الأنباط -
بلال حسن التل
خلال السنوات السبع التي مرت حتى الآن من عمر جماعة عمان لحوارات المستقبل, كنا نتلقى تساؤلاً: لماذا لا تتحول الجماعة إلى حزب سياسي، خاصة وأنها تملىء فراغاً كبيراً في فضائنا السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي, تعجز عنه الكثير من الأحزاب القائمة على أرض الواقع.
هذه التساؤلات تحولت في الأشهر الأخيرة, خاصة بعد صدور مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، إلى اقتراحات ومناقشات حتى بين أعضاء الجماعة, بل لقد تلقت الجماعة أكثر من دعوة لتكون جزء من أحزاب قائمة أو تحت التأسيس.
كل ما تقدم يؤشر إلى حقيقة كبرى هي: أن جماعة عمان لحوارات المستقبل صارت حقيقة من حقائق الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية في بلدنا, وهي حقيقة ذات أثر مادي ملموس على أرض الواقع, وليست مجرد اسم يذكر في حالة التعداد, كما هو الحال بالنسبة للكثير من الأحزاب والجمعيات ،بما فيها تلك المدعومة ماديا ومعنويا،بل لعل جماعة عمان لحوارات المستقبل معروفة ومؤثرة أكثر بكثير من الكثير من الأحزاب القائمة, والتي لا يملك بعضها مقراً, ناهيك عن الأعضاء,، فما بالك بالنشاط والتأثير حيث صار تأثير هذه الأحزاب معدوماً, بينما صار لجماعة عمان لحوارات المستقبل رأيها الوازن والمسموع بفعل حضورها ،ليس في عمان التي تحمل أسمها باعتبارها عاصمة الوطن ورمز سيادته, بل وفي سائر المحافظات, فخلال السنوات الماضية غطت نشاطات الجماعة معظم أنحاء المملكة, وصار المواطنون يتواصلون معها من جميع المناطق وعبر مختلف وسائل الإتصال لعرض قضاياهم ودعوة الجماعة لتبنيها أو لاقتراح موضوعات لكي تتبناها الجماعة, ولم يأتِ ذلك كله من فراغ فخلال السنوات السبع الماضية من عمر الجماعة, أنجزت أكثر من مائة ورقة حال ورؤية ومبادرة وخطة وبرامج عمل قابلة للتنفيذ لحل مشاكلنا في قطاعات التعليم والاقتصاد والاجتماع والصحة وحول قضايانا الاجتماعية،والجماعة بانجازها هذا تجاوزت كل الأحزاب السياسية،التي مازال معظمها يفتقر إلى البرامج التفصيلية القابلة للتطبيق،لان هذه الاحزاب تتوقف عند العموميات التي أوردتها في وثائقها التأسيسية لغايات الترخيص.,
لقد تجاوزت جماعة عمان الحوارات المستقبل في كل ما قدمته من اوراق وخطط و مبادرات وبرامج عمل، تجاوزت حالة التباكي على واقعنا وتعداد السلبيات وإشاعة أجواء السلبية، كما تجاوزت حالة التشخيص، إلى تقديم الحلول من خلال فرق الخبراء الذين تعتز الجماعة بعضويتهم فيها.
إضافة إلى أوراق الحال والمبادرات وبرامج العمل, فقد عقدت الجماعة مئات الندوات وحلقات النقاش حول قضايانا الوطنية وعممت خلاصتها على أصحاب العلاقة, ناهيك عن عشرات البيانات التي تُصدرها والتي تُبين موقفها من قضايا الوطن والتحديات التي تواجهه,،وقد زدت النشاطات التي نظمتها الجماعة خلال السنوات السبع الماضية من عمرها عن الف ومائتي نشاط ،على الرغم من جائحة كورونا، لذلك يمكن القول أن جماعة عمان لحوارات المستقبل تقوم بكل ما تقوم به الأحزاب السياسية وأكثر, لكنها نجت وتنجوا من عيوب الأحزاب السياسية خاصة في العالم الثالث, وأهمها الشللية التي طالما أودت بالأحزاب, ولعل هذه أحد أسباب المصداقية العالية ونظرة الاحترام التي تحظى بها جماعة عمان لحوارات المستقبل على مختلف المستويات وفي كل المناطق.
لذلك يمكنني القول: إن جماعة عمان لحوارات المستقبل قامت وتقوم بالأدوار التي تقوم بها الأحزاب في المجتمعات التي تجذرت بها الحياة الحزبية، وصارت احزابها تمتلك البرامج القابلة للتطبيق،وفي نفس الوقت فإن الجماعة لم تقع بالأخطاء التي تقع بها الأحزاب في العالم الثالث من حيث الشللية تارة والفردية تارة اخرى
Bilal.tall@yahoo.com