الأنباط -
كتب محمود الدباس..
لست مختصا بالطب البيطري.. ولكنني كنت في جلسة مع اصدقاء لي.. وكان احدهم يمتلك خيلا اصايل.. فاشتكى مِن مشكلة "القراد" او "القرادة"..
فعلمت انها عبارة عن حشرة طفيلية.. تعيش في الاماكن الرطبة.. وتنتظر الخيل ان مرت بجوارها فتلتصق بها.. وعادة ما تتواجد قرب ذيل الفرس او الحصان لان تلك البيئة هي الملائمة لها.. وتصبح تتغذى على دم الخيل وتسبب لها آلاما وحكة..
وهذه الحشرة في الغالب ما تشعر بانها اصبحت كالخيل الاصيلة عندما تعود ملتصقة بذيل الخيل الى الاسطبلات الراقية في القصور والمزارع الفارهة..
وبعد محاولات عديدة لاثبات تواجدها الشرعي بالتصاقها بالخيل الاصايل.. تجد بان كل من حولها يتغنون بالخيل الاصيلة حين تفوز بالسباق.. او حين تمر في الحقول وهي تتبختر وتتبهى بقوتها وجمالها.. فيجن جنونها ليس لان احدا لا ينظر او يرى او يلتفت اليها فحسب.. بل سيقومون بمكافحتها وازالتها عن خيلهم الاصيلة.. لانها تسبب لها الاذى..
وكالعادة لا بد لي من السماع والفهم.. ومن ثم ربط ما اسمع من مواضيع مع احداث وافعال في حياتنا العادية..
فكم من شخص اعتاد العيش في المستنقعات والاماكن القذرة والبيئة الحاقدة الحاسدة المتسلقة والمتطفلة على نجاحات الغير.. فتطبع بطباع تلك البيئة.. وما يلبث ان يقترب منه انسان اصيل ذا سمعة طيبة.. واخلاق عالية.. وطباع راقية.. فيلتصق به.. محاولا اخذ ما يستطيع منه لعله يرتقي بنفسه الى مستوى اعلى.. ولكن هيهات هيهات ان يغلب التطبع الطبع.. فالفاشل يحتاج الى تغيير جوهري حتى يبدأ طريق النجاح.. والحاقد يحتاج لمعجزة وجهاد نفس عنيفين ليصبح متسامح محب للخير وللاخرين.. ولو كان النجاح يتم فقط بمجالسة الناجحين.. لاصبح كثير ممن يخدمون العلماء.. علماء.. ولاصبح القهوجي شيخا..
وحين يكتشف عجزه من التطبع بطباع الشرفاء الانقياء وحتى العلماء.. تجده يحاول جاهدا الى انزال مكانتهم وتشويه صورتهم لتقترب من مستواه الوضيع.. مثله كمثل الفأء الذي يحاول الشرب من جرة الماء.. فان لم يستطع.. انزل ذيله النجس فيها ليصيبها بالنجاسة..
في الختام.. ان القراد موجود بيننا على اشكال منها افراد من عشيرة او عائلة.. او على شكل زميل في عمل.. او رفيق في رحلة..
فاقول لكل الشرفاء في وطني.. حافظوا على الخيل الاصيلة من ان تختلط بالقراد.. وإن اختلطت وهذا ممكن لانها لا تَرى تلك الحشرة ولا تتنبه لطبيعتها.. فهي لا تظن وجود شيء في محيطها غير الاصالة والشهامة.. فعليكم بازالة القرادة عنها قبل ان تتسبب لها بالاذى وتخسروها.. واعلموا ان القرادة تبقى قرادة.. والخيل الاصيلة تبقى أصيلة..
ابو الليث..