اقتصاد

أحتمالات الركود الاقتصادي 2024 وتأثيرها على الأردن

{clean_title}
الأنباط -
الساكت: إجراءات سريعة لتجنب تأثيرات الركود المحتمل وتخفيض تكاليف الإنتاج ‏لتعزيز القطاعات الإنتاجية

عايش: هيكل النمو الاقتصادي يعاني من خلل وإدارة العملية الاقتصادية غير مرنة يالاستجابة للمتغيرات

الأنباط-عمرالكعابنة

تواجه الاقتصادات العالمية تحديات كبيرة في العام المقبل بسبب ‏استمرار ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات الكبرى، هذا الارتفاع ‏سيؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي في عام 2024 بعد أن تفوق الأداء ‏الاقتصادي على توقعاته في عام 2023‏‎.‎
وتشير التوقعات التي أطلقتها "كونسينساس إيكونوميكس"، إلى ‏احتمالية حدوث ركود اقتصادي، بسبب استمرار ‏ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات الكبرى الذي سيقلل من معدل ‏النمو إلى 2.1٪ في عام 2024 مقارنة بـ 2.4٪ في 2023، ‏ويرجع هذا التحذير إلى القلق من أن استمرار الطلب الاستهلاكي ‏القوي وأسواق العمل سيسهمان في استمرار ارتفاع التضخم، مما ‏سيجبر البنوك المركزية على الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة‎.‎
بدورها قامت "الأنباط" بالحديث مع عدد من خبراء الاقتصاد لتبيان ‏مدى تأثير هذه التوقعات المحتملة على الاقتصاد الوطني وكيف من ‏الممكن مواجهتها، وما هي الحلول التي نملكها لتحقيق النمو المتوقع ‏في الاقتصاد المحلي في ظل إنخفاض النمو المتوقع لعام 2024‏‎.‎
أكد الخبير الاقتصادي موسى الساكت أن الاقتصاد العالمي يواجه ‏تحديات كبيرة خلال الفترة الحالية، موضحاً أنه خلال الثلاثين عامًا ‏الأخيرة، شهدنا أكثر من عشرة زيادات في أسعار الفائدة على مستوى ‏العالم، وتحديداً في الولايات المتحدة التي تعتبر قائدة ‏الاقتصاد العالمي المعاصر‎. ‎
وأشار إلى أنه في كل مرة تم رفع فيها أسعار الفائدة، تصاحب ذلك ‏عادة تراجعات في النمو الاقتصادي، وبناءً على هذا السيناريو، يتوقع ‏أن تزيد احتمالية وقوع ركود اقتصادي عالمي في عام 2024 عن ‏‏80‏‎%.‎

ولفت الساكت إلى أن العقبات التي واجهها الاقتصاد العالمي خلال ‏السنوات الأخيرة تشمل أزمتين عالميتين رئيسيتين، الأولى هي أزمة ‏جائحة كورونا التي أثرت بشكل كبير على الاقتصادات العالمية، ‏والثانية هي الأزمة الروسية الأوكرانية التي زادت من حدة التوترات ‏الجيوسياسية وأثرت سلباً على الاقتصادات المتقدمة والعالمية، مبيناً ‏أنهما ساهمتا في زيادة التضخم، مما دفع بالبنوك المركزية إلى رفع ‏أسعار الفائدة بشكل كبير‎.‎

وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي في الأردن، أكد أهمية اتخاذ ‏إجراءات سريعة وفعالة لتجنب تأثيرات هذا الركود المحتمل، موصياً ‏أن تتركز هذه الإجراءات على تخفيض تكاليف الإنتاج المختلفة ‏لتعزيز القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والنقل والسياحة، ‏
ودعا الساكت إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي، حيث يعتبر معدل ‏النمو الحالي البالغ 2% منخفضًا جدًا، مشيراً إلى أن وقف التشوه ‏الضريبي يعد خطوة أساسية لتعزيز الإنتاجية وتحفيز الاقتصاد‎.‎
من ناحيته بين الخبير الاقتصادي حسام عايش أن التقارير مختلفة فيما يتعلق بتوقعات الركود الاقتصادي ، على سبيل المثال الولايات المتحدة كما تقول البيانات والتقارير المختلفة إنها قد لا تكون في مرحلة الركود لكنها قد تعاني من بعض التباطؤ الاقتصادي ونتائج خفض أسعار الفائدة، لافتاً أن رفع أسعار الفائدة ربما تبدأ آثارها بالظهور تدريجياً مع نهاية هذا العام ومطلع العام القادم، بمعنى تباطئ النشاط الاستثماري والإنفاق الأمر الذي يؤثر على على معدلات النمو الاقتصادي من ثم الدخول في مرحلة من التباطؤ.

وأشار إلى أن كل ذلك مدفوعاً بعودة أسعار النفط للإرتفاع مما يؤدي إلى زيادة التكاليف الإنتاج، ناهيك عن أن أسعار الطاقة بشكل عام التي كانت واحدة من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم و ارتفاع أسعار الفائدة، منوهاً أن صندوق النقد الدولي عدل توقعاته حول نمو الإقتصاد الأمريكي والعالمي في آخر بيانات له، حيث بين أن توقعات النمو لـ الإقتصاد العالمي المعدل المتوقعة 2.9% والإقتصاد الأمريكي 1.8% من أصل 1.6% في توقعات تتعلق بنهاية 2023 مع توقعات بتراجع النمو الاقتصادي الأمريكي العام 2024 ، ومع ذلك تتغير هذه التوقعات على وقع أحداث عالمية مختلفة.

وأضاف، أن أي تغير إيجابي في الحرب الروسية الأوكرانية سيدفع إلى تعافي اقتصاد والتحول من النظرة إلى الركود إلى الرواج ومثلاً أي متغيرات تتعلق بمصادر جديدة للطاقة بما فيها الطاقة النفطية من خارج أوبك، التي تهيمن أوبك بلس حوالي 40% من الإنتاج العالمي ، ما يعني أن 60% من هذا الإنتاج حوالي ما يزيد عن 60 مليون برميل من مصادر أخرى لا تهيمن عليها أوبك و أي تحول في اكتشافات أو احتياطيات أو حتى تراجع اقتصادي وبالذات في الصين وربما يؤثر على معنويات السوق لجهة أسعار النفط وبالتالي يخفضها الأمر الذي يفيد كثيراً الاقتصاديات الأمريكية والغربية.

وزاد، أن الكثير من دول أوروبا الغربية مثل المانيا وبريطانيا وإلى حد ما فرنسا تعاني من انكماش اقتصادي في بعض أرباع السنة الواحدة وتعاني من معادلات ماتقل 1% من ركود محتمل إلى ركود يمكن التعامل معه لكنه شكل من أشكال الركود غير المستدام ، بمعنى أن الأسباب التي أدت إليه هي أسباب ليست بطبيعة اقتصادية داخلية بالدرجة الأولى، ولكن هذه الطبيعة الدولية تؤثر على هذه الاقتصاديات بالنظر إلى تشابكها مع الاقتصاد العالمي.

وأوضح عايش، أن الأردن يتوقع معادلات نمو أفضل بنسبة 3% للعام 2024، وهناك حديث عن 7% نمو لل 2023، لافتاً أنه حقق نموًا في الربع الثاني 8%، وفي النتيجة فإن الاقتصاد الأردني لا شك أن معدلات النمو التي يتم الحديث عنها للعام 2024 أو معدلات النمو الحالية هي ضمن معدلات النمو السكاني، بمعنى أن عائدها على المواطنين غير ملموس وهو نمو مُكلف يعني نمو يتم بالديون التي تجاوزت 14% من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة لـ الفوائد الكبيرة التي تدفع على هذه المديونية التي تتجاوز حوالي 18% من إجمالي الإيرادات المحلية أو 6 من 10 مليار دينار على الأقل للعام 2023، أو بالمنح والمساعدات التي يعد قسم كبير منها ديون طويلة الأجل أو بفوائد منخفضة، ناهيك أن معظم المشاريع التي يتم الإنفاق عليها تكون ممولة من صناديق دولية مثل البنك الدولي وبرامج العلاقات الأردنية مع صندوق النقد الدولي، البنوك الأوروبية، والبنوك اليابانية إلى أخره وحكومات ومنظمات دولية، أوروبية، وأمريكية، وغيرها.

ولفت، أن هيكل النمو الاقتصادي يعاني من خلل كبير، فعندما يتم الحديث عن تحسن في النمو فإنه تحسن في النسبة لكنه لا يعني تحسناً بالأسباب التي تؤدي إليه، مشيراً إلى أن مكونات الاقتصاد الأردني ما زالت تعاني من مشاكل كبيرة على مستوى التكاليف، ونوعية الاستثمارات التي تصل إلينا وهي على كل الأحوال تقل عما كان يصل للأردن من استثمارات قبل 2010 بالكاد يمكن أن نصل إلى أقل من 50% من تلك الاستثمارات التي تحققت في 2008 وعليه هناك إشكالية كبيرة في طبيعة الأسباب المؤدية إلى هذا النمو.

وتابع ، أن الاقتصاد الأردني ما زال حبيس الإنفاق الحكومي إلى حد كبير ، وبالنسبة لـ الشراكة مع القطاع الخاص هو حديث عن شراكة في مشاريع وليس عن شراكة حقيقية في العملية الاقتصادية بحيث يتنازل القطاع العام عن دوره في هذا المجال، لذلك تبقى الامكانيات وقدرات القطاع الخاص إما معطلة أو كامنة أو لا يتم استخدامها، أو أن القطاع الخاص بحد ذاته يحتاج هو الآخر إلى تفعيل وتنشيط وتحريك أكثر مما هو سائد حتى الآن، لافتاً أن مكونات الاقتصاد بعناصره الرئيسة يعني ما زالت تقليدية في إدارة العملية الاقتصادية وهي أقل مرونة في استجابة للمتغيرات والتحديات والمشكلات التي يعاني منها هذا الاقتصاد، ولعل حاجة الحكومة باستمرار إلى مزيد من الأموال يعكس الطريقة التي تفكر بها عند اتخاذ قراراتها وهي قرارات لا شك أنها مُكلفة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي ولا تخدم عملية اقتصادية مستدامة ،

وأشار إلى أن معدلات النمو الاقتصادي حتى لو ارتفعت فإنها لا تكون نتاج عملية اقتصادية خالصة، وإنما نتاج أسباب بعضها من الخارج وبعضها من الداخل إلى حد ما ، لذلك هذا كله يجعلنا نتحدث أننا ضمن معدلات النمو السائدة حاليا وحتى المتوقعة تحدث 2-3% ، مبينا أنها تكفي لإحداث نقلة أو لا تعبر عن نقلة في العملية الاقتصادية من جهة، ولا تكفي لتحسين معدلات دخل المواطنين، وبالنتيجة أن هذه المخرجات ليست قيمة اقتصادية يمكن البناء عليها، لنقول أن الأمور تتحسن كونها تعاني من التذبذب، ولأن الأسباب التي تدفع إليها أحياناً لا تكون بجهود محلية ذاتية وطنية داخلية.

ولذلك فإن الأدوات والوسائل والآليات ومنطق التفكير وكيفية اتخاذ القرارات وجملة الأفكار المتعلقة بالكثير من المشاريع التي يتم الحديث عنها تحتاج إلى سياسات جديدة، لأن المشكلة في السياسات ونحتاج إلى أدوات جديدة في التعامل معها لتنفيذها، وإلى رؤية جديدة للكيفية التي نصوّغ بها أولوياتنا، والأهم من هذا أن الحكومة مطالبة باستمرار أن تطوّر في أساليبها وأدواتها ومنطق تفكيرها وأن تكون أكثر مرونة فيما يتعلق بدورها الاقتصادي الذي يفترض أن تُخلي جزءا كبيرا منه لصالح القطاع الخاص وللمجتمع المدني، كما أنها مُطالبة بمراجعة كافة الأنظمة والسياسات والتعليمات والقوانين المعيقة لعملية اقتصادية حقيقية، وأن يكون أصحاب المصالح هم المواطنين وليس الاقتصاد والمصالح الخاصة ،وأن تصاغ الأنظمة والقوانين بما يخدم الغرض النهائي من أي عملية اقتصادية ، ولا بد أن نعيد صياغة العملية الاقتصادية بشكل مختلف عن ما تم هى حتى الآن.

وتسائل عايش، فيما إذا كان النموذج الاقتصادي السائد قادراً على أن يتعامل مع التحديات ومع المتغيرات والسياسات الجديدة التي يفترض أن نعمل بها؟ ومع الكيفية التي يفترض أن ندير بها اقتصادنا في ظل نموذج ما زال يرتكز إلى الديون الخارجية وإلى العبء الضريبي الكبير على الناس والقطاعات في الداخل؟ ، لافتاً أن السياسات الاقتصادية ما زالت محكومة بسياسات الأفراد أكثر منها بسياسات عامة، ويمكن لنا أن نرى نهاية إيجابية لها مع التزامات يُفترض أن تكون الحكومات قادرة على الوفاء بها، والأهم أن تكون المؤشرات التي يتم الحديث عنها مؤشرات يمكن لنا قياس مدى الإنجاز في تحقيقها خلال شعور الناس بأن أوضاعهم تتحسن وأن مؤشراتها تتحسن وأن القطاعات الاقتصادية تمضي قدما إلى الأمام، مبينا أن تحقيق ذلك له مؤشراته التي يمكن قياسها والتعرف عليها بغير ذلك ستظل الأمور وكأننا نسير في العتمة.
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )