الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة،،
بعد صدور تشريعات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ومن ضمنها قانون الأحزاب السياسية، تفاءلنا خيرا بأن الأحزاب السياسية سوف تتجاوز الإرث السلبي الذي ورثته الأحزاب السياسية القديمة، ومن هذا الإرث ملكية المواقع القيادية للأحزاب لنفس الشخوص مدى الحياة، وبعد صدور قانون الأحزاب الجديد بدأت ما يسمى بالنخب والقيادات السياسية بتشكيل الأحزاب السياسية الجديدة، وانتشرت حملة إعلامية واسعة على كل المستويات الإعلامية للترويج لقانون الأحزاب الجديد بهدف تشجيع المواطنين وبالأخص الشباب والمرأة على الإنخراط بالعمل الحزبي ضمن محفزات شبابية ونسائية، لكن سرعان ما بدأت بعض النخب والقيادات الحزبية بالانشقاق والإستقالة من بعض الأحزاب وقبل استكمال إجراءات الترخيص الرسمي، وما لفت انتباهنا وأثار استغرابنا استقالة رئيس لجنة الأحزاب السياسية في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الذي أطربنا من كثرة ما تحدث عن قانون الأحزاب وإيجابياته ومحفزاته ومستقبل الأحزاب، وهو يشجعنا على الدخول والإنخراط في الحياة الحزبية، لقد كاد أن يصيب أعيننا حول ونحن نشاهده يتنقل من محطة إعلامية الى أخرى، ومن فضائية الى فضائية، ومن موقع إعلامي إلى آخر، ومن ندوة إلى ندوة، ومن مؤتمر الى آخر، ومن ورشة الى ورشة، وبح صوته وهو يتحدث عن عمل وإنجاز لجنة الأحزاب السياسية، لكن وقبل أيام نتفاجىء بقرار المذكور بنيته الإنسحاب من عضوية اللجنة التأسيسية لأحد الأحزاب السياسية بعد عمل حثيث لمدة خمسة أشهر، ويبرر قرار انسحابه لعدم وضوح النهج السياسي، ولم يفسر لنا ما المقصود بالنهج السياسي، هل هو نهج اللجنة التأسيسية للحزب؟ أم النهج السياسي للدولة، ونفى أن يكون سبب الإنسحاب لخلاف شخصي، اذا !! وبما أن قرار الإنسحاب ليس شخصي وإنما فكري لماذا لا يتم اللجوء للحوار الديمقراطي داخل الحزب وحل الخلاف والتوصل الى توافق على النقاط المختلف عليها، فلو رجعنا الى غايات وأهداف كافة الأحزاب نلاحظ أن جميعها تتحدث عن الديمقراطية، وعن الحوار، وعن التوافق الفكري والآيديولوجي، الاستقالات والانسحابات التي حدثت مؤخرا من بعض الأحزاب مؤشر سلبي وغير مشجع أو مبشر بالخير تجاه مستقبل الأحزاب السياسية، وسوف يكون لها انعكاس سلبي عن الحياة الحزبية، وقد تؤدي الى نفور الناس وخصوصا الشباب من الاندفاع والإقبال على الإنخراط في العمل الحزبي، وهذا ما كنت قد حذرت منه في مقالي السابق بعنوان تحديات الأحزاب السياسية، بأن على الأحزاب اللجوء الى استقطاب الكفاءات والأشخاص المؤمنة والمقتنعة بالعمل الحزبي، وذات الفكر والثقافة الأيديولوجية المنسجمة مع بعضها، وليس اللجوء إلى استقطاب أرقام بشرية كحشوات بقصد استكمال عدد المؤسسين المطوب في قانون الأحزاب السياسية، وعلى النخب السياسية والقيادات الحزبية أن تتروى قبل الإقدام على الإنضمام للأحزاب السياسية أو الاستقالة منها خوفا من تشويه صورة الأحزاب السياسية التي نطمح إليها، وخلاف ذلك يتضح لنا أن هذه القيادات والنخب الحزبية كان هدفها شخصي بحت وهو الحصول على مكاسب ومناصب شخصية، وليس المصلحة الحزبية العامة، ومصلحة تنشيط الحياة السياسية، وإنجاح منظومة التحديث السياسي الجديدة التي أقرت مؤخرا، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.