البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

ماذا يحدث في غزّة؟

ماذا يحدث في غزّة
الأنباط -
إعداد: سليم النجار- وداد أبوشنب
" مقدِّمة"

مفردة "السؤال" وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي٠
في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟
وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠
الكاتبة التونسية فتحية دبش المقيمة في باريس تكتب لنا من زاويتها "ماذا يحدث غزة"؟

غزة التي في خاطري جرح يتمدد وينحسر
فتحية دبش /كاتبة تونسية مقيمة في باريس

غزّة التي هي الآن في متناول يدي كما لم تكن أبدا، قريبة منّي كما لم تكن أبدا، كأنّني أمشي على برِّها وبحرها دون أن أفعل ذلك يوما... أسير مع من يسير، أختفي مع من يختفي، أمشي مع من يمشي، أموت مع من يموت وأحيا مع من يحيا. ثمّ وبعد كلّ صوت قصف وقبله أنظر إلى نفسي وأتساءل: هل يمكن للكلام أن يخبر عن الحقيقة من زيفها؟
أتابع يوميا أخبار غزّة وأتعمد تقاطع الأخبار بحثا عن الحقيقة الأقرب إلى المنطق. أقرأ يوميا ما يكتبه بعض الأصدقاء من داخل غزّة والبعض الآخر من خارجها، أعكف بين لحظة وأخرى على كتابة أخرى، ولكنني غالبا ما أندس خلف عدسة المؤثرين في مختلف المواقع لأنظر من الداخل ولأدرك كم صارت غزّة مكانا مفتوحا يتّسع ثراه إلى آلاف الأعين المتسلِّلة مثلي. كم صارت الرؤية واضحة الآن وقد سقطت جدران غزّة ورفعت كلّ الحواجز وبان ذلك القبح التي يحرج العالم.
أتسلل مع المتسللين، حريصة على تبيّن التراب من الدّم، حريصة على ألاّ أضع قدمي على جمجمة لم يمحُ القصف ابتسامتها ولا جفّف غبار الحرائق دمعتها، حريصة على المشي دون أن أدوس على ذراع طائشة لامرأة كانت أو لرجل، صغيرة كانت أو كبيرة، أو جسد رضيع بلا رأس ولا مفاصل طوّحته القذائف كما يرمي اللاعبون بحجر النرد. كبرت رؤيتي أو كبر وعيي فتوقّفت عن بكاء الأيّام الأولى من المجزرة وتحوّلت إلى محاولة الكتابة. أدركت أخيرا أو متأخِّرا أنّ الكتابة دمع الرّوح الأبقى وأنّها أيضا رصاصة معلّقة ببطن علم أبيض لا يريد الاستسلام بقدر ما يريد أن يقول للعالم: انظر إليّ! لست رقما، لست ظلّا، لست عدما، إنما أنا بشر يسعى!
غزّة التي صرت أعرفها وأعرف شوارعها التي وضعت أرصفتها على ذمّة الأجساد منزوعة الأرواح، أعرف عماراتها الشاهقة التي سقطت من أجل أن تنكشف الحقيقة جليّة، أعرف بحرها الذي اختلط ماؤه بدماء أهله الذين كانوا حين يريدون التعرف على العالم يجلسون على شطوطه المنحسرة ويحلمون.
كيف يعيش إنسان بين جدار إسمنتي وبحر مليء بالغموض وبارتداد البصر وسماء تتحوّل فصولها ولا تتحوّل ألوانها؟ كيف يموت إنسان تحت قصف السماء والجوّ والأرض؟ كيف يعبر إنسان الحياة والموت وكل جرمه أنه غزّيّ!
أنا وأنت وكلّنا نعرف الإجابة: لم يموتوا لأنّهم غزازوة وإنّما لأنّ صمت العالم قاتل ومجرم وسفاح وجبان! لأنّ غزة تفضح العالم! لأنّ غزّة تثبت أنّها الأرض الوحيدة في العالم حيث يولد الإنسان عظيما ويموت واقفا كالشجر وسينبعث انبعاث الأنبياء.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير