الأنباط -
يلينا نيدوغينا
في الموقع الشبكي الخاص بجلالة الملك عبد الله الثاني المُعظم، والذي يشتمل على كل خطابات سيّدنا، قرأت باهتمام وتَمَعُّن كلمته التي ألقاها في الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ22 أيلول/سبتمبر 2021، إذ ركّز فيها جلالته على محاور رئيسية تستدعي اهتمام كل البشرية، ضمنها المَصلحة الأُممية المُشتركة للتصدي للتحديات المختلفة بنجاعة. ولهذا، دعا جلالة الملك إلى العمل المشترك، وطالب بأن يكون التركيز "على الإنجاز"، فمِن "غير المُمْكِن تحقيق التغيير الإيجابي الذي نصبو إليه بالتمنّي، ولذلك يجب أن يكون عملنا مُنسَّقًا ومُنظَمًا ليترك أثرًا عالميًا حقيقيًا".
وفي هذا السياق، لفَت انتباهي في كلمة جلالته المُفدّى ما يتميز به الأُردن دولة وشعبًا منذ تأسيس المملكة قبل قرن واحد، إذ ما توقف الأردن يعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين كافة لتعزيز السلام والازدهار والاحترام المتبادل في كلِ بِقاع الكرة الأرضية، برغم الصعوبات والتحديات العالمية التي يُدركها الأردن ولكنه يتجاوزها، وفي الوقت نفسه يرى بعينه الملكية الثاقبة الفُرص الكبيرة لبناءِ عالمٍ أفضل سويًا مع الشَّرَاكَات العالمية، التي تُعتبر أُمنِية وحَاجة حَيوية من شأنها أن تجد الحل لأحد أقدم الصراعات في التاريخ الحديث، وهو الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
في هذا السياق نَرى في كلمات الأب الحاني الملك عبد الله الثاني، تضامنه مع شعب قطاع غزة، بخاصة المآسي التي أفضت إليها الحرب الأخيرة على القطاع. يقول جلالته أن هذه الحرب القاسية ذكّرتنا أن الوضع الحالي لا يمكن له أن يستمر، وأن المُعَاناة التي نراها تُثبت ضرورة مواصلة دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تعمل وفقًا لتكليفها الأُممي، وتوفّر خدمات إنسانية حيوية لـ 5.7 مليون لاجئ فلسطيني.
إلى جانب ذلك، يَنتَصِر جلالته للإنسانية جمعاء في كل بقاعها ويعمل من أجل توفير الخير بكل الأشكال لجميع البشر، ويتساءل: "كم بيتٍ سيُدّمر وكم طفلٍ سيموت قبل أن يَصحو العَالمَ!"، ، فلا يمكن أن يتحقَّق الأمن الفِعلي لكِلا الطرفين فقط، بل للعَالَم بأسره، إلا من خلال السلام المَبني على حَل الدولتين، الذي يُفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة على خطوط حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب "إسرائيل"، وضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، من منطلق الوصاية الهاشمية الشريفة عليها، بدعمِ دول الدُّنيا المُنَاصِرة للحق والعدالة والقانونين الدولي والإنساني.
يُواصل جلالة القائد الأعلى التضامن مع مختلف شرائح البشرية المُتعَبَة، ويَدعو إلى مساعدةِ كل مَن يَحتاج للمساعدة، ويؤكد بأن التخلِّي عَمَّن يَحتَاجون اليها من الأبرياء المُعَرَّضِين للمخاطر، وإهمال الصراعات لتستشري دون حلٍّ لها، يَخدم المتطرفين حول العالم، الذين يستغلون حالة اليأس والإحباط والغضب الناجمة عن هذه الأزمات.
كثيرة هي الصِفات النبيلة التي يتمتّع بها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الرائع والمُشْرِقَةِ طلعته دومًا، فهو يَبرز في كل جهات المَعْمورة مَلِكاً عطوفًا مُحبًا لكل الشعوب ومُدافِعًا عن هِبة الحياة المقدَّسة، وضرورة تواصلها في ظلال السلام والأمن والمُثُل السَماوية، إذ إنّ مَن يتابع خطابات جلالته الحَكيم، يُدرك تمام الإدراك صفاته الأخلاقية الرفيعة التي ورِثها من الهاشميين الأفذاذ كابرًا عن كابر، وهي حِكمة ثابتة في دمائهم وعقولهم وتفعيلات سياساتهم اليومية في مختلف العَوَالِم والأوساط بدون استثناء، الأُردنية والعربية والأجنبية، ولهذا نرى الأمان التام الذي يَشعر به هؤلاء الأجانب الكُثر الذين يَعيشون ويعملون في المَملكة الأُردنية الهاشمية التي تحترم كل القوميات واللغات وبني الإنسان في كل مكان وزمان.
*كاتبة وإعلامية روسية.