الأنباط -
يلينا نيدوغينا
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الأردنية الصينية في السابع من إبريل / نيسان 1977، يدوم تطورها الصاروخي في مختلف المجالات، ضمنها تزايد التبادلات الاقتصادية والتجارية التي تدعمها التفاهمات السياسية بين زعيمين لبلدين صديقين، وهو أمرٌ مهمٌ جدًا لتعزيزها، وبالتالي تنعكس هذه الصِّلات الطيبة بالإيجابيات الكثيرة على شعبي البلدين ويوميات العائلات الصينية والأردنية، إذ تفتح الاستثمارات الصينية داخل المَمْلكة وعلى الأرض الصينية أيضًا، فُرصًا مُتجدِّدَة للأُردنيين في ميدان الأعمال والأشغال بمختلف ألوانها.
مؤخرًا، عًلمتُ من وسائل الإعلام الصينية عن تعاون نوعي جديد بين بلدينا، خاص بفنيي المَسرح، فقد بادرت الصين بافتتاح دورة تدريبية تتميز بزخم كبير، لتؤكد نجاحها منذ بدايتها، سيّما وأنه هذا التعاون لَم يسبق له مَثيل. هذه الفعالية انطلقت في حاضرة مدينة ينتشوان، بمنطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية (هوي) بشمال غربي الصين، في 28 سبتمبر/ أيلول المنصرم، بمشاركة 13 متدربًا أردنيًا عبر الإنترنت، واستمرت لمدة خمسة أيام.
وسائل الإعلام الصينية الناطقة بالعربية، أكدت أن هذه الدورة التدريبية "تهدف إلى تعزيز التبادل بين الجانبين الصيني والأردني لتحسين مهارات المسرح، بما فيها الإخراج وكتابة السيناريو، والإضاءة والصوت، وآلات المسرح، والأزياء، والمكياج، وإدارة المسرح وغيرها. ولهذا، أشرف على هذه الفعالية فريق تدريس يتكوَّن من خبراء وعُلماء من المؤسسة الصينية للفنون المسرحية، والأكاديمية المركزية الصينية للدراما، وهيئات وجامعات صينية أخرى".
وبهذا الصَّدَد نوّه السيد تشن تشواندونغ، سفير الصين لدى الأردن، الذي يتميّز بِهِمَّةِ عالية ومتابعةِ الأنشطة بين البلدين وتشجيعها، خلال كلمة ألقاها أثناء حفل افتتاح هذه الدورة، إلى أنه على الرغم مِن بُعد المسافة بين الصين والأردن، لكن التبادلات الودية بين البلدين لها تاريخ طويل مُثمِر، وبخاصةٍ في السنوات الأخيرة، حيث تطورت العَمَلانيَّات الثقافية بين البلدين بشكل مُستمر، وتعمّقت التبادلات الثقافية والتعاون بصورٍ متواصلة، وتحقّق من خلال كل ذلك نتائج مُثمِرة، مِمَّا أعطى قوّة كبيرة لتنمية العلاقات بين البلدين.
يَرى السفير الصيني تشواندونغ، وأنا أوافقه الرأي، أن هذا التعاون الجديد يَصب في صالح الجميع ليتبادلوا المَعرفة المهنية المتعلقة بكفاءة المسرح، وليشعروا بالتطوّر والتغيّر في الصين والأُردن وسِحرهما الثقافي، وأن يُصبحوا مُشاركين ومُساهمين في رفد التعاون الصيني الأُردني الجديد في نطاق برَاعة الَمَسرح، وأن يكونوا كذلك رُسلًا ثقافيين للصداقة بين الصين والأردن"، بينما أَوْضَحَ السيد سالم الدهام، مندوب وزير الثقافة الأُردني ومدير المركز الثقافي المَلكي، في تصريح لافت له بهذا الشأن، أن هذه الدورة التدريبية إنَّمَا تهدف إلى تحسين المُنتَج الثقافي وتمتين أواصره من خلال مدرِّسيِن أردنيين، وتَمْكِين التعاون المشترك بين البلدين الصديقين في المَشهد الثقافي لمزيدٍ من تجذير العلاقات الثنائية.
يلفت الانتباه في هذه الفَعالية الجديدة والنوعيّة أنها تَجمَع المُشارِكين العرب في منطقة نينغشيا الصينية لقومية (هوي)ـ الذي شعبها يَعتنق الدين الإسلامي، ولهذا تكثر زيارات المسلمين من مختلف الدول العربية والإسلامية إليها، وهم يوظِّفون فيها استثماراتهم الكبيرة التي شاهدتها في زياراتي إلى تلكم الأصقاع. ولهذا، أعتقد أن (نينغشيا) مؤهلة تمامًا لتعظيم العلاقات الصينية الأردنية والصينية العربية في فضاءات لا حَصر لها، ليس أولها تزايد سياحة الصينيين إلى الأُردن، ولا آخرها التجارة الواسعة بالاتجاهين، وتعليم اللغة العربية لتلاميذ وطلبة تلك المنطقة على يد مُدرِّسين أُردنيين، وفي هذا الأمر يمكن لِ "القوَّة الناعمة" أن تتطور بين الدولتين والشعبين على نحو مُتّسِع، والتعويل عليها في تجذير أعمق للشؤون والإتصالات الثنائية بين عَمَّان وبكين وديمومة مَتانتها.
*كاتبة وإعلامية روسية.