الأنباط -
أين هي وزارة الزراعة ...
نعم أين هي وزارة الزراعة ممّا يحدث في البلد ، هذا السؤال يتبادر إلى الذهن مباشرة بعد أن يتم طرح إسم هذه الوزارة ، والإجابة الضمنية هي فعلا الوزارة الغائبة عمّا يحدث في الوطن ، بالكاد تراها ، حتى أنك لا تتذكر بإنك سمعت بإسم وزيرها فضلا عن أن تعرف موقعها لولا أنه كان له مساهمة في أزمة ذلك الشارع الذي يرتبط به مباشرة ذلك الباص السريع ...
نحن نعلم بأن هناك مشكلة لحوم ، وقصة اللحم الجورجي والتركي وغيرها ...
وهناك خضار مهرمنة ...
وهناك مشكلة في زراعة القمح والشعير ، فضلا عن دعمه ، فضلا عن آلية شرائه ...
وهناك غياب تام للتنسيق مع مراكز البحوث الزراعية ، ولا يوجد تطوير زراعي ، والمزارع يستخدم ما يشاء كيف يشاء...
وهل هناك بنك للبذور الوطنية ، البندورة البلدية والبامية وغيرها فنحن نعاني من غياب هذه المراكز ...
وهناك غياب للتنسيق مع الجامعات وعدم إستفادة منها ...
ولا يوجد جمعيات أو تعاونيات زراعية فاعلة تساهم في تجميع المزارعين ، فضلا عن ضبط الجودة ، وفضلا عن التعبئة والتغليف والتسويق ...
وماذا حدث في مصنع رب البندورة ...
وماذا حدث في خطة الزراعة الوطنية ، ووضع آلية للزراعة الوطنية وتوجيه المزارع وتوفير الدعم الفني والمادي والتسويقي له ...
وماذا حدث في المشاريع الصغيرة ، ألا نسمع يوميا عن متعثرين ...
وأين هو صندوق الإقراض الزراعي وما هو دوره ...
وقصة الدواجن والبيض وزيت الزيتون والحليب والخضار التي تتوفر عندما لا نريدها وتنفقد عندما نريدها ...
وقصة دعم أصحاب المواشى والفساد في صرف الدعم لمربى الحيوانات ...
وماذا يحدث في سوق عمان المركزي ولماذا لليوم لم تستطع الحكومة إصلاح التشوهات التي تحدث هناك ...
هذه جملة من الأسئلة التي تبادرت إلى ذهني وذهن الكثيرين معي عندما طرحت زيارة وزارة الزراعة على طاولة ملتقى النخبة -elite ، وتوقعنا غيابا جزئيا إن لم يكون كامل عن الحلول لهذه المشاكل ،ولم نتوقع أن نسمع حلولا فضلا عن أن يكون هناك مبادرات أو تفكير في ألية الحل ، ونحن نسمع يوميا شكاوى المواطنين و المزارعين وإتحاد المزارعين ومربي الحيوانات والدواجن وأصحاب المشاريع الصغيرة ...
في وزارة الزراعة وفي موقعها الجديد الذي تم إستملاكه عبر خطة تدفع من خلالها الوزارة مبلغا من المال لمدة عشر سنوات ويصبح المبنى بعد ذلك ملكا للوزارة ، بعد أن كانت تدفع حوالي نصف مليون أجرة سنوية في موقعها القديم ...
دخل علينا المهندس خالد حنيفات إبن الأردن إبن القرية إبن الطفيلة والذي هو عضو من عائلة كبيرة من الأخوة والأخوات تماما كما هو حال معظمنا ، يعرف مشاكل الأسرة والمزارع والزراعة وهمومها وما يمسها بشكل مباشر وغير مباشر ، بدأ الرجل الكلام بأسلوبه السهل الممتنع والذي يعطيك زخما كبيرا من المعلومات ويناقش الكثير من القضايا ...
ما زلت متحفظا في جلستي متمسمرا ومستعدا للهجوم ، وبدأت أخط على الورقة أمامي خطة الهجوم على هذا الرجل ، فهذه الوزراة في نظري هي المشكلة وهي الحل ، ومن خلالها نستطيع النهوض بالوطن ، فقبل البدء هناك البذار والسماد والماء وهناك معرفة ضرورية وإشراف ضروري حتى لا نسيء إستخدام المواد الكيماوية والعضوية أو هدرها ، وما أن يبدأ الإنتاج الزراعي حتى يرافقه التصنيع والتغليف والتسويق ، وهذه تخلق فرصا وإقتصادا وسوقا وتصنع إزدهارا حقيقيا ، وهي مساهم حقيقي في الناتج المحلي ، وفي تخفيض البطالة ، فضلا عما يرافق الإنتاج والإزدهار من راحة نفسية وتحسن في المزاج العام وإبتعاد عن الكأبة وأسبابها ، فهي ناتج قومي على مستوى الإقتصاد ومساهم كبير في تحسين مستوى الحالة النفسية للإنسان ، ونعلم تماما كيف تطورت البشرية نتيجة لإنتقالها من مرحلة ما قبل الزراعة إلى مرحلة الزراعة وكيف أثرت على بناء المدن وتوطين البشر في تجمعات وخلق صور من الحضارة التي نعرفها اليوم ...
تكم الرجل وصمتنا جميعا ، نعم صمتنا ...
فهناك مركز أبحاث وطني ويتم التنسيق مع الجامعات ، وهناك خطة للإستفادة من التفرغ العلمي لهؤلاء الدكاترة في وزارة الزراعة وفي مراكز الأبحات ، وهناك مركز للبذور حتى أنه يصدر إلى دول مختلفة مثل الجزائر وتونس بل لديه معرفة وأنتاج يناسب هذه البلدان ويؤمن حاجاتها وليس حاجات الأردن فقط ويعمل على تطوير هذه البذور والوصول إلى حالة من الإكتفاء الذاتي ، وهناك خطة للإرشاد وسعي لتعين ثلاثمائة وخمسين مهندسيا زراعيا ، وهناك خطة وضعت بإجهزة حديثة وسيارات كهربائية تم شراؤها ، حتى يتوزع هؤلاء في الميدان ويساهموا فعليا في رفد المزارع والزراعة والإنتاج الحيواني بما يحتاج إليه ، وكل ذلك في سبيل رفعة المنتج الاردني ليكون مناسبا داخليا وخارجيا ...
وهناك خطة لتشجيع الإستثمار في القطاع الزراعي والتصنيع والتعبئة والتغليف ، وتم الإتفاق مع عدد من المستثمرين لفتح مصانع تعبئة وتغليف وتجفيف في مناطق مختلفة من الأردن ، وقريبا ستبدأ هذه المصانع ، وهناك دعم من الوزراة لكل مستثمر في هذ ا القطاع بحيث تتحمل الوزراة الأعباء المالية في المناطق التنموية لمدة خمس سنوات عن هذا المستثمر ، وهذا في أي أنتاج غذائي زراعي ، وللهروب من تجربة مصنع البندورة والتصنيع في القطاع العام ، لأننا جميعا نعلم بأنه من الصعب أن تنجح مثل هذه الأفكار في القطاع العام للأسف ...
في موضوع التنوع الزراعي وتأمين حاجات الوطن من المواد الزراعية ، وحيث أن هناك تساؤل كبير عن سبب عدم زراعة القمح والشعير والتوجه للزراعات الأخرى ، كان الجواب بأننا فقراء في الماء ، نعم الأراضي في المملكة صالحة للزراعة بنسبة تسعين بالمائة من أراضي المملكة ، ولكن المشكلة هي توفر المياه ، ولذلك نتوجه للمزروعات ذات المردود العالي على المتر المكعب من الماء ( مردود التمر من المتر المكعب هو عشرة دنانير في مقابل أربعين قرشا للمتر المكعب من القمح ) ومع ذلك يتم تأمنين حاجات الأردن من القمح لمدة تصل إلى ثلاثة عشر شهرا ، ما يجعل الأردن في مرتبة متقدمة بعد الدول المنتجة لهذه المادة ، فالعبرة هنا هي في تعظيم الناتج مقابل الإستغلال الأمثل للماء ، فأنتاج الخضار يصل إلى مائة واربعين بالمائة من الحاجة ، ومعظم حاجاتنا ننتجها بأنفسنا ...
في موضوع دعم المزارعين والمشاريع الصغيرة المتوسطة ، تم رفع سقف الإقراض الزراعي إلى مائة وخمسة عشر مليون دينار من أصل أربعين مليون وضمن عوائد مخفضة وشروط سهلة ، ومتاح للمزاعين أخذ هذه القروض والإبتعاد عن التجار الذين يساهمون في وضع القيود على المزراع وإجباره على التعامل مع سوق عمان المركزي ، والوزارة تسعى من خلال هذه الخطوات للتخفيف من سيطرة التجار على المزارعين ، ولكن تبقى قضية وعي المزارع عائق في هذه الموضوع ...
ومتاح للشباب ضمن شروط ميسرة أخذ مبلغ عشرة ألاف دينار لشراء حوالي خمسين راسا من الحلال وهذا يخلق له فرصة ليصبح من كبار المربين خلال فترة بسيطة ، حيث تصل هذه إلى خمسة الأف رأس خلال عشر سنوات وهي فرصة ممتازة إضافة إلى أن الأعلاف مدعومة والدعم الطبي والفني متوفر ولكن تبقى الإرادة هي العائق ...
وأيضا تم توجيه المزارعين للإنضمام إلى التعاونيات الكبيرة بحيث تتولى الوزارة الدعم الفني والمالي لهذه التعاونيات مع خلق الفرص للنهوض بمستوى المنتج الوطني من مراحله الأولى حتى يصل إلى التعبئة والإنتاج ، حتى يكون هذا المنتج مقبولا في أسواق عالمية ، وتم فعلا فتح أسواق أروبية لهذه المنتجات مثل هولندا وغيرها ...
في موضوع دعم الأسرة المنتجة ، تم الإتفاق على بناء مجمع على طريق المطار تتولى الوزارة الإشراف عليه ويتم من خلاله تسويق هذه المنتجات إلى المواطن مباشرة بحيث تصبح هذه الأسر هي المستفيد مباشرة من هذا النشاط وسيتم إنشاء مركز مشابه في الشمال ...
وفي موضوع التسويق تم إنشاء الشركة الأردنية الفلسطينية بحيث تتولى هذه الشركة تسويق المنتجات الأردنية والفلسطينية إلى أسواق الخليج والعالم ، علما بأن لم يتم إستيراد أي منتج زراعي من الكيان المحتل خلال سنوات ، وهذا موقف يسجل للوزير وطاقمه ، بحيث يتم تأمين حاجات السوق الأدرني في حال نقص بعض المواد من مصادر مختلفة ، وهذا ما حدث في موضوع اللحوم حيث كانت الوزارة منفتحة على كافة المصدرين ، ولذلك نرى اللحم التركي وغيره ...
وفي موضوع اللحم الجورجي ظهرت الحقيقة للمواطن بأن الكثير مما يثار على مواقع التواصل هو في الحقيقة ذر للرماد في العيون ، وعندما نصل إلى موضوع التطبيق لا تنجح الكثير من هذه الأفكار في الحياة العملية ، وهذا للأسف حال الكثير من المشاريع التي تطرح عبر مواقع التواصل ، فهناك فرق بين الواقع والتطبيق ، وبين الحلم والممكن ، ولكننا تأخذنا العاطفة مع هذه الأفكار الخيالية والتي تغرق في بحر الواقع ...
وهنا أريد أن اؤكد على أنه لا مانع من النقد والتحليل ولا مانع من محاولة معرف الحلول المناسبة والبحث عن الأفضل ، ولكن أن نجلد ذاتنا وإنجازتنا فهو في رأيي أمر غير مقبول ، فنحن في وطن تتوفر فيه حاجات المواطن على مدار العام ، والكثير منّا مثل هذا الوزير يعمل ليل نهار ، لتأمين حاجاتنا الغذايئة والتغذوية ويسعى للنهوض بهذا القطاع في كافة السبل وكل في موقعه ، ولذلك لا بد من العدل والانصاف...
حتى ذباب الغور له من تفكيره نصيب وتم تخفيض هذا الذباب إلى مستويات جيدة ويسعى من خلال الوعي وتوفير السماد المناسب وأجهزة صنع السماد العضوي من المخلفات العضوية حتى لا يبقى هناك مجال لهذا الذباب للتكاثر...
وأريد حقا أن نرتقى عن أن نكون نحن ذبابا إلكترونيا يسعى لإحباط العاملين ويخلق أجواء من الكأبة في المجتمع ، فهناك حقا عمل يجب تقديره وإحترامه ، وهو ما يؤمن لنا حاجاتنا اليومية ، والتي للأسف لا نلاحظها ، وهذا لا يمنع بحال أن نؤشر على الفساد أو على الأخطاء وننتقدها ولكن أن نقدر من يعمل حتى تستمر المسيرة ...
لم أقف حقيقة رغم هذه الأطالة على كل ما جاء في اللقاء ، ولكن بدل أن أبادر بالهجوم على هذا الوزير ، وقفت محترما شاكر لكل هذه الجهود التي تبذل والتي هي مبادرات قائمة وأخرى قيد التنفيذ ، ولم أنبس ببنة شفة غير الشكر والتقدير لهذه الوزارة والوزير المحترم ...
إبراهيم أبو حويله