الأنباط - حتى لا تدخل تصريحات الرئيس الأمريكي في سياق شراء الوقت ويتم الالتزام بها اسرائيليا واتخاذها بجدية، فمن المهم ان تقرن تصريحات الرئيس بايدن ببيان وقف اطلاق النار بعدما بين فيها ان اسرائيل خسرت كل داعميها، بخسارة مجموعة العيون الخمسة الخاصة و تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الذى كشف عنها الغطاء السياسي فى معركة حرب غزة، كما حث نتنياهو لضرورة إعادة تشكيل بيته الحكومي من اجل الوصول الى تسوية سياسية شاملة وضرورة دعم السلطة الفلسطينية وتمكينها بما يجعلها قادرة لتحقيق دورها المطلوب.
وهو ما ينتظر أن يأتي في إطار (حل اقليمي شامل) تسعى لبلورة الادارة الامريكية لترتيب منطقة الشرق الاوسط بكل تفاصيلها، وتحديد الادوار الوظيفية الجديدة للجميع بما فى ذلك إيران وجيوبها واسرائيل بإطار حركتها التى يجب أن تكون منضبطة بالمقياس العام، وهو ما يعنى وقف توسيع الجغرافيا السياسية الاسرائيلية والاكتفاء بتوسيع نفوذها عبر تطوير العلاقات مع محيطها وتمكينها من شرعية الوجود السياسي فى المنطقة، وهو المتغير الضمنى الذى حملته رسالة الرئيس بايدن لبيت القرار الاسرائيلي الذي مازال يغرق فى وحل غزة دون نتيجة استراتيجية واضحة بعدما تاهت عنه البوصلة السياسية وبات غير قادر لتحديد أهداف المعركة التى يخوضها بهستيريا واندفاع شديد.
بيان الرئيس بايدن بعد فشل نتنياهو من استقطاب الرئيس بوتين لمعركته فى الاتصال الهاتفى الذى جرى بينهما والذي استمر حوالي الساعة، كان واضح كما قوبل طلب تهجير الفلسطينيين بالرفض من قبل نيوزيلاندا واستراليا وكندا والذين قاموا باصدار بيان اكدوا فيه ضرورة وقف اطلاق النار وبينوا عبره بشكل ضمني رفع الغطاء السياسي عن حرب نتنياهو ومعركته فى غزة، هذا اضافة الى التقارير الأمنية التى ذهبت لبيان واقع الحال فى معركة غزة اضافة لتقديرات الميدانية أخرى التى بينت ضرورة عدم توسيع نطاق المعارك فى المنطقة فى اليمن كما في لبنان وسوريا والعراق.
إذن قرار خفض نطاق العمليات فى قطاع غزة اتخذ، ومرحلة اعادة تشكيل جملة التعاطي الميداني قد بدأت، وهو ما سيعمل بلورته مستشار الأمن القومي جيك سوليفان فى زيارته لإسرائيل والمنطقة كما سيقوم لاعادة صياغته ميدانيا وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن، الذي يقوم ايضا بزيارة لإسرائيل والمنطقة فى جملة إعادة التأهيل الميداني وصياغة البيان السياسي المتبعة والتى ستسمح كما ينتظر بإنزال الجميع عن شجرة التصعيد عبر سلالم اصطناعية يتم إعدادها لهذه الغاية تسهم بحفظ ماء الوجهه للجيش الاسرائيلي بعدما فقد هيبته في وحل غزة وللحكومة الاسرائيلية التى فقدت هى الاخرى فرض مشروع حل الدولة الواحدة بالقوة والتهجير.
وفى هذه الاثناء مازلت الاجتهادات منصبة حول كيفية مشاركة قوى المقاومة الفلسطينية (حماس والجهاد) فى إدارة حكم غزة بعد قرار الهدنة الطويلة الذي يتوقع أن يصدر عن مجلس الأمن، والتى تريد اسرائيل تدويل حكم قطاع غزة بالمحتوى والمضمون بهدف تسويف عناوين الجغرافيا الفلسطينية، بينما تصر الولايات المتحدة لتكون فلسطينية مؤيدة عربيا وافريقيا تأكيدا منها على الجغرافيا السياسية الفلسطينية عند الشروع ببيان الدولة الفلسطينية بقرار أممي سيصدر لهذه الغاية، تصبح بموجبه فلسطين دولة كاملة العضوية في الامم المتحدة وهى الجملة التى ينتظر أن تأتي عقب الانتهاء من مسرح العمليات الميدانية مع نهاية هذا العام.
حيث يتوقع خلالها ان يطغى المشهد السياسي عن الأداء الميداني نتيجة خفض مستوى العمليات الميدانية وإطلاق أجواء سياسية تتطلب من الجميع الاجابة عن الاسئلة الخاصة باعادة البناء الهيكلي لمنظمة التحرير الفلسطينية من على أرضية سياسية توافقية يشارك فيها الجميع من أجل إجراء انتخابات تشمل الضفة والقدس والقطاع.
على أن تجرى هذه الانتخابات بترتيبات دولية وليس فقط برعاية دولية ويتم ايضا إطلاق مشروع بناء قطاع غزة، بما يجعله منطقة اقتصادية خاصة ويعمل ضمن احكام وترتيبات أمنية خاصة تشارك بريطانيا في اعدادها مع القوات الامنية الفلسطينية ... ولحين انتهاء المفاوضات الجارية فى أوروبا التى تجرى بمشاركة اقليمية وامريكية امنية، واعادة تاهيل البيت الداخلي الاسرائيلي ستبقى المنطقة تنتظر كلمة الفصل من الرئيس جو بايدن من أجل بيان انتهاء مسرح العمليات وإطلاق مسار سياسي يحمل جمل تنفيذية تنهى الصراع ولا تديره ولا يقف عند الاطار العام فحسب، بل يحدد جدول زمني للتنفيذ وهو ما يعني أن الرئيس جو بايدن يستعد لبيان التصور السياسي القادم قبل الإعلان عن انتهاء مرحلة المعارك.
د.حازم قشوع