الأنباط -
حسين الجغبير
العام الحالي، وما سبقه من أعوام، وفي هذا التوقيت، وقد يكون أبكر قليلا، تنطلق إلى عنان السماء تأكيدات، وتحذيرات، وتنبيهات، بضرورة ضبط الأسعار في الأسواق قبيل شهر رمضان وأثنائه، وفي كل عام يقع المواطن فريسة الفقر، وجشع التجار، واستهتار الجهات المعنية بضبط العملية برمتها.
الاسبوع الماضي أكد رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة هذا الأمر، ونحن لا نشك بحرصه على وضع حد لكل من يحاول التغول على جيوب المواطنين، فهو يدرك جيدا ما يعانيه الأردني من صعوبات مالية. لكن تأكيدات رئيس الوزراء وحدها لا تكفي ، اذ يجب أن تتبعها متابعة حثيثة منه شخصيا: هل نفذت توجيهاته أم ضرب بها المتخاذلون عن العمل عرض الحائط.
ربما أكثر كلمة سمعها الأردنيون في الأعوام الماضية هي "توجيه"، فالرئيس يوجه، والوزير كذلك، والمدير يفعلها، والموظف ايضا، لكن من ينفذ هذا التوجيه هنا يكمن السر الغائب، والسؤال الذي لا اجابة له؟ والنتيجة الحاصلة هي بقاء الحال على ما هي عليه في الأسواق التي تعيش فوضى أسعار دائمة.
بالأمس قمت بجولة سريعة على بعض الأسواق، وقمت بتجربة شخصية لتسعير منتج في أحد المحال فكان سعره ثلاثة دنانير ونصف الدينار، وفي محل آخر في منقطة أخرى كان سعره دينارا ونصف الدينار، أي السلعة ذاتها وفرق السعر ديناران.
وفي الجولة نفسها استمعت لآراء الناس بشأن الأسعار، ولم أسمع شخصا واحدا يؤكد أن هناك ضبط للأسعار، والمواطنون هنا لا يكذبون، لأن الواقع يؤكد ما يقولون كل عام في مثل هذه المناسبة.
لو كنت رئيسا للوزراء، لقمت بجولة تفقدية في الأسواق، للوقوف على وضع الأسعار فيها، وعندها سيدرك الرئيس حقا أن توجيهه للمسؤولين بضبط العملية يجب أن ينفذ اليوم قبل غدا، تحت طائلة المسؤولية، وسيكتشف أن الأمر لا يمكن السكوت عليه أبدا.
قبل نحو أسبوعين مررت بمحل حلوى، واشتريت نوعية معينة بـ 8 دنانير، وبالأمس ذهبت للمحل ذاته وإذ بسعرها أصبح 10 دنانير، وعند سؤال التاجر عن سبب الارتفاع، وهل الأمر مرتبط بزيادة كلف التشغيل، أو بارتفاع أثمان المواد الأساسية المكونة للحلوى!! التاجر أكد أن الأسعار لم تتغير عنده منذ نحو عام!!
بالمجمل، ربما تحتضن هذه الزاوية مقالا مشابها لهذا المقال في العام المقبل، لأنني على يقين تام بأن الأمر لن يتغير طالما لم نحاسب المقصرين على سوء أدائهم.... أرجو أن يخيب ظني واكتب مشيدا بأي إجراء بهذا الشأن!!!