الأنباط -
الأكاديمي مروان سوداح
نشرت "الأنباط" الغراء قبل أيام خبرًا لافتًا أثار انتباهي السياسي لدولة السويد الصديقة ( وتُسمَّى أيضًا أَسُوج)، وهي التي ما أزال أنا اتابعها منذ طفولتي من خلال هوايتي في جَمع الطوابع البريدية. الخبر يتحدث عن انتخاب برلمان هذه الدولة الإسكندنافيَّة زعيمة الاشتراكيين الديموقراطيين، السيدة ماغدالينا أندرسون، رئيسة للوزراء، لتصبح بذلك أول امرأة تشغل هذا المنصب في ذاك البلد.
يقول الخبر، إن أندرسون شَغلت سابقًا منصب وزير للمالية، وكانت ناجحة جدًا في أعمالها الرسمية، ولهذا حصلت على دعمٍ كبير لتصبح رئيسة للوزراء بأغلبية 117 صوتًا مؤيدًا، مقابل 174 معارضًا، وامتناع 57 نائبًا عن التصويت، وفقًا لوكالة الأنباء السويدية "تي تي"، ما يؤكد على اهتمام السويد دولةً وشعبًا بإعلاء مكانة المرأة، وتوسيع مشاركتها في الحياة السياسية خدمةً للمجتمع وشؤون هذا البلد داخليًا وخارجيًا، إبرازًا لمواهبها والمساواة الكاملة بين الجنسين في كل مجال وحقل دون أي استشناء.
في الأنباء السويدية، حَدَّدَت ماغدالينا أندرسون ثلاث أولويات رئيسية لخدمة بلدها، تتمثل في "استعادة السيطرة الديموقراطية" على المدارس والنظام الصحي ودور المُسنِّين بعد موجة من الخَصْخَصةِ؛ في مَسْعىً منها لجعل السويد رائدة في مجال المُنَاخ؛ ومحاربة التمييز وحرب العصابات الوحشية.
تشتهر السويد بأنها "البلد الأفضل للنساء في العَالم"، وبكونها القُدْوَة التي تُحتذى في مجال مكافحة التمييز بين الجنسين، ودعم المساواة بينهما بقوة القانون والتقاليد الاجتماعية المتوارثة للشعب. واللافت جدًا للانتباه هو المبدأ الأساسي للسلام الاجتماعي الذي يَقضي بأن من حق كل شخص سويدي العمل وإعالة نفسه، بغض النظر عن النوع الاجتماعي، وتحقيق توازن بين الحياة المِهنية والحياة الأسرية، والتمتع بعيش لا يشوبه الخوف من التعرض للإسَاءَة أو العنف، ولا يقتصر مفهوم المساواة بين الجنسين على تقاسم الرجل والمرأة لجميع نواحي الحياة بالتساوي، بل هو يتعلق بالجوانب النوعية لهذه المساواة، حيث يضمن استفادة المجتمع من خبرات ومعارف كلٍّ من النساء والرجال بهدف تقدّم المجتمع على جميع المستويات، وهذا لعمري مطابق لفكرة "المدينة الفاضلة" التي يَسعى حُكماء الإنسانية للوصول إليها وتفعيلها في المجتمعات. أما بما يَخص مصطلح النسوية الذي تؤيده وتروِّج له السويد، فهو يعني في تلك الدولة تأكيد حكوماتها على أن المساواة بين الجنسين إنما هو أمر حيوي للمجتمع برمته، وأنه لا يزال يتعين القيام بالمزيد من الجهود لتحقيق كَمَالِهَا. ولهذا، نُلاحظ، أنه ليس من المصادفة بمكان، أن الحكومة السويدية كانت تضم في حزيران / يونيو المنصرم 12 وزيرة من بين 23 حقيبة وزارية، ويعود ذلك تاريخيًا إلى التقدّم النوعي الذي تم إحرازه في ستوكهولم منذ أن أصبحت كارين كوك أول امرأة قيادية يُشَارُ إِلَيْهَا بِالْبَنَانِ في الحكومة السويدية في عام 1947.
في عام 2019 نوّه السفير السويدي لدى الأردن، إيريك أولنهاك، إلى أن النساء في كل من السويد والأردن يتشاركن نفس الأحلام وذات القيم العالمية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، واعتبر أولنهاك خلال جلسة حوارية نظمتها السفارتان الكندية والسويدية في عمّان في إطار الاحتفال بيوم المرأة العالمي، أن النساء في كندا والسويد وأجزاء أخرى من العالم، استطعن تحقيق التغيير على صعيد المساواة الجندرية.
شخصيًا، أحترم في السويد تقديس الدولة والشعب لنمط الحياة السلمي داخل الأسرة وفي علاقات أعضاء المجتمع السويدي مع بعضهم البعض، ومنع العُنف الجسدي، والنفسي، والاقتصادي، والجنسي والمادي عمومًا.
المِثال الاجتماعي في مملكة السويد أفضى إلى مجتمع يَسعى إلى أعلى درجة مُمكِنة من المِثالية الإنسانية. التجرية السويدية تنال إعجاب كل مَن عَرَفَ ويَعرف السويد وخِصالها الجميلة التي أدَّت إلى إعلاء مكانة المرأة لتصل إلى مرتبة رئيسة وزراء تحكم الجميع كأُم وزوجة وربَّة بيت تحنو على عائلتها الكبيرة بِقَضِّهَا وَقَضِيضِهَا.