ومع ذلك ورغم قناعة أميركا بالخطر الإيراني فقد كانت دائماً مكبلة اليدين بحدث دولي اكبر يمنعها من التدخل العسكري، لكن هل هذا هو السبب الوحيد؟ فإيران هددت الملاحة في مضيق هرمز، ودمرت عدداً من السفن، وأسقطت طائرة أميركية بدون طيار، وضربت القواعد والجنود الأميركان في العراق، واعتدت من خلال ميليشيات الحوثي على دولة من أهم حلفاء أميركا؛ المملكة العربية السعودية، بصواريخ طالت أكبر مجمع نفطي في العالم «أرامكو»، وهي تطور برنامجها النووي وتجاهر بذلك وهي تسيطر على أربع دول عربية، وغير ذلك الكثير ومع ذلك لا تطالها يد ا?ولايات المتحدة، فعشر دقائق فصلت ترامب من توجيه ضربة عسكرية لها.
ربما يكمن بعض السر في أن إيران كانت تختار أهدافاً رخوة دوماً بحيث تمكن الولايات المتحدة من ابتلاع كبريائها، ورغم أن إيران ليست دولة عظمى لكنها قادرة على زعزعة الأمن العالمي في لحظة، فبامكانها تهديد حركة الملاحة في مضيق هرمز، وباب المندب وبالتالي قناة السويس، مما يهدد التجارة العالمية على صعيد الطاقة والبضائع، وبإمكانها أيضاً إشعال أربع حروب في نفس الوقت دون أن تتورط بشكل مباشر بواسطة أذرعها الممتدة، وهذه الحروب هي لبنان اسرائيل، وسوريا وإسرائيل، والعراق وأميركا، واليمن ودول الخليج وهذه الأخيرة مندلعة فعلاً? إضافة إلى غياب الإجماع الدولي على حرب إيران، عدا عن أن الرأي العام الأميركي معارض تماماً للحرب، وساهم في هذه المعارضة التيار الانعزالي زمن ترمب..
كل تلك المعطيات تجعل إمكانية اندلاع حرب أميركية على إيران بعيدة المنال، اللهم إلا إذا قامت إيران بعمل خطير كإغلاق المضائق مما يُمكن الولايات المتحدة من حشد دعم دولي لمحاربتها، وإيران التي تجيد لعبة الدجاجة وكذلك لعبة الوصول إلى حافة الهاوية أذكى بكثير من أن ترتكب هكذا خطيئة، بسبب ذلك كله لم تقم الحرب وربما لن تقوم، ليس بسبب مؤامرة بين البلدين بل لكل تلك الأسباب.