وسطر الصناعيون منذ بواكير الدولة الأردنية العديد من قصص النجاح، حيث استطاعت الصناعات والمنتجات الوطنية التي صنعت بسواعد أردنية غزو الأسواق العالمية، وتحقيق التنافسية على مستوى المنطقة والعالم.
وثمن الصناعيون الجهود التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني في دعم الصناعة المحلية واستقطاب الاستثمارات الخارجية وتحسين البيئة الاستثمارية في المملكة.
وتحظى الصناعة الأردنية برعاية واهتمام ملكي على مر السنوات، ما جعلها تنتقل من التصنيع المحدود والبسيط إلى منتجات تغزو أسواق العالم وتصل لأكثر من مليار مستهلك.
وتمكنت صادرات الصناعة الأردنية من تحقيق قفزات كبيرة وملموسة على مدار مسيرتها لترتفع من نحو 7 ملايين دينار عام 1964، إلى نحو 7.5 مليار دينار خلال العام الماضي 2022، ما جعلها تشكل اليوم 90 بالمئة من الصادرات الوطنية الكلية.
ويواصل القطاع الصناعي تطوره عاماً بعد عام وأصبح عامل استقطاب رئيسي للاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء، ليصل الأردن اليوم إلى إنتاج أكثر من 1400 سلعة بسواعد أردنية من مختلف الأنشطة والقطاعات الصناعية الفرعية.
وقال نائب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي ورئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لشركة أدوية الحكمة مازن دروزة لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، تعد "الحكمة" قصة نجاح أردنية استطاعت أن تنافس كبرى شركات الأدوية الجنيسة العالمية، ورحلة من المثابرة والتميز وأخلاقيات العمل والاحترام، حيث تأسست الشركة في الأردن عام 1978 على يد الراحل الدكتور سميح دروزة، وكانت أول منشأة تصنيع دوائية في المنطقة معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وأضاف دروزة أنه بحلول عام 1990، أصبح لدى الشركة أربع منشآت إنتاج في المملكة، التي كانت تصدّر حينها إلى بلدان متعددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأسهمت الجودة العالية التي توفرها "الحكمة" في جعل الشركة واحدة من أهم الشركات الدوائية في المنطقة.
وأشار إلى أن "الحكمة" أصبحت اليوم مجموعة شركات دوائية متعددة الجنسيات تتركز أعمالها على تطوير وتصنيع وتسويق الأدوية ذات العلامة التجارية المسجلة، وأدوية المحاقين، والأدوية الجنيسة، ويتم تداول أسهم المجموعة في بورصات لندن ودبي ناسداك.
وبين أن المجموعة تمتلك اليوم 32 منشأة للتصنيع الدوائي من الطراز الحديث والعالمي في 11 دولة، ولديها مبيعات في أكثر من 50 دولة حول العالم، وتتواجد أعمالها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إضافة الى الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.
وذكر دروزة أن عدد فريق العمل حاليًا يبلغ 8800 موظف وموظفة يعملون يداً بيد لتحقيق هدف "الحكمة" المتمثل في المساعدة بتوفير صحة أفضل، كل يوم، لملايين الأفراد من مختلف أنحاء العالم.
وأضاف "منذ انطلاق أعمالنا في الحكمة، حظينا بدعم واسع من الحكومة الأردنية التي سهّلت جميع عملياتنا، سواء الإنتاجية أو التصديرية للأدوية عالية الجودة"، موضحا أنه كان للحكومة دور كبير أيضاً في دعم قطاع الصناعات الدوائية الأردنية من حيث وضع التشريعات والقوانين والأنظمة المساندة له، وتوفير البيئة المحفزة للعمل والاستثمار.
ولفت إلى دور الحكومة الداعم في هذا الجانب، حيث قامت بتأسيس المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأردنية في عام 2003، بهدف ضمان سلامة وجودة الغذاء ومأمونية وفاعلية الدواء في المملكة، مشيرا إلى أن هذا الدعم الحكومي أسهم في منح القطاع ميزات تنافسية وسمعة كبيرة محلياً ودولياً، بما جعله ثاني أكبر قطاع تصديري في المملكة، حيث تمتلك "الحكمة" اليوم حصة في سوق الأدوية الأردني بنسبة 10 بالمئة.
وبين دروزة أنه في عام 2022، تجاوز إجمالي صادرات الشركة 413 مليون دولار؛ حيث وصلت مساهمة الشركة إلى نحو 70 بالمئة، من صادرات الأدوية الأردنية.
وأكد التزام الشركة بتواجدها في الأردن، مشيرا إلى أن هذا لا يقتصر على افتتاح المقر الإقليمي الرئيسي أخيرا، حيث تعمل الشركة حالياً على بناء مركز إقليمي للبحث والتطوير في مدينة السلط بأعلى المعايير الدولية، والذي سيُفتتح عام 2024، وسيلبي متطلبات إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وأوضح دروزة "هذا يعني أنه سيكون بمقدورنا تصدير خبرتنا في البحث والتطوير بمستوى عالٍ إلى الولايات المتحدة الأميركية، ومواقع أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من مركزنا في السلط، ونؤمن أن الاستثمار فيه سيزيد من النشاط الاقتصادي في المحافظات، وسيعزز السمعة الطيبة التي يتمتع بها قطاع الصناعة الدوائية في المملكة".
بدوره، قال نائب رئيس هيئة المديرين الرئيس التنفيذي لشركة مجموعة العلياء المهندس موسى الساكت، إن تجربته الصناعية تقارب الـ 27 عاما، مؤكدا أن قطاع الصناعة شهد خلال العقود الماضية تطوراً ملحوظاً، حيث أصبحت الأيدي العاملة في القطاع مؤهلة عما كانت عليها في السابق خاصة مع ازدياد عدد المصانع في المملكة.
وأكد الساكت أن أكثر من 88 بالمئة ممن يعمل في الصناعة الوطنية هم من العمالة المحلية، لافتا إلى أن هناك بعض المهارات غير متوفرة في العمالة المحلية ما يتطلب استقدام بعض هذه المهارات من الخارج.
وبين أهمية التعاون مع الصناعيين في تسهيل استقدام الأيدي العاملة من الخارج لبعض المهن، والإسراع في تدريب العمالة المحلية من قبل مؤسسات التدريب المهني، وإجراء التحديث المستمر لمؤسسات التدريب المهني، بحيث يكون هناك دبلوم متخصص في بعض المهن، ليتمكن من إحلال العمالة الأردنية مكان الأجنبية، إضافة إلى تقديم التمويل اللازم الذي يعد من أهم الأمور التي يجب توفرها لتوسيع نطاق الاستثمارات الصناعية في المملكة.
وذكر المهندس الساكت أن الصناعي الأردني تمكن خلال العقود الماضية من زيادة صادراته والدخول إلى الأسواق التقليدية وغير التقليدية إلى جانب الأسواق المجاورة.
وأشار إلى أن موقع الأردن الاستراتيجي واحترام وتقدير البلدان للأردن وللصناعة الأردنية مكنتها من التواجد على الخريطة العالمية، إضافة إلى مشاركة الصناعة خلال السنوات الماضية في الكثير من المعارض الخارجية، حيث أسهمت بصورة مباشرة في التسويق والترويج للصناعات الأردنية؛ مثل الصناعات الدوائية والكيماوية والتعبئة والتغليف، والغذائية، وهذا ما انعكس إيجابا على الصانع الأردني.
من جهته، قال مدير وشريك في مجموعة الكرم قادري للألبسة الشرعية، المهندس إيهاب قادري، إن الشركة تأسست منذ خمسينيات القرن الماضي في منطقة ماركا الشمالية، وحققت نجاحاً وسلسلة متميزة من التطورات، بدأت في إنتاج المواد الأولية والألبسة والأقمشة الخام بالإمداد للسوق المحلي، كما تطورت أعمال الشركة في تلك الفترة من خلال عقد العديد من الاتفاقات والتغيرات المتميزة بمنظومة العمل والتي مهّدت للشركة طريق النجاح، حيث تضم المجموعة اليوم أكثر من 450 عاملاً وعاملة.