إطلاق المرحلة الثانية لمشروع "تحسين جودة البنية التحتية من أجل إدارة كفؤة للمياه في الأردن " اختتام حملة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لدعم مرضى السرطان من غزة الناقل الوطني الأمل الوحيد للعجز المائي .. ندوة في عمان للترويج السياحي الثقافي في نانتشانغ الصينية الساكت: المشاركة في الانتخابات تعني أن نكون شركاء في صنع القرار مدرب النشامى يؤكد جاهزية المنتخب للقاء نظيره الفلسطيني اعادة انتخاب مجلس إدارة مؤسسة إعمار السلط الحالي للدوره القادمة بالتزكية و إضافة السيد عبدالرحيم الواكد إلى المجلس السعايدة : اتفاق مع "المستقلة للانتخابات" لتنظيم ملف الإعلام مستقبلاً العقبه -منح سلطة منطقة العقبه الاقتصاديه الخارجية تعزي بضحايا الفيضانات في المغرب عمان الأهلية تشارك بالمؤتمر الدولي السابع لجمعية أطباء الأمراض النفسية الأردنية من هي المرأة التي ستمثلنا في مجلس النواب إبراهيم أبو حويله يكتب : مدرسة حزبية ... "شومان" تعلن أسماء الفائزين بجائزة أدب الأطفال لدورة العام 2024 رئيس جامعة البلقاء التطبيقية يكرم نائبي الرئيس والعمداء الذين تقدموا باستقالاتهم الدلالات والرؤى في رواية "كويت بغداد عمّان" لأسيد الحوتري وزيرة التنمية تستقبل بعثة منظمة المرأة العربية لمراقبة الانتخابات صندوق الإتمان العسكري يعطل أعماله الثلاثاء سلطة المياه : توقيع منحة دعم من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية ضمن مشروع المحافظة على المياه مدير عام الشؤون الفلسطينية يلتقي مدير عمليات الأونروا
محليات

كسر القاعدة اليابانية القائلة "جميع الألوان عند الأعمى تتشابه"

كسر القاعدة اليابانية القائلة جميع الألوان عند الأعمى تتشابه
الأنباط -

البقاعين وطلبته المكفوفين يقاتلون وهم محاصرين بشح التمويل
الأنباط – زينة البربور 
لم يهدأ الأردني سهيل البقاعين حتى عمل على كسر القاعدة والمثل الياباني القائل؛ "جميع الألوان تتشابة عند الأعمى"، فقد أثبت من خلال مشروعه النادر "عبق اللون"" المخصص لـ المكفوفين وذوي الإعاقة أن الكفيف يستطيع قراءة الألوان والتمييز بينها عن طريق حاسة الشم. 
قد تكون تجربة الألم التي عاشها البقاعين مع والدته تعتبر أحد أبرز الأسباب الكامنة خلف مشروعه "عبق اللون"، التي تعرضت لضعف في بصرها حتى تلاشى نهائياً، هذه المعاناة ولدت لديه شعورا أن كل منا يعيش ألمه بطريقة ما، وقد يكون معرض لخسارة جزء من حياته في أحد الأيام على حد وصفه.
مشروع إنطلق منذ ما يقارب الـ 12 سنة على حد قوله لـ "الأنباط"، حيث كان خطوته الأولى أيام تطوعه لـ الإلتحاق بـ الأكاديمية الملكية لـ المكفوفين لـ تعليم حوالي 100 طالب من جميع الإعاقات البصرية، الأمر الذي وضع فكرته في دائرة الإستغراب من قبل الكثير ممن حوله كونها جديدة في ذلك الوقت. 
يقول البقاعين، بينما كنت أجري المقابلات لـ الطلبة، خرجت إحداهن بشكل مفاجىء وإسمها أسيل وقالت لي :" أنا عندي حلم وبدي ارسم قبل ما افقد بصري"، الامر الذي أشعل نار التحدي بادخلي، وزاد من إصراري في إنجاح فكرتي، وتيقنت حينها أن هذه الطفلة يسكن في روحها مرسم من اللوحات الفنية، وبحور من الألوان الزاهية، وبراكين من اشكال الفنون ترغب بشدة أن تفجرها بـ لوحات تسر الناظرين. 
وبكل جدية وحزم وإصرار، إستطاع البقاعين بعد ذلك أن يقلب الفرضية إلى نظرية، لا بل أوصلها لـ أن تصبح حقيقة علمية وقام بـ تطبيقها بكل إتقان وجمال كـ جمال فنه، وأنتج حينها عدة معارض فنية أبرزها "ما وراء البصر" و "المشاهدة هي الدليل"، و "ظلال وقارئ اللون"، حتى أن مشروعه وصل لـ أن حظي بـ زيارة خاصة أجراها جلالة الملك عبدالله الثاني لـ مشروعه، وحظي بـ تكريم من جلالته لـ وسام الملك عبدالله الثاني إبن الحسين لـ التميز من الدرجة الثالثة. 
البقاعين أضاف إضافة نوعية لـ عالم الأكفاء، وأخرجهم من عالم الخوف واللوان الواحد وأدخلهم عالم الفن، وجمال الألوان، والتخيل من خلال أصابعهم وحواسهم، وأصبح الكثير منهم على الصعيد المحلي الأردني فنانيين يرسمون أجمل اللوحات الفنية، وأصبحت رائحة الليمون تشير إلى اللون الأصفر، وفاكهة الفراولة إلى اللون الأحمر. 
يقول البقاعين في حديثه مع "الأنباط"، أن مشروعه ساهم بـ توسيع أفق الخيال بدى المكفوفين ما عمل على تغيير نظرتهم إلى الحياة بشكل جديد عوضا عن ما كانت علية من الحصار بـ الأسود والأبيض، إضافة إلى انه عمل على رفع القدرة عندهم في التعبير عن ما يشعرون، وعززت ثقتهم بـ أنفسهم، وأتاحت لهم مكانا أوسع في المجتمع بشكل عام، وتعليمهم أن الحياة لا شيء مستحيل فيها، والعوائق والتحديات مجرد محطات مؤقته أمام الكفيف. 
ولم يهدأ ويكتفي بال البقاعين في ما وصل إليه على الصعيد المحلي لأنه يؤمن ويحمل رسالة إنسانية سامية على عاتقه، وإستمر في دعم الأطفال من طلبته، وشارك في عدة فعاليات عربية ودولية، وقام بـ عرض ما صنع وطلبته المكفوفين وذوي الإعاقة من لوحات فنية حول العالم فمن فرنسا لـ كوبا وبلغراد وصربيا وجزيرة موريشيوس وجنوب إفريقيا والأمارات العربية وصولا إلى لبنان، وحصد النجاحات المتعددة، وأخذت فكرته بـ التوسع ولها أصداء كبيرة جدا على مستوى العالم. 
ولكن وكما جرت العادة في مجتمعنا، فـ بالرغم من كل النجاحات التي حققها البقاعين وطلبته في مشروعه، إلا أنه يعاني كـ غيرة من عوائق وصعوبات عملت على إرهاقه وإستنزاف كل قواه حتى بات كـ المقاتل المحاصر، فـ غياب الدعم المادي حد من توسع مشروعه وإستدامته وبات يعمل بـ اقل التكاليف والإمكانيات، وما يأتيه من دعم إما أن يكون شحيح أو غير مستمر، فـ وزارة الثقافة تقدم الدعم فقط أثناء المعارض كـ معرض "العصا البيضاء"، فـ التطور في هذا المشروع يحتاج إلى دعما مستمر وثابت وليس رشقات من هنا وهناك لا تكاد تملأ علبة الألوان الفارغة.
ويضيف البقاعين، ان هدفه ليس فقط تدريب وتعليم المكفوفين على الرسم فقط، وإنما يحاول جاهدا أن يصنع لهم هوية تحدد مسارهم المهني في المستقبل، ليكونوا منخرطين ومتفاعلين في المجتمع، ويشير إلى ان جميع طلبته أبدعوا في دراستهم وحققوا مراتب عليا، فـ منهم من درس ويدرس حاليا اللغة الألمانية والصينية والإنجليزية، الأمر الذي حقق أبرز الأهداف لدى البقاعين المتمثل بـ تحويل هذه الإعاقات الربانية إلى طاقة تساعدهم على الإستمرار والإعتماد على الذات. 
تعامل سهيل مع العديد من حالات الإعاقة كـ مرضى التوحد، وساعد في معالجة العديد منهم من خلال فن الرسم خاصة في العام 2006، إلا أنه ركز على فئة المكفوفين، واستمر معهم محاولا تتقديم ما هو مختلف عن المعتاد والمقلد، واستطاع حقاً وبكل صدق ان يعيش عالم الإحساس الخاص بـ "أسيل ومايا وآلاء" وغيرهن الكثير ممن فقدوا بصرهم. 
فلو تأملنا في رسم العميان نرى ان بعضهم جاء بـ لوحات يعجز عنها صناعتها المبصرون، ما يجعلنا في غاية التعجب والتساؤل : ماذا لو كان هؤلاء مبصرين..؟
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير