اجواء صيفية اعتيادية اليوم وغدًا وارتفاع تدريجي على الحرارة حتى الخميس وسائل إعلام إيرانية: تفعيل الدفاعات الجوية في طهران إطلاق صواريخ من إيران باتجاه الكيان الصهيوني.. وصافرات الإنذار تدوي إيران: قواتنا ستحدد طبيعة وتوقيت الرد على الهجمات الأميركية أميركا تنصح رعاياها في كل أنحاء العالم بتوخي الحذر يديعوت أحرنوت عن مصادر : إسرائيل تقبل إنهاء الحرب إذا أوقف خامنئي إطلاق النار تحسبات لارتفاع كلف الطاقة وارتفاع كلف الاستيراد والتصدير هل سيحصل ترامب على جائزة نوبل للسلام؟؟!! صافرات الإنذار.. تحذير أمني يرسم واقعًا نفسيًا معقدًا لدى الأطفال الإقليم يتنفس تحت الماء.. ما مصير الأمن الغذائي مع التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟ كلام في الاعلام ..لماذا نبرر ؟ عليان: الفوز بجائزة الملكة رانيا يفتح أمامي آفاقًا جديدة للتطور المهني مصلحة إيران في حصر الرد على الكيان الغاصب إيران وأعباء سياسة "الصبر الاستراتيجي" سلام أبو الهيجاء.. من الحلم إلى الواقع: أول أردنية مرشحة لتكون رائدة فضاء معادلة الأردن الأمنية الجديدة حسين الجغبير يكتب :الضرر أكبر ما لم نتحرك رئيس بلدية الكرك الكبرى يتفقد العمل في شاطئ الكرك السياحي. ‏من المفرق إلى العالمية...قصة ريادة أردنية في إنتاج البذور الأردن يدين الهجوم الإرهابي في دمشق

رسالة الخباز المجهول

رسالة الخباز المجهول
الأنباط -
سعيد الصالحي

في غزة كل من قتل شهيدا وكل من ما زال يتنفس فهو على ذمة الحياة وبرسم الشهادة في أي لحظة، وهناك فئة ثالثة من الناس هناك إنهم العالقون في أعراف الدنيا بين الموت والحياة، يتكورون أو يتمددون تحت وبين الأنقاض، وها هي بيوتهم التي شيدوها بتعب وكرامة لقد زلزلها الصهيوني وأسقطها فوق رأسهم ليقبعوا تحتها بلا صوت يصل إلى مسعف أو منقذ، وبلا ذراع يقوى على دفع الأنقاض أو لتوسده عندما يباغتهم الخوف والقلق والألم على شكل غفوة فرت من سلطان النوم عنوة.

وهذه رسالة من أحد القابعين تحت الانقاض وصلتني بطريقة ما، وطلب مني مرسلها ألا أفصح عن اسمه، ولا عن كيفية إرسالها لي، وقال لي فيها: إلى أخي الذي ما زال أكبر همه فاتورة الكهرباء وسعر الوقود، أرسل لك تحياتي من تحت عداد الكهرباء الرقمي الذي تعطلت شاشته الصغيرة عندما سقط فوق رؤوسنا، أنا ما زلت حيا تحت الأنقاض منذ أكثر من شهر، ولن تصدقني إذا أخبرتك أنني لا أشعر بأي جوع أو عطش ولا بأي رغبة لقضاء الحاجة، حتى أن أطرافي لم تعد تشعر بالخدران والتنميل كما كانت تشعر في الأيام الأولى، ما زلت حيا وأحيانا أرى بابوج ابنتي الصغيرة الزهري الذي ابتعناه من فتى صغير على أحد الأرصفة، ولا أعرف إذا كان هذا الفتى الصغير ما زال حيا أم مات من الجوع؟ فهذا الوقت لا يشتري أحد الأحذية والصرامي، فلا أدري كيف يتدبر هذا الصغير أمور حياته؟ 

أخي الكريم لقد اخترتك لكي أرسل إليك رسالتي لأنك تشبهني فأنت مثلي بلا حول ولا قوة وستكون أكثر من يفهم كلماتي هذه، وأخبرني من سيحمل الرسالة إليك أنك تجيد التعبير عن كل شيء إلا عن نفسك، فعبر عني وأكتب بأصابعك كأنها أصابعي، وأجعل كلماتي تنساب على هاتفك كأنها من كلماتك فكلنا في الهم شرق، أنا تحت أنقاض بيتي وأنت تحت أنقاض نفسك.

أكتب عني ليس بوصفي بطلا فأنا لست أكثر من عامل في مخبز، احتجزتني الأنقاض عندما أصبحت مهما لشعبي وبلدي فأنا خير من يعجن وخير من يلوح بمطرحة الفرن، أكتب عن هذه السخرية ففي اليوم الذي شعرت بأنني من الممكن أن أكون أكثر من فران، احتجزني منزلي المهدم لأشاركه التحطم وليحرمني من شرف الذكريات الجماعية مع الزملاء في المخبز.

أخي الكريم إذا كتبت لي النجاة ربما أشكرك ذات يوم ولكن إن قضيت نحبي تحت الأنقاض لا تخبر الناس عن اسمي ولكن قل لهم أنا الخباز المجهول، ولا تبني لي صرحا ولا مخبزا باسمي فالحياة كما قال المسيح لا تحتاج إلى الخبز وحده، فها أنا أعيش منذ أكثر من شهر بلا خبز وماء، وسيعيش كل أهل غزة بدون مساعدات وأنا خير مثال على ذلك، كل ما يؤرقني هو معرفة مصير ابنتي الصغيرة التي كانت تتعلق بثوب والدتها قبل أن يترنح البيت ويسقط كالسكران، ولا أعرف من أين تعلم هذا البيت عادة شرب الكحول حتى الثمالة؟

إذا قدر لي أن انجو لن أعاتب أحدا ففي اللحظات الأولى سأبحث عن أسرتي الصغيرة ثم من تبقى من أسرتي وجيراني واذا وجدتهم سأنهض لابني بيتي من جديد أما اذا كانوا قد استشهدوا فسأذهب إلى المخبز لأطعم من تبقى من اطفال الحي، هذه خطتي فلا وقت لدي للبكاء ولملمة الأسى، سأتشبث في أطلال منزلي المنهار ولن أرحل وسأحمل فردة بابوج أبنتي كتعويذة وكرمز لقدرتنا على البقاء أحياء في وجه الموت الذي لم يستطع الوصول لي تحت الأنقاض، فكل الهدم والموت في فلسطين سيكون الباعث للحياة والحافز للبناء عندما ينتهي فصل الخريف وتمطر الدنيا كرامة وحرية وانتصار.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير