها، وهذا ما يثبت عدم تفهم المجتمع وإدراكه لمعالجة هذا النمط من الأنماط الصحفية للقضايا والموضوعات الحساسة.

كيف ننهض بـ الصحافة الاستقصائية في الأردن ..؟

أجمع الصحفيون الاستقصائيون والخبراء في الصحافة بشكل عام على مجموعة من المقترحات والتوصيات لـ النهوض بـ الممارسة المهنية للصحافة الاستقصائية في الأردن من أبرزها استحداث وحدة مشتركة متخصصة في الصحافة الاستقصائية بين عدد من الوسائل الإعلامية؛ نظرا للأزمات المالية التي تمر بها هذه الوسائل، الأمر الذي يخفف من الأعباء المالية عليهم، ويخدم المصلحة العامة بنتاجها الاستقصائي، إضافة الى إستحداث ميثاق يوضح أخلاقيات الممارسة المهنية الاستقصائية بشكل خاص في الوسيلة الإعلامية الواحدة، وعقد دورات تدريبية متخصصة في الاستقصاء الصحفي للصحفيين العاملين فيها.

إلى ذلك إقترح المتخصصون أن تعمل الوائل الإعلامية على توفير الأدوات والأجهزة التكنولوجية الرقمية الحديثة للصحفيين الاستقصائيين، إضافة إلى ابتعاثهم للمشاركة في دورات متخصصة في الإعلام الرقمي، وأدواته الحديثة، وتخصيص صحفي واحد على الأقل في الوسيلة الإعلامية، وتفريغ كل وقته للعمل على إنتاج التحقيقات الاستقصائية، ومنحه الحرية الكاملة في معالجة القضايا والموضوعات، التي تهدف لتحقيق العدالة.

إضافة إلى إعطاء الأولوية في التشغيل الى خريجي تخصص الصحافة والإعلام، عوضا عن تشغيل دخلاء الإعلام؛ نظرا لكون الصحافة بشكل عام والصحافة الاستقصائية بشكل خاص لا تعتمد على الموهبةـ علاوة على استمرار الصحفي الاستقصائي بإنتاج التحقيقات الاستقصائية وإجرائها في عمله الصحفي في المؤسسات الإعلامية، حيث أن الكثير من الصحفيين الذين يجرون التحقيقات الاستقصائية مع شبكة أريج في البرامج المدعومة يتوقفون عن إنتاج التحقيقات الاستقصائية بعد انتهاء هذه البرامج.

إضافة الى تفعيل دور نقابة الصحفيين من خلال عقد دورات متخصصة في الصحافة الاستقصائية للصحفيين العاملين في وسائل الإعلام الأردنية المتعددة، وتفعيل وحدة المساندة القانونية في النقابة، وتوسعة مستوى انتشارها بين الصحفيين والوسائل الإعلامية، وعقد وتنظيم دورات مكثفة متخصصة في إعادة بناء الثقافة القانونية لدى الصحفيين بشكل عام، والصحفيين الاستقصائيين بشكل خاص، اضافة الى تفعيل الذراع الرقابي على طبيعة ونوعية المدربين، وجودة برامج تدريب الصحافة الاستقصائية التي يتم طرحها في المراكز التدريبية الخاصة، وبعض المؤسسات الإعلامية في الأردن.

وحول الضغوط السياسية إقترح المتخصصون أن يدرك مسؤولو السلطات السياسية في الأردن أهمية الصحافة الاستقصائية الإيجابية، وتأثيرها في المجتمع والدولة، وعدها شريكا لهم في تطوير مسارات التصحيح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وتقديم الدعم للوسائل الإعلامية التي تمارس الصحافة الاستقصائية، خاصة أن العامل الأبرز في الحد من ممارسة هذا النمط الصحفي المهم هو قلة الدعم والتمويل، علاوة على مقترح التعامل بجدية مع نتائج التحقيقات الاستقصائية التي تنتجها الوسائل الإعلامية، وتقديم المتورطين والفاسدين إلى القضاء لتحقيق العدالة، وعدم التدخل في مسار التحقيقات الاستقصائية التي تجريها وسائل الإعلام في تناولها التحقيق في فساد سياسي، وعدم التعامل بردود الأفعال مع الوسائل الإعلامية التي تجري التحقيقات الاستقصائية، وتكشف الفساد الذي قُصد إخفاؤه، بقطع الدعم المالي، أو التلويح بقطع الإعلانات، وما شابهها.

وطالبوا بـ أن تكون العلاقة بين السلطات السياسية ووسائل الإعلام قائمة على أساس الحوار، وليس على أساس التبعية، وإعادة النظر في قانون "حق الحصول على المعلومات من حيث التطبيق والمضمون خاصة المادة (13) من القانون، واستثناء الصحفيين بشكل عام، والصحفيين الاستقصائيين بشكل خاص من المحاكمة أمام محاكم أمن الدولة وفقا لقانون منع الإرهاب، علاوة على إعادة النظر في المواد القانونية (15،16،17) من قانون الجرائم الإلكترونية، التي تعد مساسا، وقيدا مباشرا على حرية الصحفي الاستقصائي، واستثناء الصحفيين من التوقيف الإداري وفقا لقانون منع الجرائم، لما فيه مساس مباشر بحرية الصحفي الاستقصائي بشكل خاص.

مصدر المعلومات : دراسة العوامل المؤثرة في عمل الصحافة الاستقصائية في الأردن للباحث العلمي والصحفي خليل النظامي