الأنباط -
سبأ السكر
في ضوء قرار لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي برفع أسعار الفائدة على كافة أدوات السياسة النقدية بمقدار 75 نقطة أساس، نظرا لـ تنامي الضغوط التضخمية الخارجية وما نجم عنها من ارتفاع في أسعار الفائدة السائدة في الأسواق المالية العالمية، والتزاما من البنك المركزي بتعزيز أسس الاستقرار النقدي والمحافظة على جاذبية الدينار الأردني كوعاء ادخاري.
وجاء قرار اللجنة من حرص البنك المركزي على توفير التمويل بشروط تفضيلية وميسرة للقطاعات الاقتصادية الحيوية.
الخبير الإقتصادي حسام عايش علق في حديث خاص له مع "الأنباط" على قرار اللجنة بـ القول "إنه كان بإمكان البنك المركزي العودة مره أخرى عن رفع اسعار الفائدة، أو رفع الفائدة بما يتناسب مع متطلبات أداء الاقتصاد المحلي، بدلًا من الرفع 75 نقطة أساس يمكن استبدالها برفع سعر الفائدة لـ 50 نقطة، وليس أكثر من ذلك، مبينًا أن الهدف من ذلك المحافظة على سعر صرف الدينار لأنه يبقى هدف استراتيجي مهمًا يجب العمل عليه".
وبين، أن المغالاة في رفع هامش الفائدة بين الودائع والتسهيلات، وارتفاع أسعار الفائدة مسبقًا، يفاقم مشكلة الارتفاع لـ أسعار فائدة في الولايات المتحدة الأمريكية قبل البدء في رفعها بـ ستة شهور، والتي كانت قريبة من الصفر، وبالتالي رفع الفائدة يصل الآن 3.25%، بينما في الأردن تصل التسهيلات لـ أفضل العملاء من الافراد إلى 8.50%، اما العملاء العاديين يتحملون فوائد 9-12% أو أكثر، مشيرًا إلى أن أي كلفة اضافية تفاقم من المشكلات المتعلقة في السداد، او حتى الحصول على تسهيلات وقروض جديدة ، موضحًا أن توالي رفع اسعار الفائدة ارتباطًا برفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ليس بجديد، وأن المبررات المقدمة لرفع أسعار الفائدة في المملكة؛ بهدف المحافظة على جذب الودائع ومواجهة التضخم،وغيرها...، لا تبدو منسجمة مع الواقع، موضحًا أن جائحة كورونا عملت على تخفيض أسعار الفائدة لإتاحة فرصة أكبر أمام الأشخاص لاستثمار ودائعهم في السوق، وأن الحاجه لا زالت مستمرة حتى الآن.
واشار إلى أن الأردن بحاجة للمزيد من الاستثمارات، ووضع قوانين استثمارية جديدة لجذب المستثمرين، وبالتالي أن التبرير المتعلق برفع أسعار الفائدة يهدف إلى زيادة الودائع بالدينار، ومواجهة التضخم والذي ارتفع مع كل زيادة سعر فائدة احدثها البنك المركزي اتساقًا مع ما يحدث لدى البنك الفدرالي الامريكي، مضيفا أن الكلف ترتفع وهذا نتائجهُ واضحة، مبينًا أنه من الممكن أن يضبط التضخم في مرحلة معينة ولكنه لم يحدث حتى الأن ، مشيرا إلى أن رفع 75 نقطة أساس وارتفاعها لثلاث مرات متتالية، بهدف وقف التضخم لمستوى معين من ثم العودة الى المستويات الطبيعية يحتاج إلى وقت طويل ، مؤكدا أن رفع اسعار الفائدة يؤدي في المرحلة الأولى الى المزيد من التضخم، وفي مرحلة لاحقة إلى تراجع في الاقتصاد الوطني .
وأضاف، أن الهدف من رفع أسعار الفائدة، هو هدف انكماشي، بهدف التأثير على معدلات الانفاق سواء انفاق استهلاكي أو استثماري، وتقليل الحصول على القروض ورفع كلفتها على المقترضين أو الراغبين بالاقتراض، والتأثير على الاجور والأسعار في السوق، ومن ثم كـ نتيجة التأثير على معدلات النمو الاقتصادي وتراجعها، وهو الأمر الذي يؤثر مباشرةً على معدل دخل الفرد من هذا الناتج يؤثرعلى معدلات البطالة ومعدلات الفقر وجميع الفرضيات المتعلقة بالاداء الاقتصادي كما جاء في الموازنة العامة لـ الدولة.
وتابع، أنه يؤثرعلى كلفة الصادرات (برفع تنافسية الصادرات ورفع كلفتها)، وبالتالي يؤثر على واحد من اهم مصادر الحصول على العملات الاجنبية، وربما يؤثر على الايرادات السياحية وبأنها ارتفعت بحكم ارتفاع سعر الدولار، ضاربا مثال أن الدول الاوروبية تعتبر كلفة السياحة مرتفعة، ما يؤدي لتراجع عدد السياح القادمين من اوروبا، مبينًا ان هذه الكلف التي يتحملها الاقتصاد، هي كلف ضخمة.
وأوضح عايش ذلك بـ معنى "أن البنوك المركزية عليها المفاضلة بين أمرين اما ابقاء التضخم مرتفعًا مع كل ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من فقاعة اقتصادية قد تطيّح بالاداء الاقتصادي بشكل كامل وأن كان ذلك مستبعدًا لدى الاقتصاد المحلي لأنه يحتاج تحفيز ليعود إلى مستويات ما قبل الحاجة وهي مستويات تحتاج إلى المزيد من النشاط والاستثثمار والاداء الاقتصادي المختلف وهو الأمر الذي لم يكن متوفرًا بالشكل المطلوب.
وتابع، أن هناك دول عديدة تضحي قليلاً في النمو الاقتصادي من أجل كبح جماح التضخم ومنع اثاره السلبية على الاقتصاد، وهذا ما تقوم به بعض الدول ، ولكن في الحقيقة نعتبر الأردن متلقين أكثر من أن نكون فاعلين فيما يتعلق باسعار الفائدة وأمور أخرى، لذلك ترتفع الكلف، موضحًا أن الاشكالية الأساسية لدينا ، مشيرًا إلى أن هامش الفائدة بين فائدة على الودائع والتسهيلات كبير لـيصل إلى 4-6% وربما يتجاوز ذلك في بعض الحالات ، لذلك وطأت الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة يفاقم من كلفة هذه الفائدة على التسيهلات بشكل ضخم ويزيد الاعباء ويرفع مدة السداد إلى ما يقارب سنة لثلاث سنوات؛ بسبب ما توجه به البنك المركزي للبنوك من عدم رفع سعر الفائدة بشكل مباشرعلى الاقساط التي يتحملها المقترضون الامر الذي قد يؤدي الى تأجيلها وبالتالي ستكون مكلفة على صعيد الوقت وعلى الكلف الاضافية التي يتحملها المقترض.
وأضاف، أن ما ذكر سابقًا يؤدي إلى توقف أو تراجع اعداد الذين ينوون الحصول على القروض لـ شراء شقق، سيارات أو أراضي، الخ...، ما سيؤثر مباشرة على الحراك الاقتصادي أوالتجاري الداخلي ، متابعًا أنه في العودة الى موضوع المزاد الخارجي لشهادات الايداع فأن البنك المركزي اعتاد على اصدار هذه المزادات ، مبينًا أن شهادات الايداع هي ودائع لاجل وهو منتج مالي يباع من قبل البنوك ومؤسسات التوفير، وشركات الائتمانية،..الخ، وهذا نوع من المزاد لجمع الاموال من السوق الثانوي على مدار مدة محددة وثابتة، وغالبًا ما تكون المدة من شهر لـ خمسة شهور، موضحًا أنها شكل من أشكال الحصول على تمويل لعمليات مختلفة من خلال هذه الشهادات.
وتابع عايش، أن في جميع الاحوال هذه الأشكال مختلفة يلجأ إليها البنك المركزي والبنوك التجارية وغيرها، حيث تكون أسعار الفائدة معلومة طوال مدة القرض، وبالتالي لا تتأثر بارتفاع أو انخفاض الأسعار، وأنها لها مدة زمنية معلومة مسبقًا، بوجود شروط تتعلق بكيفية تسيلها التي من المفترض أن تكون مع نهاية الفترة والا كانت هناك غرامات متفق علها أو على الشخص الذي يريد الحصول على شهادات الايداع أو على امواله خلال هذه الشهادات قبل المدة المقررة .
وفي السياق ذاته، اكد الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة لـ"الأنباط" أن لا بد من البنك المركزي أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة على الدينار الاردني، وان لا يتبع اي ارتفاعات جديدة يقوم بها الاحتياطي الفيدرالي للمحافظة على هامش بين أسعار فائدة الدينار والدولار للمحافظة على جاذبية الدينار، لافتًا أنه لا بد من تبني البنك المركزي خطوة بعدم رفع الفائدة بناء على المعطيات الاقتصادية والسياسية السائدة حاليا والتراجع الحاصل في النمو الاقتصادي ، وتراجع النمو في كافة القطاعات الاقتصادية، مبينًا أن تخفيض سعر الفائدة مجددا سيساهم في التأثير ايجابيا على عدة قطاعات اقتصادية، وتخفيض كلفة التمويل على المشاريع المعتمدة على تمويل البنوك، وكلفة التمويل على الأفراد وتخفيض حجم الودائع وتوجية جزء من السيولة الى بورصة عمان والقطاع العقاري ، مبينًا أن اتخاذ قرار بعدم التخفيض قد يكون محببا حاليا للبنك المركزي لانه سيحافظ على هامش أسعار الفائدة بين الدينار والدولار وهو ما يتطلع لتحقيقه المركزي حاليا للحفاظ على جاذبية الدينار.
من الجدير ذكره أن هذه المرة الخامسة التي يقوم بها البنك المركزي برفع أسعار الفائدة للمحافظة على سعر الدينار مقابل الدولار وذلك بعد رفعها من قبل الفيدرالي الأمريكي نتيجة لـ التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية .