مقالات مختارة

إبراهيم أبو حويله يكتب:عندما يصبح الدين افيونا للعقول ...

{clean_title}
الأنباط -
عندما يصبح الدين افيونا للعقول ...

حجم الكذب والخداع والعقائد الزائفة، التي تم غرسها في أدمغة اليه ود  مخيف لقد وصلوا إلى أن لا خلاص لهم، إلا بأن يغتصبوا أرض غيرهم، ويسفكو دمه ويطردوه من أرضه بزعم عقائد موهومة وأكاذيب موضوعة، وهذه قمة الحقارة في البشر .

كل ذلك بسبب ذلك الصنف من رجال الدين اليه ود، الذي غرسوا في عقول العامة وأفئداتهم، بأن خلاصهم هو في القضاء على شعب آخر، على أحلامه وبيته وإغتصاب حياته وأرضه، وكل ما يتعلق به، وهذا هو فقط خلاصكم المزعوم ، لقد جعل عامة اليه ود حياتهم ملِك لرجال الدين اليه ود ورغبتهم ومزاعمهم، لا لشيء إلا لوعد موهوم في رؤوس رجال الدين، غرسوه في شعب كامل .

 وجعلوا هذه دينا يتقربون به إلى ذلك الأله المزعوم ، دينا يوصلهم إلى ذلك الخلاص المزعوم من جعلهم يتركون بلادهم وأموالهم وأرضهم ومنازلهم ، ويأتون ليحاربوا أخرين وياخذوا أرضهم وأموالهم بزعم من هذا الدين.

من فعل هذا؟ هم رجال الدين الذين بنوا عقائد وأفكار، ووضعوا قصصا وخرافات، تهدف للتركيز على رواية واحدة، هي هذه الأرض أرض السمن والعسل، وكأن السمن والعسل الذي يملكه غيرك، هو أطيب من ذلك الذي تستطيع أن تنتجه بنفسك وانت تستطيع فعلا ذلك .

 وهم على مر التاريخ من جعلوا كل حياتهم، وحياة هذه الشعوب، قائمة على هذا الجمع من الخرفات والقصص والرويات والأوهام، وأصبحت هذه هي عقيدة الخلاص في رأيهم من عذابهم، ولا طريق لهم إلى الخلاص، إلا عبر معاناة شعوب آخرى، وأكل مالهم وأرضهم وقتلهم وإغتصاب أحلامهم وحرقها عن آخرها.

لقد حرموا هذه الشعوب، شعوبهم قبل غيرها منذ مئات السنين بل منذ ألاف السنين من أحلامهم وآمالهم، وغرسوا فيهم عقيدة القضاء على الآخر، بدلا من الحياة مع الآخر وكأن  هذه العقدة ترافق الكثير من الشعوب ، فكان هذا سببا في أن تحيا أجيال كاملة منهم، على فكر الإنتقام والسرقة والسلب، وأن لا يرو غضاضة في ذلك، ولا تستطيع هذه الشعوب شعوبهم، أن تحيا حياتها في أرضها في أي مكان كانت هذه الأرض، أو حتى تكون لها أحلامها هناك.

لقد سلب رجال الدين  منهم حتى أحلامهم في الحياة، وبناء حياة كريمة سعيدة بعيدة عن هذا الخلاص المزعوم القائم على أرضاء رجال دين غاية في الإنحراف، خلقوا إلها مزعوما لا يرضى إلا بالقتل والحرق والدمار .

لقد سيطرت هذه النبوءات على حياتهم، وحدثت عدة حوادث سابقا عبر التاريخ الممتد الطويل، ما أضطر الخليفة العثماني في القرن السابع عشر، للتدخل لوقف هجرة اليه ود إلى أرض فلسطين، فمع كل داع أو إشاعة، كان يتداعي عدد كبير لبيع كل شيء والرحيل إلى أرض فلسطين.

 لقد خلق رجال الدين نوعا من العقيدة الفكرية في هذه الروؤس، وجعلوها مستعدة للتضحية بكل شيء في سبيل تحقيق هذه الخرافات ، لقد صدقت المقولة التي تقول أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى تصدق أنت في النهاية ما تقول ، لقد جعلوهم سبباً وأداة في تحطيم وتدمير شعب آخر.

لقد حرم رجال الدين اليه ود اليه ود أنفسهم  من أن تكون لهم حياة أو حلم، سوى تلك الخرافات التي غرسوها في عقولهم.

طبعا سيثمر كل ذلك الشر المطلق ثمرا خبيثا، وينصب على الآخر في قمة الحقارة والشر والحقد البشري، وفي أبشع صوره، ليجعل من نفس الشعب قبل غيره، يجعل منه ضحية هذا الفكر المتطرف، القائم على خرافات دينيه تجعل حياته جحيما، وتسعى لجعل حياة الآخر جحيما.

لكن عقول هناك تسعى للحق وتحاول الوصول إليه ومنها أسبنوزا لقد حارب هذا العقل الجبار، هذه الخرافات وذلك الربط وذلك التفسير، لقد قال لهم أسبنوزا وبصوت يصم الآذان، هذا باطل وليس له علاقة بموسى وبما قاله موسى أو حتى بما يمكن أن يكون دينا، لقد قال لهم هذه خرفات وأباطيل رجال آخرون بنوا هذه الخرافات والقصص على مدى أزمنة وقرون مختلفة، ولكنها في مجموعها لا ترقى لأن تكون حقيقة، هذه مجموعة من أقوال الرجال وأفكارهم .

فلعنوه وحاربوه وحرموه وأعلنوا الحرمان عليه ، وعادوا يتغنون به عندما كرمه العالم الغربي. 

طبعا وكل الذي حدث هنا، لن ينبت إلا ذلك النبات الخبيث الذي نراه اليوم قائما هناك في هذه الأرض التي يدفع أهلها ثمنا مضاعفا.

وفي النهاية سيسعى صاحب الحق للحصول على حقه من جديد، وسيبدأ رحلة تاريخية يبني فيها نفسه وأجيالا بعده، لينتقم ممن إغتصب أرضه وعرضه وأخرجه من بيته.

فرجال الدين هنا نجحوا في خلق معاناة بشرية على أرض الواقع، بعد أن كانت خرافات في رؤوسهم، وهي معاناة مستمرة، ولن تنتهي قريبا بأي شكل، لقد نجح رجال الدين هؤلاء للأسف مرتين، نجحوا في جعل الشعب اليه ودي يعيش حياة معاناة مستمرة، ونجحوا في أن ينقل الشعب اليه ودي هذه المعاناة إلى شعب آخر، بعد أن كانت هذه المعاناة مجرد قصص وروايات، أصبحت الآن حقيقة تنبت نباتا خبيثا سيخلق حربا بعد حرب، وحروبا مستمرة ولن تنتهي هذه الحروب قريبا.

 نعم سيدفع المحتل الثمن مرتين لا محالة ، مرة بكل أولئك الذين ماتوا، حتى تحتل أيها الشعب المضحوك عليه أرض غيرك، وحتى ترضى عنك تلك العقول الخبيثة التي يحملها رجال الدين، وكل تلك الخسارة المادية والمعنوية، بفقدك لحياتك وأرضك ومن مات في سبيل ذلك، والقدوم إلى هذه الأرض، لممارسة إحتلال وقتل وإغتصاب لحق غيرك، ووطنا ليس لك ولن يكون في يوم لك.

وأخرى عندما يعود الضعيف قويا، وهذه سُنة في الأرض، لأن الضعف يدفعه للتفكير والعمل والنشاط لينتقم من عدوه، وعندها سيدفع المحتل الثمن مرة أخرى، عندما يتم الإنتقام منه أخيرا، على كل تلك الجرائم التي قام بها بحق شعب لا ذنب له، سوى أنه تقاطع في عقلية رجال الدين هؤلاء مع خرافات يعتقدون بأنها حقائق، ستدفع أيها المحتل الثمن إحتلال أرض غيرك .

وكيف إذا كانت هذه الأرض، مقدسة لشعب تعداده  مئات الملايين من البشر، الذين يشتركون معه في دينه، ويحملون نفس الهدف في تحرير هذه الأرض من هذا المغتصب ، عندها الحرب لا محالة قادمة، والدمار قادم ، ولن تستطيع هذه الجموع المحتلة الصمود، هي مسألة زمن فقط .

والزمن يدور دورته بسرعة، قد يكون هناك بعض الأسباب التي تمنع هذه الملايين اليوم، ولكنها غدا حتما ستجد الطريق، وستتحرك للقضاء عليهم .

وهكذا كانت كل هذه المعاناة بسبب رجال الدين وخرافاتهم وأفكارهم المنحرفة .

والذي لم أفهمه أن هذا العدو الصه يوني، كان قد خرج من حرب كان هو المستهدف فيها، لأجل دينه لأجل يه وديته، وقد دفع ثمنا بالغا لأجل ذلك، وكان اليه ودي هو الذي يدفع ثمن أفكاره وتسلط وقسوة وبطش عدوه، وكل ذلك بسبب هذه الخرافات والعقائد القائمة على تفوق جنس على جنس آخر في رأس النازي عنه، وأنه بصورة أخرى سبب في كل بلاء وشر في هذه الأرض، ولست هنا في مقام إثبات أو نفي يا سيدي ، ولكني أنقل واقعا حدث والتاريخ وحده قادرا على إثبات أو نفي هذه الحقائق، ولكن النازي هنا ونتيجة لهذه الأفكار في رأسه أراد أن ينتزع اليه ودي من جذوره .

لكن الذي حدث بعد كل هذا القتل والمعاناة والتشريد والسرقة، أن هذا العدو النازي خسر المعركة، فخرجت الضحية اليه ودية تبحث عن ضحية جديدة تمارس عليها كل ذلك الذي تعرضت له، على يد عدوها بالأمس، وتخصص مجموعات لمصادرة الأرض والتاريخ والثقافة، وكأن جماعة الأرض والتاريخ والثقافة ERR  والتي أسسها هتلر بقيادة روزونبرغ، إعادة وجودها وتأسست بعقول وقيادة جديدة، وهذه المرة لتمارس ما كانت تمارسه العقول النازية على اليه ود، لكن اليه ود هم الأن من يمارسه على العرب .

أنت يا من خرجت من حرب كان هدفها أن تسحقك وتقتلك وتأخذ مالك ، وما أن خرجت منها وفي نفس اللحظة بدات تمارس نفس الشيء على قوم آخرين، لا ذنب لهم إلا أن رجال الدين عندك، قالوا كما قال عدوك النازي بالأمس، بأن هنا الشعب اليه ودي لا يستحق الحياة، وبأن أرضه وماله هي لنا بتفويض منّي أنا النازي.

 ورجال الدين اليه ود اليوم يقولون نحن  نعطيكم أرضهم ومالهم وبيوتهم بتفويض منّا، فقم أيها الصه يوني بقتلهم وسرقتهم وأحتلال أرضهم،  ومبارك أنت ببركتي وحلت عليك النعمة ولك النعيم منّي، أنا رجل الدين الذي بكلمتي أصبحت دماء وأعراض وأموال هؤلاء القوم حلال لك  .

وأنك لن تعرف الخلاص حتى تغتصبها وتقتلهم وتخرجهم منها، فذهبت تقتل وتغتصب وتخرج غيرك كما تم أخراجك، وتسرق مال غيرك كما تم سرقة مالك، كيف تخرج من صورة المظلوم إلى صورة الظالم الذي كنت تكرهه، وقد مارس عليك أشنع التصرفات، وفي نفس اللحظة تصبح مثله بل أسوء، فهو تحرك بكلمة النازية، وأنت تزعم بأنك تحركت بكلمة الصه يونية التي تدعي انها كلمة الرب، فما الفرق بينكما إلا أن المظلوم أراد أن يمارس الظلم الذي وقع عليه على قوم لا ذنب لهم إلا أن هذا العقل خبيث وخبيث جدا.

 رجال الدين الذين زرعوا الكراهية لعقود بل قرون، وأولئك الذين زرعوا العنصرية وتفوق جنس على جنس، وأولئك الذين يبذرون بذور الكراهية بين الشعوب، وكل هذا لن يثمر في الأرض إلا الحرب والفساد، إن دينا أو منهجا أو مبدأ يقوم على تفضيل جنس على جنس أو زرع الكراهية في جنس، أو إغتصاب حق أو مال أو أرض، هو في الحقيقة دعوة باطلة، تتدثر بثوب الدين والأمر الألهي وهو منها براء، وهي في الحقيقة إحتلال بغيض وعنصرية مقيتة، ودعوة للحرب والقتل والدمار.

 هذه الصورة تتكرر هنا وهناك للأسف، وستجد الصور المختلفة هنا وهناك، وسيخرج رجل دين جديد أوسياسي جديد، ويعمل على زرع الكراهية والخوف من جديد، والإعداد مرة تلو مرة لحرب مقدسة جديدة، أو يخرج مفكرا يريد تحرير عمال العالم من جديد، أو حرب ضد الليبرالية أو ضد الإشتراكية أو ضد الشيوعية وسمي ما شئت .

أو حتى في صورة أخرى يجعل فيها الشعوب عبيد للحكام،  ونشر الخوف وقتل الحياة في النفوس ، وكأن الأنبياء في كل حروبهم ، كانت حروب غلبة ومساواة ، بل إن اتباع الأنبياء بدمائهم وتضحياتهم نشروا دعوتهم .

وهكذا سنجد دائماً نحن البشر أعداء جدد ونخلق صراعات جديدة وننخرط في حروب جديدة، وحتى من حاول أن ينئى بنفسه عن كل ذلك، لن يسلم من كيد هؤلاء ضده أو حربهم له.

 ربما أتخد رجال الدين والساسة من بعضهم بعضاً وسيلة لإلهاء الشعوب والسيطرة عليها، وربما كانت الحرب كما قال هيجل: (ضرورة لهذه البشرية حتى تخرج ما فيها) أو هو نوع من التدافع بينها، ولكنها في الحقيقة لا تخرج الحرب إلا أسوء ما في البشر، وكيف يستطيع هؤلاء السيطرة والتحكم في تلك العقول التي تريد الخير للبشرية فتصمت هذه التي تريد الخير، ولا يبقى إلا تلك العقول الخبيثة التي تخرج النار والدمار فتقول كلمتها تلك الكلمة التي تنتشر بين البشر وتصمت الكلمة الأخرى.

 وربما استعمل الساسة رجال الدين لتوظيف الشعوب لحروبهم الدنيئة، التي تهدف  إلى السيطرة على السلطة والمال والأرض.

 هناك تجارة للخوف والكراهية في هذه الأرض، تجارة قائمة بين الشعوب، أبطالها كما يبدو رجال بلا ضمير، هم في الحقيقة من الساسة ورجال دين، ويبدو أنها تجارة رابحة، وقودها العامة، ويستفيد من نتائجها هؤلاء الذين هم في الحقيقة تجار حروب.

هؤلاء لا همّ لهم إلا إقصاء الآخر والسيطرة عليه وعلى أرضه وعلى ماله، وكل همهم السرقة والسلب والإغتصاب، ويصنعون الجيوش والإسلحة والشعوب لهذه الغاية، ولذلك ستبقى هذه البشرية مشغولة لفترة طويلة.

عندما يستطيع شعب أن يسرق شعب آخر وأرضه وماله وحلمه بالحياة والجمال، عندما يسلبه كل شيء حتى بشريته، ويجرده من إنسانيته، عندها تصبح الأرض فاسدة وذات رائحة كريهة، وهذه الدماء التي كانت لأبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم بشر في زمن لا بشر فيه، ستبقى لعنة على هذا الصنف من رجال الدين الذين غرسوا هذه الأفكار ومن يروج لهم .

من يملك العلم والمعرفة من البشر، لا يوظفها للأسف لخدمة الإنسانية ولا لخدمة الآخر، ولكنه يوظفها لهذا النوع من الحروب.

 لذلك حاول المصلحون والفلاسفة ورجال الدين المخلصون إعادة الإنسان إلى إنسانيته .

وجعله يفهم ذاته ليرتقى.

وأن تجعله يحيا على هذه الأرض بسلام 

وخلق ذلك الوعي الذاتي الذي يخلق دافعا إنسانيا، يساهم في رفع مستوى الانسان وعلمه وقدرته، لمحاربة هذه الخرافات الباطلة، والعقائد الزائفة والأفكار الضالة.

 وكل الذي ساهم بأن تكون هذه بمجموعها سلوكا بشريا، ولكنه في الحقيقة يخلو من الإنسانية .

إحترامي...

إبراهيم أبو حويله...
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )