كتّاب الأنباط

بلال التل يكتب : أجراس إنذار

{clean_title}
الأنباط -
أكثر من جرس إنذار قرع خلال الأيام القليلة الماضية، منها ما حدث في اجتماع الهيئة العامة لنقابة المهندسين يوم الجمعة، فما حدث في النقابة يقدم دليلاً واضحاً على غياب لغة الحوار وأدآبه وشروطه، والأهم  من ذلك أنه أكد أننا نتعلم لنفك أمية الحرف ولنجد مصدر رزق، لكننا لا نتعلم لنتثقف ولنتمدن ونتحضر، وبالتالي فإننا نحمل إلى حياتنا العامة ومنها مؤسسات المجتمع الأهلي نفس طباع وسلوكيات ومفاهيم بيئاتنا الاجتماعية و مجتمعاتنا الملحية، وبعضها منغلق ومتخلف يؤمن بلغة الذراع والصراخ والشتائم، كما يحدث في حارات الكثير من البلدات والقرى، وهذا قصور في مناهج تربيتنا، انعكس غياباً تاماً للتربية الوطنية التي تنشىء المواطن الذي نريده لبناء الدولة والمجتمع العصريين، لذلك كثرت في بلدنا الألقاب العلمية وغابت عنه أخلاق العلم والمتعلمين و سلوكهم ، والأخطر من ذلك أن جامعاتنا بدلاً من أن تقود مجتمعاتها الملحية وتغيرها وتطورها، إنقادت هي لهذه المجتمعات وتأثرت بها فصارت مجرد مكنات لتخريج باحثين عن العمل يظل معظمهم عاطلين عنه مما يزيد من أسباب الاحتقان والغضب الذي يجد له متنفساً مناسباً مثل مناسبة اجتماع الهيئة العامة لنقابة المهندسين، دون أن نغفل أسبابا أخرى  لما حدث منها أن في النقابة فريقان أحدهما منظم والآخر يعمل بأسلوب الفزعة وبالمناسبات، و من الطبيعي أن يفوز الفريق المنظم وتسقط التعديلات القانونية المقترحة، وليس هذا هو الخطر الحقيقي، فما هو أخطر منه أن يتمكن أى فريق منظم يعمل على أرضنا الوطنية من إحداث تغيرات أو إسقاط مشروعات أخطر من التعديلات القانونية التي كانت مقترحة في نقابة المهندسين، وهو أمر يحتاج لمنعه إلى إعادة شد عصبنا الوطني وتنظيم صفوفنا من خلال الدولة القوية القادرة ، وأول ذلك أن نتمسك بالأسس والعصبيات التي قامت عليها الدولة الأردنية ومكنتها من العيش قرنا كاملا قوية معافاة.
    الجرس الثاني والأشد خطراً، هو ماجرى يوم الثلاثاء الماضي في مجلس النواب والذي جاء معيباً وغير مألوف في أعرافنا البرلمانية، وقبلها أعرافنا الاجتماعية القائمة على الاحترام والمودة، وهما صفتان غابتا يوم الثلاثاء، فلم يتم احترام قبة مجلس الأمة، كما لم يتم احترام الصغير للكبير، وغابت المودة عن الجميع، فهل سبب ذلك سوء الاختيار والأسس التي يتم على أساسها هذا الاختيار، ليصل إلى القبة بعض ممن لا يستحق ذلك، ممن لا يمتلك خبرة سياسية بل وخبرة في الحياة العامة، فإذا اجتمع ذلك مع غياب لغة الحوار وأدبه وسيطرة فكر الاقصاء مع غياب العمل العم الجماعي فسنشاهد ما شهدناه يوم الثلاثاء الماضي، مما يسيء إلى صورة الأردن وسمعته، فقد لاحظنا أنه خلال دقائق معدودات خرجت عشرات الفيديوها المركبة حول ما جرى تحت القبة ، لتزيد من غضب الأردنيين ومن احتقانهن ضد مؤسساتهم الدستورية، وهو أمر طالما حذرنا منه عندما حذرنا من حرب الجيل الرابع التي تشن على الأردن من جهات بعضها معلوم وبعضها الآخر مجهول ،دون ان يستمع لنا احد،بل  للأسف فإننا نقدم للطرفين أسلحة لتستخدم ضد بلدنا ، الذي آن أوآن أن يعود جميع أبنائه إلى رشدهم، وأن يستمعوا إلى بعضهم ويتحاوروا حواراً جاداً منتجاً حول قضاياهم وما يواجههم من تحديات.
Bilal.tall@yagoo.com
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )