الأنباط -
محمود الدباس
يا من تغمروني دوما بلطفكم ومحبتكم لِما اكتب.. استميحكم عذرا بان تكون لغة خطاب هذا المقال مختلفة بعض الشيء.. فلم اجد مصطلحات تليق بالموضوع.. وتعبر عما اود ايصاله.. غير تلك المستخدمة..
واعلم ان كل مسؤول لا تنطبق عليه هذه الامور سيستغرب الحديث عنها.. وكل مسؤول تنطبق عليه.. سيقول كيف عرف عن ما بحدث معي؟!..
بداية افتتح بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)..
هكذا خطاب فيه امور اجتماعية واخلاقية ومسلكية.. ينسحب وتنطبق على المسلم وغير المسلم.. ومن قوله تعالى نجد ان المُخاطب هم المؤمنون.. وهم الاعلى درجة في الاديان كلها.. ونستطيع ان نستشف بان التثبت والتبيُن من مُوصِلات المرء الى مراتب الايمان.. ومن كلامه عز وجل نجد ان من ينقل الحديث واسرار الناس التي استأمنوه عليها دون مقصد وهدف ونتيجة شريفة هو فاسق..
طرقت هذا الباب لكثرة ما اسمع واشاهد افعالا تشمئز منها العقول الراجحة.. فكم سمعنا عن موظف تم الاستغناء عن خدماته.. او تم نقله او تهميشه من جراء كذب وافتراء وتشويه سمعته من زملاء له لمدرائه..
في السابق كان التثبت ليس بالامر السهل.. وبالمقابل كانت وسائل الكذب والافتراء بسيطة وبدائية..
ولكن في عصرنا الحاضر.. اصبحت اساليب الكذب والافتراء كثيرة وفي متناول الجميع.. فتطبيقات الحاسوب اصبحت تقلب الحق باطلا والباطل حقا..
فكم من مقطع سمعناه او شاهدناه لأناس ثقات.. جعلتنا نفقد الثقة فيهم.. وكانت جراء اجتزاء بعض الاجزاء من الحديث الكامل.. فيظهر ذلك الثقة والمصلح يدعوا للرذيلة.. وهو بالاصل يتحدث عن قبحها ونتانتها.. ومن ضمن حديثه قد يقول كلمات ان تم اجتزاؤها.. تغير معنى الحديث كاملا..
فمصيبتنا في هذه الايام ليست باولئك الكذابين الفتانين القاطعين للارزاق المخربين للبيوت فحسب.. بل مصيبتنا الكبرى بمن "يُرخي" آذانه لهم.. ويشجعهم على افعالهم.. وقد يتطور الامر الى ان يكافئهم على نذالتهم وخستهم وحقارتهم ونتانة افعالهم.. والتي ستجعله هو مصاب بنفس النذالة والرزالة والنتانة ان بقي يقربهم منه..
لو ان كل انسان منا.. مسؤول او اب او صديق او زميل او جار سمع من شخص امرا.. يخص شخصا مشتركا بينهما.. يطلب منه الجلوس ومقابلة الشخص المعني.. والحديث امامه وجها لوجه.. فاعتقد جازما ان كثيرا من هؤلاء ناقلي الحديث الممنهج.. سيتقاعدون من هذه المهنة السيئة..
ولكن هكذا امر يتطلب الشجاعة والثبات والقوة من الشخص الذي يسمع.. وهيهات تجد هذه الصفات في الكثير ممن تسنموا مراكز هي اعلى من قدراتهم.. وجلسوا على كراسي هي اكبر من حجمهم.. فضاعت هيبة المركز الذي استلموه وبالتالي هم ضيعوه..
في الختام اقول لكل من "يُرخي" آذانه..
(فَقد قيلَ لَنا عَنكُم.. كَما قيلَ لَكُم عَنّا)..
وكذلك.. ان اتاك احدهم مشتكيا وعينه قد فقئت.. انتظر واطلب واستمع للاخر.. فقد تكون عيناه الاثنتان قد فقئت..
واقول لمن يستمتع بالحديث ونقل الاخبار للمرخين آذانهم.. بانه سيتم الاستغناء عنكم بعد ان انهيتم مهمتكم.. مَثَلكم كَمَثَل الاستغناء عن الجواسيس بترك مصائرهم معلقة بيد من كانوا يتجسسون عليهم.. ومن ثم الى مزابل التاريخ.. وسيشك فيكم كل قريب وصديق.. ولن يأتمنكم بعدها..
ابو الليث..