الأنباط -
عمان-بدعم من وزارة الثقافة الاردنية صدر عن دار الفينيق للنشر والتوزيع، عمان كتاب بعنوان "التاريخ الدولي للحماية الدستورية لحقوق الانسان والقانون الدولي واثره على التاريخ السياسي للأردن خلال الفترة 1990-2016"، للدكتور الأردني يوسف فايز الدلابيح.
يشير في مقدمة كتابه الى أهمية هذه الدراسة التي تنبثق من أهمية الموضوع الذي تعالجه، إذ حظيت مواضيع حقوق الإنسان والقانون الدولي باهتمام كبير على مر التاريخ الإنساني، وعلى مراحل تاريخية مختلفة، إلى أن باتت حقوق الإنسان والدفاع عنها محل إجماع عالمي وإحدى السمات الأساسية والمميزة في العلاقات والمعاملات السياسية للنظام الدولي المعاصر، باعتبار حقوق الإنسان مقياسا للتطور السياسي لأي مجتمع ومعيار يبين أهلية النظم السياسية في الدول المعاصرة ولذا فقد تم تأطير هذا الاهتمام في إطار القانون الدولي من خلال المعاهدات والاتفاقيات وذلك لتعزيز الحماية لهذه الحقوق، ومن هنا كان لزاما علينا إن نبرز موضوع حقوق الإنسان والقانون الدولي، تاريخيا، وان نظهر الحماية الموفرة لهده الحقوق في التاريخ الدولي، والأثر المترتب على الدولة الأردنية عبر التاريخ السياسي لها تجاه حقوق الإنسان والقانون الدولي.
وعن الهدف الرئيسي من هذه الدراسة يوضح المؤلف هو بيان مفهوم حقوق الإنسان والفلسفة التاريخية لهذه الحقوق، وما هو التاريخ الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي والحضارات التي تطورت فيها هذه الحقوق، وما هي الحماية الدولية الموفرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي. وبيان الحماية الدستورية الموفرة لها وللقانون الدولي في الأردن، وتتبع مسار حقوق الإنسان والقانون الدولي عبر التاريخ السياسي الأردني.
وعن المنهج البحثي الذي استخدمه في هذه الدراسة يقول "استخدمت المنهج التاريخي، لكون التاريخ يشكل احد أركان هذه الدراسة ولان الزمن هو المتغير الرئيسي الواضح في هذه الجزئية حين تناولنا المراحل التاريخية المختلفة لحقوق الإنسان والقانون الدولي والتطورات التي شهدها الأردن عبر تاريخه السياسي فيما يتعلق بتوفير الحماية اللازمة لحقوق الإنسان".
ويقول الدلابيح خلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات منها تأكيد دور الأمم المتحدة في تعميق وتأصيل الاحترام الدولي لحقوق الإنسان، وضرورة قيام الأمم المتحدة بالعمل على توجيه جميع الدول من أجل التصديق على جميع الاتفاقيات الدولية الناظمة لقوق الإنسان والتأكيد على عدم المساس بالسيادة الداخلية للدول إلا بناء على اسنادات قانونية صادرة من قرار الأمم المتحدة. وبعد عرض الدراسات السابقة تبين لنا أنه لا يوجد دراسة علمية سابقة تعرضت لموضوع الدراسة الشامل والذي يعنى بتتبع مسار التاريخ الدولي للحماية الدستورية لحقوق الانسان والقانون الدولي واثره على التاريخ السياسي الاردني.
ويضيف المؤلف من النتائج التي يتناولها هذا الكتاب هو البعد التاريخي لحقوق الإنسان وفلسفتها، ومدى اهتمام الحضارات القديمة والدول الحديثة بها، واتضح لنا أن جذور هذا الاهتمام تعود إلى عصور ساحقة قديمة تمتد، في بعدها الزمني، إلى آلاف السنين التي سبقت التاريخ الميلادي. فحضارات الشرق القديم أشار حكامها ومفكروها ومؤرخوها إلى هذه الحقوق فتم تلمسها في مدونات العراق وقوانين بعض حضاراته، حيث تم تدوينها على مسلات (كمسلة حمواربي) وقوانين شرعها الحاكم الإله لأي احتمال. كما تم تلمسها والإحاطة بمضامينها في تلك الكتابات التي وجدت منقوشة على صحائف البردي (في مصر القديمة) وعلى مدى تاريخ دولتها القديمة والوسطى والإمبراطورية.
يرى الدلابيح ان مفكرو الحضارة اللاحقة "الحضارة الرومانية"، لم يختلفوا عن مفكري اليونان فجاءت إسهاماتهم الفكرية لتعكس لا فقط حقيقة أنها امتداد لمن سبقهم من مفكري تلك الحضارة وتأثرها بهم وإنما، أيضاً، تطوير أبعاد هذا المفهوم ليصبح أكثر وضوحاً وعمقاً وليشمل رعاية الدولة لا فقط مواطنيها حسب. ويمكن تلمس ذلك بشكل لا غبار عليه بعد ظهور الديانة المسيحية وما طرحه ما أصطلح عليه قديسو الديانة المسحية من أفكار. وإذا كان شيشرون "المدارس الفكرية"، وآخرون قد مثلو الحقبة التي سبقت ظهور السيد المسيح "على"، فأن مفكرين من أمثال القديس أوغسطين والقديس توماس الأكويني مثلوا التاريخ الذي تلى ذلك الظهور.
وخلص المؤلف الى أن تطور الاهتمام بحقوق الإنسان لم يأتي بمحض الصدفة وإنما كان حصيلة مسيرة حافلة تمت على الصعد الفكرية والفلسفية والتشريعية في الحضارات المتعاقبة، القديمة والوسيطة، والتي أكدت على أن الإنسان هو محور الاهتمام والعناية لكونه إنسان، بصرف النظر عن أشكال التمييز المعروفة من جنس أو لون أو دين أو لغة وغيرها من أشكال التمييز.