الأنباط -
الأكاديمي مروان سوداح
تحت هذا العنوان الفاقع؛ نشرت جريدة "الأنباط" الأردنية، وعدة وكالات أنباء ووسائل إعلام وصحف وفضائيات ناطقة بالعربية، وعلى تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي، تتمتع بتأثير عالمي في رياح المَعمورة شرقاً وغرباً، شمالا وجنوباً، بأن فعاليات حزبية وشعبية أرمنية تحرَّكت لمناهضة مُختبرات "القاتل الصامت"، الحرب البيولوجية – الجرثومية العاملة حالياً في أرمينيا.
التظاهرات الأرمنية شملت العاصمة يرفان، وتركّزت أمام السفارة الأمريكية فيها، إذ تنادى شباب "حزب التحالف" الأرمني" لتنظيم وقفة مناهضة أمام مقر السفارة في العاصمة الأرمنية، مطالبين بمراقبة المختبرات التي تمولها الولايات المتحدة على أراضي البلاد. وفي هذا السياق، كشف وفضح دينيس بوغوسيان، منسق "اتحاد الشباب" في "حزب التحالف"، إن هناك 12 مختبراً بيولوجياً في أرمينيا، 3 منها في يريفان، والباقي في أنحاء البلاد. وأضاف: "نطالب بإجراء مراقبة دولية في المختبرات البيولوجية العاملة في أرمينيا والتي تمولها الولايات المتحدة.. نشتبه في أن تلك المختبرات يجري فيها تطوير أسلحة بيولوجية". وهتف المحتجون بحرارة: "أرمينيا ليست موقع تجارب"، و"لا للفيروسات"، و"لا للأسلحة البيولوجية". وسلَّم المشاركون في الفعالية رسالة بمطالبهم إلى السفارة الأمريكية.
إن تحرّك الشبيبة الحزبية الأرمنية لاستنكار وجود هذا النوع من الأسلحة الفتاكة على أرضهم، يكتسب معنى كبيراً وغير مسبوق، وقد أماط اللثام عن حكومة يرفان متهماً إيَّاهاً بالتورط في هذا الأمر، الذي لا يورط أرمينيا ذاتها وشعبها برمته بالموت، والأمراض، والفيروسات، بل ويمكن لهذه المعامل تهديد وجود الدولة ذاتها من خلال تحويلها إلى ساحة مُنتجة للقتل الصامت، لتجارب مناهضة لِهِبةِ الحياة المقدسة، التي منحها الله للإنسان ليُحَافظ عليها، لا للنيل منها وقتلها.
في موازاة ذلك، يَجدر لفت الإنتباه هنا إلى لا مُبالاة "مجموعة مينسك" التي تضم في عضويتها عدداً من الدول الكبرى، ذلك أنها تأسست لإحقاق الحق وإتمام انسحاب ارمينيا من عشرين بالمئة من أراضي أذربيجان المحتلة على امتداد ثلاثة عقود، لكنها لم تشرع حتى اللحظة بأي عمل حقيقي في هذا الاتجاه، كما لا يوجد لديها أي رد فعل على وجود هذه المعامل الجرثومية في أرمينيا، وهو ما يعني وفقاً لعددٍ من الخبراء، إعادة جر منطقة القوقاز نحو خلافات وصراعات أكثر حدة من ذي قبل، وتسميم الأجواء السياسية والصحية في القوقاز.
كثيرون من المتابعين والمحللين والمتخصصين السياسيين والعسكريين يتفقون على أن وجود هذه المختبرات الجرثومية على مساحة الدولة الأرمنية، لم يكن له أن يتم وأن يستمر دون عِلم ومعرفة الحكومة الأرمنية وموافقتها على كل تفاصيل وأهداف هذه المختبرات، ومنها استخدام أراضيها منطلقاً لعمليات جرثومية إزاء الدول المجاورة لها، فتوافر مثل هذه المختبرات يتطلب قراراً رسمياً من الهيئة الأعلى في هرمية مؤسسة الحُكم. وبالتالي، وكما رَشَحَ من الأخبار، فإن معارضة شرائح المجتمع الأرمني لهذه المعامل الجرثومية، إنَّمَا يعني أيضاً رفضاً لمَن جلبها إلى يرفان، ومَن وافق على وجودها وعملها واستخداماتها في المسارات التي رُسمت أو ما زالت تُرسم لها، وكل ذلك يبقى للآن في طي الكتمان الحكومي الشديد والمغلفات السرية التامة.
التحليل الموضوعي لأهداف هذه المَخابر الجرثومية، هو توظيفها في الحروب الإقليمية، الساخنة منها والباردة على حد سواء، في منطقة القوقاز الإستراتيجية، وما حولها وما يليها جغرافياً من دول لم ترضخ لإرادات مَن يُنتج هذه الفيروسات ويحتضن معاملها لمرامي كونية ما تزال محجوبة رسمياً عن الشعب الأرمني والرأي العام العالمي، لكن أمرها سوف يُفتضح أكثر في المستقبل، وستكون له ارتدادات شاملة الدنيا كلها، مُستنكَرة وحادَّة سيَصعب على "أصحاب الجراثيم" التصدي لها وشل قدراتها حتى بأسلحتهم الجرثومية!
*رئيس اللوبي (العربأذري) الدولي.
(*)