الأنباط -
بسم الله والحمد له تعالى ذكره، مالك اليوم الذي لا بيع فيه ولا خِلال وأحمده على حسن البلاء وتظاهر النعماء، وفي كل حال من شدة أو رخاء
على قدر عظمة الأمم والدول وقياداتها يكون تمثيلهم، ولقد كنت أُحب أن لا أرى قصيرة من أهل وطني فلا أرى منهم خائن إذا أؤتمن، ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذاب إذا نطق؛ ولا نجحد ذا الفضل فضله،
فنجزي الذين أساءوا بما عملوا ونجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
انظروا كيف هي صيرورة أمرنا وهذا الجناح الأردني في إكسبو ٢٠٢٠ الدولي الذي لم يجعلوه في أيدي الشجعان الأكفياء، ومانعي الذمار، وأصحاب الوقار، فخابوا وخسروا الشكل والموضوع، وأضاعوا بسوء سعيهم المنهج الأقصد والغاية والمقصد.
وهذه أنباء الأكفياء من باقي دول العرب، شركات خاصة ورواد أعمال وأصحاب علم وكفاءة في أجنحة الدول الشقيقة، بجهود شخصية كانوا خير منا أثراً، وأَحد بصراً، وأعز نفراً، وأشرف ذكراً، وأكثر حظاً ونعماً وخيراً، واستطاعوا تحقيق الغايات والصفقات بالملايين المئات
ونعرج على القرية العالمية للبحث عن الجناح الأردني بين الأخوة والأخوات
فلا نجد سوى أهل العزم والنشامى الحقيقيون جناح دولة فلسطين المحتلة، وسوريا المنكوبة، واليمن المتصارعة، ولبنان المُدمَرة، والعراق الضائع، وأفريقيا الجائعة القابعة بين الحروب وتناحر المليشيات؛
كل هؤلاء تبقى لديهم الكفاءات والنخوة والعزيمة لتمثيل دولهم بأجنحة عظيمة في التميز بالرغم من الفقر والتشرذم والاستعمار والحروب والويلات؛ ولم ينشطوا عُقل الشوارد، ولم يلحقوا العون القواعد، ولم يورثوا الأحقاد، وعفوا بالحلم أبلاد الكلم، وأنابوا إلى السبيل الأرشد والمنهج الأقصد
ودولة النشامى تفر هاربة من الميدان، ولم يستحيوا من الفر، ولم يخجلوا من عاره في الأعقاب
وبالبيت نقف عند الأرقام الرسمية، والانجازات والاتفاقيات؛ الماء والكهرباء، والبوتاس، والفوسفات، والنفط وتكريره، والاتصالات، … …
حتى الضرائب والرسوم الجمركية التي تتميز بها الحكومات؛ ما أكثر الفاقد والضائع عند القادرين والقادرات
وفي السياحة صولات وجولات ... فقبل قرابة ست سنوات، وفي أحداث الخريف العربي وانتكاث المعاهدات، سمعت وزير الخارجية ناصر جودة يقول: "الأردن حديقة وسط حريقة" ولله المنّات
فسألت وزير السياحة بنفس الوقت كيف استفادت الحديقة من عواقب سوء سعي من تخبطوا وامتطوا الهجاج والفتنات؟
فقال: لدينا زيادة في الإيرادات، حوالي أربعة بالمئة، الحمد لله أراهم كافيات
فسألته: وكم هي في العام الإيرادات؟
فأجابني برقم لا أذكره ولكنه في حدود المليار والنصف أو هيهات؛ فالزيادة ستون مليوناً منقوصات
فقلت له: الحريقة في دول الجوار (سوريا ومصر ولبنان) حجبت عنها السياحة وحرمتها الإيرادات والمُقدرات، ربما مئات المليارات، فلو اعتبرناها خمسون فقط من المليارات
ولو افترضنا أن فريق مبيعات فاشل كليل البصر، نكد النظر لم يستطع تحقيق سوى عُشر الهدف، لكانت غنيمة ناقصي البصر خمس مليارات، وهي في علم المبيعات فشل وخيبات
ولكانت الزيادات في الإيرادات أكثر من ثلاثة أضعاف المسجلات
فأجاب الوزير اعترف بوجود تقصيرات ولكن العديد منها ورثناها من وزارات وحقبات سابقات
وما زال عدد من الوزراء يُكافئون على عدم كفاءتهم بتولي الحقيبة تلو الأخرى بفضل كوتا رئيس مجلس الأعيان وباقي الكوتات، دون الأكفياء المحبين للصلاح الثقات. فمن أولى بتولي أمور الناس البَر أم الفاجر؟ الولود أم العاقر؟ الوفي أم الغادر؟ أين العلماء الكرماء؟ بُناة البيوت التي لا تزول، ومغرس العز الذي لا يحول، الدعائم التي لا تُرام، والعز الذي لا يُضام، من أوائل أصحاب الشهادات.
فما زالت مجالس الوزراء ومَن يُديرون شؤون الدولة يُعيَنون على أساس الكوتات والعصبيات دون الكفاءات وأهل المكرمات الثوابت في النائبات، وكذلك مجلس النواب مقالات وفوقها رشوات
وما زالت العزة تأخذ وزير شؤون المغتربين وأفراد البعثات بالإثم كلما ارتفعت للحق أصوات، تُطالب بأبسط حقوق المغتربين والمغتربات، وتحثهم على تقديم الحد الأدنى من الواجبات.
ولعمري أن عبداً حبشياً من أقاصي الدنيا قوي أمين، من الأكفياء النافعين والنافعات؛ ينفعون الوطن والحزينين والحزينات، هو عندي أحب وأحق أن يتولى أمر الناس ممَن هو عندي أغلى من الحياة.
فهل فعلاً الأمور طيبة والوطن بخير ..!
الدكتور/ وسام صالح بني ياسين