الأنباط -
إنقض عليها.. ممسكا بمنديل ناعم كنعومة ذيله.. تفوح منه رائحة العطر الخبيث.. مخاطبا إياها بكلمات ماكرة.. لا يكسر قلب انثى إلا فاجر.. فما كان منها إلا أن أمسكت المنديل وكأنه نزل من السماء مع ملاك طاهر.. ومسحت تلك العبرة الطاهرة.. الممزوجة بكحل عينيها.. التي سالت على خدها الوردي..
كانت هذه مقدمة قصة.. رواها لي صديقي عن أحد معارفه الذين يتصيدون فرائسهم من الحرائر في أماكن التجمعات العامة.. والأسواق.. ومن على أبواب المحاكم الشرعية.. منتظرين ضحية تدمع عينها من ظلم زوجٍ.. أو من فقد عزيزٍ.. أو شح مالٍ تشتري ما اشتهت نفسها أو ما رأت عينها..
فيقدم لها شيئا مما تريد.. فتأخذه بشغف.. ظانة أنه من يد رجل زمن العرب حتى ما قبل الاسلام.. الذين كانت نخوتهم وفزعتهم تسبق غرائزهم.. لتصبح كالخاتم في الإصبع.. وتنجرف وراءه في ملذاته وشهواته.. فمنهم من تكون السادية مبتغاه.. أو حب السيطرة التي يفقدها فيمن عنده.. أو تعويض عقدة في نفسه من شيء ألَمَ به سابقا..
فتصبح هذه الفريسة مختبر تجاربه.. ومكان فرد عضلاته.. ولن أقول مسترجلا.. لا بل (مستذكرا) عليها.. وعندما تصبح في مرحلة اللا عودة.. يبدأ بالتلذذ بصراعاتها الداخلية.. ونحيبها الذي يدمي القلب.. دون رحمة ودون شفقة.. مهددا إياها بكل ما لديه من قذارات.
أعلم أن أمثال هذه النوعية من الحيوانات.. الأوغاد المخادعين قليلون.. ولكن أثرهم بالغ القوة.. وتأثيره شديد السطوة.. والفرار منهم يحتاج الى إرادة..
سُقتُ لكم هذه الخاطرة.. لأقول بأن الكثيرين منا قد يقع بالصدفة في مطب.. أو مشكلة.. أو هفوة.. أكانت.. عاطفية.. مادية.. جسدية.. وهذا أمر موجود في كل زمان ومكان.. ومعرضٌ له الكثير منا.. نتيجة ضعف في الوازع الديني أو الأخلاقي.. أو لظرف مالي.. أو لأسباب قد تكون طارئة عليه..
ولكن ما أردت التنويه عليه هنا.. هو ما يقوم به كلاب وثعالب بشربة.. مع سبق الإصرار والترصد.. بتخطيط ودهاء.. بثوب الفازع بالخير.. المحب للنخوة.. صاحب القلب الكبير.. والصدر الحنون.. وفي داخله وحش مخادع..
واصبحت مواقع التواصل الاجتماعي سوقا خصبا لامثالهم.. يتصيدون فرائسهم من خلال تعليق او اطراء في البداية.. وما تلبث الضحية ان تنقاد خلفهم.. ظانة انهم المقدرون الوحيدون لما تصنع..
في النهابة أقول.. لنكن مذكرين الناس بهذا الأمر الخطير.. ونقدم النصح لمن نظن انه قد يقع في شراك هذه الثعالب البشرية.. ولنعلم أنه.. ليست كل النصائح متشابهة، وليس كل الناصحين أمناء، وليس كل من يستقبل النصيحة يكون سعيد..وليس بالضرورة أن يتقبل.. فعليكم بالأمانة والإخلاص في نصحكم.. وأن تلتمسوا السرية في توجيهاتكم.. فإن اصابت النصيحة مبتغاها.. حبا وكرامة.. وإن لم تصب.. فليس عليك هداهم..
حمى الله الأردن ملكا وشعبا وارضا..
محمود الدباس - أبو الليث..