‏الرئيس الصيني يؤكد لنظيره الروسي أن تصاعد الصراع في الشرق الأوسط لا يتفق مع مصلحة أي طرف. أجواء حارة نسبيا في أغلب المناطق حتى الاثنين 18 إصابة جرا سقوط شظايا صاروخ إيراني في بئر السبع جلسة طارئة لمجلس الأمن بشأن الحرب بين إيران واسرائيل 6 علامات تحذيرية تشير لمشاكل في الأمعاء تحذير طبي: عزيزي المجتهد.. الإفراط بالعمل يسبب تغيرات خطيرة في الدماغ الذكاء الاصطناعي يحدد أفضل حمية لمريض السرطان نيويورك بوست: ترامب يفضل اتفاقًا مع إيران ويمنح مهلة للدبلوماسية الأرصاد: طقس حار في معظم المناطق الجمعة والانقلاب الصيفي السبت حمية جديدة تضعك في النوم من أول يوم مصدر عسكري: طائرة مسيرة فقدت التوجيه وسقطت بكامل حمولتها صباح اليوم بالازرق الأمن العام يحذّر من خطورة الاقتراب من الأجسام والمسيّرات، تحت طائلة المساءلة القانونية "مهن من ذهب" تحتفل بتخريج الفوج الأول من مبادرة فرصة ‏تقديم الكندي روي رانا لقيادة مشروع تطوير شامل لكرة السلة الأردنية عملية نوعية ونادرة لجراحة الأوعية الدموية بمستشفى الحسين "السلط الجديد" الاقتصاد الرقمي تطلق الدفعة الثانية من برنامج التدريب في مكان العمل لتأهيل 562 شابًا بمهارات رقمية أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على انخفاض جماعي العيسوي يرعى احتفال أبناء قضاء ماعين في مأدبا بالمناسبات الوطنية سفير سلطنة عمان يلتقي رئيس وأعضاء اتحاد الناشرين الأردنيين وزير الخارجية يبحث مع نظيره السلوفوكي جهود إنهاء التصعيد في المنطقة

أمي وأنا وجَنَّة إرطاس..

أمي وأنا وجَنَّة إرطاس
الأنباط -
الأكاديمي مروان سوداح
في خضم الأحداث الجارية في شرق أوروبا، تذكرتُ قرية "إرطاس" الفلسطينية المجاورة لمدينة السيد المسيح - بيت لحم من الجنوب، في الجزء الشرقي من فلسطين. خلال عشرات السنين لم أزر تلك المناطق لأسباب قاهرة، إلا أنني ما أزال أذكرها وكأنني زرتها في الأمس القريب سوياً مع المرحومة أمي سعاد جريس موسى دبدوب ذات الأصلي الإيطالي، التي توفيت رحمها الله قبل فترة قصيرة جداً، ومع المرحومَين خَاليَّ فؤاد وطوني وخالتي جولييت، عدا خالي "ألبيرت" الذي هاجر قديماً إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتوفي فيها.
في كل مرة كنت أزور مكاناً في فلسطين التاريخية كانت أُمي وأهلها يرافقونني ليعتنوا بي، سيَّما وأنني غير مُقيم دائم في تلك المناطق التي قدَّسها الرب إلى الأبد، واختارها من بين كل مواقع الدنيا لتكون قطعة من الجنة، يَحج إليها كل الخلق من كل الدول ليتباركوا بها، وتتطلع إليها أعين البشر بمحبة غامرة بغض النظر عن أديانهم وقومياتهم وألسنتهم وألوان بشرتهم وأفكارهم وخلافاتهم.
كان يبهرني في "إرطاس"، التي كانت مأهولة بالبشر قبل أكثر من (6000) سنة، حلاوة لسان أهلها، وبساطة مواطنيها، وجمال ختياراتها وختيارييها، وطيبة نفوسهم، وحُسن أرواحهم، وكرمهم الكبير ككرم كل بيت عربي أصيل بكنعانيته وآراميته العريقة التي أرست جذوراً عميقة في "إرطاس"، بالرغم من شظف العيش الذي خيَّم على ساكنيها بعد احتلالها، وضيق ذات اليد، وعِظم التحديات التي يواجهونها يومياً، مياهها الرقراقة وطبيعتها الخلابة، شساعتها الجغرافية، لكأن أرضها المفتوحة بلا نهاية تكاد تتصل بالطرف الآخر من الكرة الأرضية حيث أهرامات المكسيك والبيرو، وثقافة الهنود الحُمر العريقة، و"نورتي شيكو"؛ خُضرتها وسهولها الوسيعة، تلالها الشماء، والسلاسل الحجرية المُبهرة المقامة على قِطعِ أراضيها.
تعود تسمية "إرطاس" كما في المراجع لكلمة لاتينية تعني "البستان" أو "الجنَّة"، وذلك لواديها الخصيب والغني بشتى أصناف المزروعات والأشجار التي تحيط بها. ومن أهم الذين عاشوا في "إرطاس" واشتهروا فلسطينياً وعربياً وأوروبياً وعالمياً بأبحاثهم والصور المنشورة عنها، الأنثربولوجية الدكتورة الفنلندية السويدية الأصل هيلما غرانفيكست، أو "الست حليمة" كما أسماها المحليون تحبباً. كما عاشت في القرية لويز بالدينزبيرغر التي تحدثت العربية بطلاقة ومكثت هناك أكثر من ثلاثة عقود، واشتهرت في أوساط المحليين باسم "الست لويزا".
أما السيدة الثالثة التي زارت "إرطاس" في عام 1997 وترددت عليها ووثقت حياة سكانها ووجوههم التي تختزن التاريخ بالصور كما سبق وفعلت زميلتها هيلما، فهي المصورة والصحفية السويدية "ميا غروندال"، التي تعاونت مع مركز "إرطاس" للتراث بتصوير القرية وبيوتها القديمة المنحوتة في الصخور الضخمة، وإظهار الأزياء المتميزة لساكنيها من النساء والرجال والأطفال، ومختلف أشغالهم وانشغالاتهم اليومية ضمنها الفلاحة بالخيول والزراعة، وبالتالي رُبَطَت "إرطاس" السحيقة بإرطاس المعاصِرة "بِجِسرٍ من الصور الوثائقية المذهلة"، التي تطرقت إلى مختلف حقب وأوجه حياة وأعمال شعب "إرطاس" العربي الذي يحمل حضارتنا ويصونها، بالرغم من مختلف أشكال الهجمات الاستيطانية والاقتلاعية التي تهدف إلى قطع أوصاله بأرضه وتاريخه وثقافته وحضارته وبيوتاته الحجرية الطاعنة في أعمارها، والذي ساهم في حمايتها والدفاع عن أهلها المسلمون والمسيحيون المتناغمون مع بعضهم بعضٌ، خوري القرية "أبو عيسى"، الذي اشتهر في فلسطين بلحيتهِ الكَثَّة.
ـ ملاحظة: تم الاستعانة في إعدادِ هذه المقالة بكتيب مُصَوَّر عنوانه: (إرطاس في الماضي والحاضر)، من تصوير هيلما غرانكفيست و ميا غروندال.

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير