الأنباط -
د.أنور الخُفّش
أعلن البنك الدولي عن موعد إطلاق تقرير المؤشر العالمي للشُمول المالي بتاريخ 29حزيران 2022 ، تَصدُر قاعدة بيانات المؤشّر كُل ثلاث سنوات منذ عام 2011 ، قاعدة البيانات التي تَصدُر أصبحت أحد أهم الأدوات الهامّة التي يستخدمها واضِعي السياسات المالية والإقتصادية . مُستخلص مُسوحات استقصائية في أكثر من (12) إقتصاداً ، وتَهتم أيضاً في قِياس القُدرة المالية على الصمود في مواجهة الأزمات ووضع خُطَط الإستجابة والتّعافي منها، وإعتماد المدفوعات والمعاملات الرقمية خلال تفشّي جائحة كورونا . غَنيّ عن الذِّكر، بعد الأزمة المالية العالمية بدأ الاهتمام من مختلف صانِعي السياسات المالية والإقتصادية يَنصَب على موضوع الشُمول المالي ، وزاد الإهتمام لبناء البنية اللوجستية الرقمية مع وبعد جائحة كورونا ، لرفع القُدرة على الوصول إلى الخدمات المالية لمختلف شرائح المجتمع وبالأخص الفئة المحرومة والمستهدفة من النظام المالي، لما لهذا الأمر من أثر على الإستقرار المالي والإجتماعي والسياسي والتنمية الإقتصادية وكذلك حماية المستهلك المالي. عالمياً تم تحديد الشُمول المالي باعتباره عامل تمكين لسبعة من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر. كما إلتزمت مجموعة العشرين بتعزيز الشُمول المالي في جميع أنحاء العالم، وأكدّت من جديد إلتزامها بتنفيذ المبادئ رفيعة المستوى لمجموعة العشرين للشُمول المالي الرقمي. ويُعتبر من عوامل التمكين الرئيسية للقضاء على الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك . كما يُعتبر تَبنّي الحكومة وَضع إستراتيجية الشُمول المالي الرقمي خارطة الطريق والحجر الأساس لرسم وإعداد الإستراتيجية الوطنيّة للشُمول المالي بشكل يهدف إلى تحسين الرفاه الإجتماعي بما يتوافق مع محاور وثيقة التحديث الإقتصادي والتوجُّهات الإستراتيجية الحكومية والبرامج والخُطط التنفيذية الحكومية المُزمَع وضعها لتنفيذ الرؤية الإقتصادية .
بعد البحث والتنقيب ، وثيقة الرؤية الإقتصادية تَضمّنت مُقترحاً أو مُبادرة (تحديث إستراتيجية الشُمول المالي ) فقط دون الإشارة إلى الإطار التنظيمي والإداري ، وبعد البحث عن إستراتيجية الشُمول المالي المُقَرة من الحكومة ، عثرت على وثيقة رؤية الإستراتيجية الوطنية للإشتمال المالي(2018 حتى 2020) ومحاورها كعناوين فقط كما يلي: المدفوعات الرَّقمية ، التَمويل الميكروي ، الوُصول للتمويل ، حماية المستهلك المالي ، والثقافة الماليّة دون البحث المهني بالتفاصيل والأهم دون تقديم بيان حول السياسات المقترحة وآلية كيفية تحقيقها والأهداف بشكل واضح ومحدد وِفق برنامج زمني ، نستخلص بأهمية إيجاد إستراتيجية الشُمول المالي بصفة الإستعجال . من خلال إتّباع نهج وَضع إستراتيجية وطنية للشُمول المالي تجمع بين مختلف أصحاب المصلحة ، بما في ذلك الجهات التنظيمية المالية، والإتصالات، والمنافسة، ووزارات التعليم والتخطيط ، وتُحفّز نهج نماذج العمل الجديدة، وتعزيز إمكانيات الإستفادة من بيانات التجارة الإلكترونية من أجل تعميم الخدمات الماليّة على أوسع نطاق ، كما أن نطاق الإهتمام بحماية المستهلك والقدرة المالية على تعزيز الخدمات المالية المسؤولة والمستدامة ، عندما تتبع البلدان نهجاً تَضع من خلالُه إستراتيجيات وطنية بما تتوافق مع المبادئ والمعايير الدولية و مُلزِمة بإجرائها وبنتائِجها؟ فإنها تزيد من وتيرة الإصلاحات وفاعليتها وتأثيرها الإيجابي على خطة النُهوض الإقتصادي و الإجتماعي نحو مسار تحقيق الرفاه ومن أجل تحسين مستوى معيشة المواطنين .
لقد أسفرت جائحة كورونا عن حدوث أكبر أزمة اقتصادية يشهدها العالم خلال أكثر من قرن من الزمان. ففي عام 2020، إنكمش النشاط الإقتصادي في 90% من بلدان العالم، وإنكمش الإقتصاد العالمي بنحو 3%، وإرتفع معدل الفقر العالمي لأول مرة منذ جيل كامل. غير أن تلك الإستجابات أدت أيضاً إلى تفاقم عددٍ من أوجه الهشاشة الإقتصادية. إن دعم التمويل من خلال تَخفيض الفوائِد على القروض ، لما للتمويل و تكاليفه الدور المحوري في تحقيق التعافي الإقتصادي من الجائحة و معدّلات إرتفاع الأسعار الأساسية بشكل جنوني وكِبَر حجم تداعيات الأزمة وزَمنها التي من المُرجّح أن تؤثر على الإقتصادات الناشئة ، السياسات للحد من المخاطر المالية المترابطة الناجمة عن الجائحة لا تكفي ، إن توجيه الإقتصادات نحو تحقيق تعافٍ مستدامٍ ومُنصِف بإعادة تخفيض الرسوم والضرائب وإعادة توزيع الجهد الضريبي هو الحل المفيد .
في الختام ، إن أي برنامج إصلاح إقتصادي بعد مُعالجة الإختلالات الهيكلية ، يجب أن يبدأ بالإجابة على التساؤل الآتي: ما هي الآلية التي يُمكن أن تُحوّل أوضاعاً إجتماعية وإقتصادية صعبة وقاسية إلى أوضاع مُفعمة بالحيوية والإنتاجية والإبداع الشامل؟
anwar.aak@gmail.com