الأنباط - حسين الجغبير
في الوقت الذي شرح فيه جلالة الملك للأمريكان خطورة ما تذهب إليه الأوضاع في قطاع غزة، وتأكيده على ضرورة وقف اطلاق النار، وأن الحل الوحيد للأزمة في المنطقة يكمن في حل الدولتين، تسارعت ردود الأفعال نتيجة خطاب الملك من داخل البيت الأبيض، مقر إدارة الحرب على غزة، ومنبع الانحياز الأميركي الواضح مع دولة الاحتلال على حساب عشرات الألاف من الشهداء والمصابين، ومئات الآلاف ممن هجروا منازلهم بعد تدميرها وباتوا حبيسي الفضاء.
في حين أشادت شعوب المجتمع الغربي، وعلى رأسهم الشارع الأميركي بحديث جلالة الملك الذي وصف بأنه الحديث الأكثر وضوحا وصراحة وقدم رواية حقيقية لما يجري، وأظهر خطورة استمرار الحرب، لم يتوان اليهود عن الهجوم على كلمة الملك، الذي كان شجاعا وفارسا في قوله، وصادقا في قراءته للواقع والمستقبل.
لم يستوعب أبناء اليهود أن هناك زعيما يقول ما قاله الملك من داخل البيت الأبيض، الذي لا يتوانى عن تصديق اكاذيب دولة الاحتلال ويمدها بالمال والسلاح لمواصلة حربها على الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، في حين قطعان المستوطنين يمارسون كل اصناف التطرف في الأراضي المحتلة.
الرواية الصهيونية هي التي طالما كانت تسيطر على المجتمع الأميركي، وهذا يعني أن ما قام به جلالة الملك هو شرح ما يجري للأمريكان من زاوية مختلفة، أي رواية أخرى تؤثر حتما في القدرة المعرفية والادراكية لهذا المجتمع لحقيقة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وهذا الأمر الذي شكل ألما كبيرا لدولة الاحتلال قيادة وشعبا، وأطلق العنان لبراغيثهم لأن يهاجموا كلمة جلالته، في محاولة فاشلة منهم لتشويه الحقيقة، وطمسها.
منذ بدء حرب الابادة الصهيونية بحق الأشقاء في قطاع غزة، والرواية الأردنية، والتحرك الدبلوماسي لجلالة الملك تسبب في صداع كبير لدولة الاحتلال، التي فقدت مصداقيتها عالميا، وهي تلفق الأكاذيب باستمرار. لذلك لم يسلم الأردن من هجوم الإعلاميين الصهاينة والذباب الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة منه للتأثير على الموقف الأردني، في حين استمرت حكومة الاحتلال بممارسة ضغوطها على العالم في محاولة منها لإسكات الأردن ووقف تحركاته التي تهدف إلى نصرة الأشقاء. لكن الاحتلال لم ينجح، ولن ينجح في ذلك، لأن إيمان جلالته بعدالة القضية الفلسطينية وحق الشعب في تقرير مصيره، واقامة دولته، رسالة لا يمكن التنازل عنها، أو التخاذل في حمل لوائها.
في المقابل كانت اشادة واسعة من الجمهور الأميركي الذي قدم شكره لجلالة الملك كونه أوصل لهم الصورة بشكل واضح، وصريح، وكشف لهم حقيقة الأمور، وقد ترك حديث جلالته أثرا بالغا، خصوصا وأنه صدر من رجل يتمتع بحكمة، وسمعة طبية عالميا، ومن أين؟. من داخل أروقة البيت الأبيض في قلب العاصمة الأميركية واشنطن.
لم يكتف الأردن طيلة أيام الحرب في تقديم المساعدات الانسانية، والتحرك الدبلوماسي لوقف الحرب، وحشد الدعم الدولي للأشقاء في فلسطين، بل أنه يواصل معركته في سبيل ذلك، بكل ما أوتي من قوة، ولن يثنيه نباح الصهاينة واحتجاجهم، في المقابل يشكل تفهم الشارع الغربي لوجهة النظر الأردني دافع قوي لمواصلة مخاطبتهم حتى يدركوا جيدا حقيقة الأمور ويشكلون ضغطا على حكومات بلادهم للعمل بجد من أجل وقف اطلاق النار. هذا الأردن الذي نفخر به أبناء هذا الوطن، وهذا القائد الذي يقال عنه فارس نلتف حوله وندعمه ونسانده بكل ما أوتينا من قوة.