خبراء يحذرون من خطورة ازدياد هدر الطعام

الانباط - سالي الصبيحات

يعاني العالم من ازدياد كميات الهـدر الغذائـي الذي يترتب عليه خسارة للمــال والعمالــة والمــوارد الطبيعية كالطاقــة والارض والميـاه التي تستخدمم فـي إنتـاج الغذاء. ووفقا لتقرير اعدته منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) اخيرا فان الهــدر الغذائــي يؤثــر سلبا علــى البيئــة حيث يسهم برفــع كميـات انبعاثــات الغــازات والاحتباس الحــراري وتغييــر المنــاخ.

ومن اساليب الهدر الغذائي شراء مواد أكثر من الحاجة والتخلص من بقايا الطعام، وحفظ الغذاء بطريقة غير سليمة وطهي كميات أكثر من اللازم. ويبين التقرير ان الحد من الهدر الغذائي يبدأ بتقليــل الطعــام وفحــص المخــزن منه باستمرار لتناوله والالتزام بالتخزيــن الســليم حتى لايتلف بعض المواد الغذائية داعيا الى التاكد من تاريخ صلاحية الطعام والتســوق بــذكاء وعــدم التخلــص مــن الفواكه والخضــروات غيـر المتجانسـة و اللجوءل أفــكارمبتكــرة لتصنيــع الغــذاء بالمنــزل وتقاســم الطعام الذي يعد مــن التراحــم بين الناس.

وبحسب احصاءات رسمية توضح كميات هدر الطعام يشير الاستشاري الاجتماعي الدكتور فيصل غرابية في جريدة الراي بتاريخ 2/ايار/2021 إلى أن «الفرد الواحد في المجتمع العربي عامة يهدر" 250" كيلوغراما من الطعام الصالح للأكل سنويا، ويزداد المعدل بشكل خاص في رمضان.

ويؤكد أن هناك إحصاءات في البلدان العربية تشير الى أن شهر رمضان وحده يستحوذ على النصيب الأكبر من نفقات الغذاء خلال السنة، اذ يزداد حجم الإنفاق في هذا الشهر بنسبة » 50» بالمئة عن باقي الشهور . ويضيف أنه لا تقل نسبة الفاقد الغذائي في المدن الكبرى الذي يلقى في صناديق القمامة عن 60 بالمئة وتزداد النسبة إلى 75 بالمئة في الولائم، وتلك النسب تعد صادمة في المجتمعات العربية التي تعاني نسبا عالية من الفقر والفقر المدقع، مشيرا الى ازدياد عدد الفقراء بوتيرة سريعة وكذلك عدد الأغنياء، ما يعني اتساع حجم التفاوت بين طبقات المجتمع وازدياد عدد الفقراء.

وحول ذلك،قال مساعد الامين العام للثروة النباتية في وزارة الزراعة محمود الربيع ان الوزارة اعدت خطة وطنية للزراعة المستدامة اعتمدت على تمويل وإنشاء مشاريع للتخزين المبرد والتقنيات ما بعد الحصاد وتقنيات التعبئة والتغليف مما تقلل من نسب هدر الغذاء.

وبين ان الجهات المعنية تعمل على تقليل نسب هدر الغذاء ومنها امانة عمان من خلال مبادرة لتجميع بقايا طعام الفنادق وارسالها الى بنك الفقراء ، كما ان هناك مبادرة وطنية لمكافحة الجوع من خلال الصندوق الاردني الهاشمي، مشيرا الى ان الوزارة تعمل على التوعية بالنظم الغذائية للوصول الى نظم صحية مفيدة وامنة بالتعاون مع "الفاو" للعمل على مبادرات لها صفة دولية تتم بالتعاون مع جامعة الدول العربية لا سيما وان اكثر الاغذية التي يوجد فيها هدر هي الارز والقمح والخبز والطحين.

بدوره، بين وزير الزراعة السابق الدكتور محمود الدويري ان الهدر الغذائي مشكلة تواجه العالم باسره ومنها الاردن الذي يعاني ازمة في الغذاء رغم الجهود التي يبذلها لزيادة 1% من الغذاء عن طريق البحوث العلمية وتبني التقنيات للانتاج الغذائي فانه يهدر نحو 30% من الغذاء.

واوضح ان الهدر يبدأ من زراعة البذرة حتى الحصاد والتسويق وقد يكون على مستوى المنزل لعدم استغلال افراده للغذاء والمباهاة بوجود كميات اكبر اضافة الى العادات والتقاليد وخاصة في المناسبات والتجمعات..

واشارالدويري الى ان جميع الدول اتفقت في مؤتمر دولي عقد العام الماضي على تقليل الهدر الغذائي وخفضه، داعيا الى وضع برامج عمل ومحاضرات لتوعية الناس وتثقيفهم للتخفيف من الهدر ووضع استراتيجيات بكلف منخفضة للحفاظ على الوضع الغذائي.

وقال وزير الزراعة السابق سعيد المصري ان الهدر الغذائي ينقسم لشقين هما: الاغذية الجاهزة التي تستهلك في المنازل خاصة في المناسبات تكون بكميات كبيرة فوق الحاجة مما يؤدي الى اتلافها وهذا الاستهلاك يزداد في فترات الازمات، موضحا ان الافراد تعودوا على حسن ادارة الاغذية الموجودة في منازلهم بحيث يقومون بتجهيز وتحضير ما سيتم استعماله او استهلاكه الى حد ما.

وفيما يتعلق بالشق الاخر هو الهدر الزراعي التي تسببه الطريقة التي نلجأ بها لعملية التوسع بالزراعة مقابل استهلاك غير كاف مما يتم اتلافه لعدم الطلب الكافي لافتا الى عدم وجود جاهزية صحيحة لتخزين الغذاء واجهزة التبريد لاطالة عمر الغذاء مما يساهم في زيادة الهدر الغذائي وهذا الامر يتعلق بامكانات الدولة والتحكم بالانتاج بحيث لا تكون هناك كميات اضافية لا تستهلك.

واكد المصري على ضرورة استعمال التقنيات الزراعية وتقديم توعية للممارسات الزراعية الصحيحة بهدف النهوض بمستوى الجودة والتخزين المبرد وفق الاصول وتوفير صناعات غذائية مدة صلاحيتها اطول.

ويقول الخبير الزراعي المهندس محمد البس ان هدر الطعام موضوع خطير يجب الاهتمام به مرجعا سببه الى ان المقتدرين ماديا يتغولون على ارزاق الناس ويشترون الطعام بكميات هائلة فوق حاجتهم مما يؤدي الى فقدان المواد الغذائية من الاسواق ونقصانها وبالتالي يزيد الطلب ويقل العرض وهنا ترتفع الاسعار.

ويرى ان الاردن اصبح في وضع صعب والمؤشرات تبين ان هناك مشكلة في الغذاء على مستوى العالم، مبينا ان الاسمدة ومنها البوتاسية والنايتروجينية والفسفورية تضاعفت اسعارها بالرغم من ان الاردن منتجة لهذه الاسمدة وارتفاع اسعارها سيؤدي الى ارتفاع كلف الانتاج .

ويؤكد البس انه لو تم الاهتمام بمسألة الهدر والفقد الغذائي وانخفض معدله وتم توجيه الناس وتوعيتهم لذلك من الجهات المختصة لعدم المبالغة بشراء الغذاء فستتوفر السلع بالاسواق وتقل الخطورة. ويستغرب بعض العادات التي يتبعها الافراد عند ارتفاع الاسعار خاصة في المناسبات يشترون حاجاتهم بكميات هائلة ويقومون بتخزينها بطرائق غير صحيحة مما يؤدي الى اتلافها وتكبدهم خسائر مالية والتاثير على سلاسل التوريد وخاصة عند وقوع مشاكل اقليمية وحروب.