مقالات مختارة

منذر العبادي يكتب : الله اكبر لا أحد ينقذها....

{clean_title}
الأنباط -
في أحد  أحياء مدينة القدس تتجمهر مجموعة من الناس تراقب وتصور عدد من جنود الإحتلال المُأللون بالبنادق والهراوات ينهالون ضرباً على أحداً ما، في لحظة يُخيل إليك انهم يواجهون مجموعة من الشباب المقدسي الغاضب على الاحتلال، لكنك حين تدقق النظر قليلاً وللوهلة الأولى يُخيل إليك انهم يصارعون أنفسهم او لا شيء لكن عندما تمعن النظر اكثر يفجعك هول المفاجأة جميعهم  يلتمون على طفلة لم تبلغ الحلم بعد يوسعونها ضرباً ويشد أحدهم ذراعه على رقبتها يكاد لا يبقى لها إلا القليل من الهواء و ملامح وجهها تمتقع ازرقاقاً من قلة الأكسجين، لا يدنو منها احد إلا سيدةً في في متوسط العمر تحاول أن تمد لها يد العون ولكن سرعان ما تتراجع بعد أن ينهرها جنود الإحتلال بينما الجمع الكبير منهمك بأخذ الصور للحادثة والحدث الصادم، لكن أحداً لم يفكر في تقديم يد العون لها او ينبري للتصدي لقوات الاحتلال، كل ذلك كان فحوى ما لا يزيد عن دقيقتين لفيديو يوزعه النشطاء على مواقع التواصل لحث العالم لمشاهدة  ما يمارسه جنود الإحتلال بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
لكن لحظة، نطلب من العالم المساعدة ونحن على بعد بضع خطوات لم نقدم لها شيء وقفنا نلتقط الصور وكأننا أمام ملهاة دون أن يرف لنا جفن ما الذي يحدث؟ ماذا لو هجم الجميع  على هذه الثلة من جنود الإحتلال وأوسعوهم ضرباً؟ ما الذي يمنعهم أهو الخوف لا أعتقد أن هذه الصفة موجودة في الفلسطينين  أهو الإقرار بأن إسرائيل هي السلطة الشرعية ومن حقها أن تحتكر العنف ووسائله؟ لا أعتقد أن اي فلسطيني سيقبل الآن أو لاحقاً بإسرائيل على انها سيدة المكان، أهو الإحساس العميق بالإنهزام وبالتالي سيطرة اللامبالاة؟ الأحداث اليومية واستمرار نضال الفلسطينين يؤكد أنهم لن ينهزموا لا الآن ولا لاحقاً،  إذاً ما الذي حدث مع هذه الفتاة لماذا تركوها وحيدة في وسط حفنة من غلاظ القلوب معدومي الضمير لا حول لها ولا قوة؟ أكاد أجزم بأنه هوس الكاميرا ووسائل التواصل الكل يريد أن يسبق الحدث كي يصل أولاً ويحصد مزيداً من الاعجابات وقد يظن بعضهم أن هذا شكلاً من أشكال النضال لكنه يتناسى أننا  قبل أن نطلب من العالم أن يساعدنا  علينا  أولاً ان نساعد  أنفسنا  وأن نفرض معادلةً تتناسب مع طموحنا الوطني  وهذه لن تأتي أبداً بالصور ولا بوسائل التواصل لوحدها بل هي جزء منها. 
 طبعاً لا يحق لي لا انا ولا غيري أن نزاود على شعب أفنى عمره في النضال لكن كشركاء في الهم والمصير يجب أن يتم التركيز على أي خلل أياً يكن يمكن أن يخدش نضال شعب عظيم كالشعب الفلسطيني .
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )