الأنباط -
تزايدت أعداد المهاجرين التونسيين غير الشرعيين في الاونة الاخيرة بشكل ملحوظ، حيث تقل قوارب الموت باستمرار ألاف التونسيين الباحثين عن وطن بديل. وبحسب احصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية ارتفع عدد المهاجرين التونسيين غير النظاميين بين يوليو/تموز 2021 والشهر ذاته من العام الجاري 2022، إذ بلغ عدد الواصلين إلى أوروبا عبر مختلف الطرق أكثر من 20 ألف تونسي.
كما سجل المنتدى منع السلطات التونسية لأكثر من 23500 مهاجر غير نظامي من الوصول إلى السواحل الإيطالية من خلال إحباط أكثر من 1800 عملية اجتياز منذ بداية السنة الحالية.
ووفق إحصائيات نفس المصدر فإن الجنسية التونسية أصبحت تحتل المرتبة الأولى في الواصلين إلى إيطاليا بنسبة 18%، بعدما كانت في المرتبة الثالثة العام الماضي.
كما يشير المنتدى أن 45% من بين المهاجرين غير النظاميين حاملين للجنسية التونسية في مقابل 55% من غير التونسيين.
دوافع الهجرة غير الشرعية
تشعبت دوافع الهجرة غير الشرعية واختلفت الأسباب حول عوامل الطرد في البلد الأصلي وعوامل الجذب في البلد المستقبل. وتعد ظاهرة تفشي البطالة وإنعدام مواطن الشغل المحرك الأساسي والرئيسي لهذه الظاهرة.
فبحسب المعهد الوطني للإحصاء بلغت نسبة البطالة في تونس،8,4% عام 2021 من بينهم 30,1% من حاملي الشهادات العليا.
وذكر المعهد أن نسبة البطالة تجاوزت 20.5 بالمئة في صفوف النساء مقابل 13.1 بالمئة عند الرجال خلال الثلث الثاني لعام 2022، إلى جانب تفاقم الفقر لدى الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع على رأسها النساء.
إن العامل الاقتصادي يعتبر من أهم العوامل الطاردة، والجاذبة للهجرة فمن أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر في شخص أو أسرة وتدفعها للهجرة هو توقع الحصول على وظيفة أفضل، وتحسين الرخاء الاجتماعي.
يعيش التونسيون منذ اندلاع ثورة الياسمين حالة من الخوف واليأس من المستقبل، وهو ما يدفع البعض منهم لاختيار وجهات أخرى تكون ظروف الحياة فيها أفضل . خصوصا وأن نسبة التضخم قد بلغت أعلى مستوياتها منذ ثلاث سنوات بنسبة9,1 بالمائة.
كما لعبت أيضا مواقع التواصل الاجتماعي دورا بارزا في التأثير على الرأي العام وعلى قراراته وخاصة فئة الشباب والقصر.
نساء وأطفال على قوارب الموت
تم مؤخرا تسجيل العديد من حالات الهجرة الجماعية للعائلات والنساء والقصر على الحدود التونسية
فيما قُدّر عدد القُصّر التونسيين الواصلين إلى إيطاليا بطريقة غير نظامية بحوالي 1242 منذ بداية 2022، حسب أرقام المنتدى التونسي.
كما أشار المصدر نفسه أن 498 إمرأة تمكنوا من الوصول إلى السواحل الإيطالية منذ بداية هذا العام.
ومن المؤكد أن أسباب هجرة القصّر تعود إلى عوامل اقتصادية واجتماعية مرتبطة بوضعية الطفولة في تونس، على سبيل المثال الانقطاع المدرسي.حيث سجلت الإحصائيات الرسمية أنه ينقطع يومياً نحو 280 تلميذاً، ليبلغ العدد السنوي للأطفال الذي غادروا مقاعد الدراسة أكثر من 100 ألف تلميذ.
فيما قُدّر العدد الإجمالي في السنوات العشر الأخيرة للمنقطعين بنحو مليون تلميذ، مقابل عجز منظومة التكوين المهني عن استيعاب المنقطعين وإدماجهم.
وفي سياق متصل يلعب المحيط الأسري الدور الأهم في دعم هذه الظاهرة فنجد العديد من العائلات تشجع أبنائها وتدعمهم ماليا للهجرة وربما ما يقف وراء قرارهم ذلك الحماية الدولية للقصر ووضعهم القانوني.
ختاما يقودنا التساؤل حول ما إذا كان الاقتصار على المراقبة الأمنية هو الحل للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية؟
أمام الوتيرة المتصاعدة لظاهرة الهجرة غير الشرعية على الرغم من الجهود المبذولة للتصدي لها بات من الضروري وضع استراتيجية ومقاربة شاملة لمعالجتها وعدم الاقتصارعلى الحلول الأمنية مع ضرورة إرساء منوال تنموي يعمل على تشجيع الشباب على بعث مشاريعهم ودعمها.
مع ضرورة معالجة دوافع الهجرة والعمل على توفير فرص للشغل مع ضمان العدالة في الأجور.
ويبقى السؤال هل سينجح الرئيس التونسي قيس سعيد في التحدي الأكبر لمعالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية في تونس؟