الأنباط -
فرح موسى
تُعد حارة سمخ من حارات إربد القديمة، التي يعود تاريخها الى منتصف القرن العشرين، وتحديداً عام (1948)، حيث كانت تعتبر من أهم مناطق وسط المدينة القديم، ويحيط بالمنطقة أغلب عشائر ودواوين إربد القديمة، ومبانيها تحمل في طياتها الكثير من الذكريات، لكن تحولت بعض الأماكن الى مكبات للنفايات، ومنها حارة سمخ.
(الانباط) زارت حارة سمخ الواقعة في الجهة الغربية من سوق الخضار، وبالقرب من عدة مضافات ودواوين تابعة لعشائر: التل، والرشيدات، والدلاقمة، والعبندات، وأسفل ديوان كريزم من الجهة الجنوبية، وخلال الجولة استضافنا الشيخ (أبو عصام) كريزم، ليحدثنا عن مساهماته المتعددة في بناء الكثير من الأبنية في إربد، ومن بينها حارة سمخ، التي يعرف عن العائلات التي سكنتها
وأكد (أبو عصام) على أنه يمكن الاستفادة من البناء القديم، وتحويله الى مناطق سياحية، في كثير من مناطق إربد القديمة.
الاعلامي تحسين أحمد التل - رئيس مركز حق للتنمية السياسية، أحد الذين تناولوا واقع مدينة إربد في العديد من التقارير الإخبارية المصورة، وما تعاني من إهمال، أكد، على أن حارة سمخ هي واحدة من اقدم حارات إربد، تشبه الكثير من الحارات القديمة، ويمكن بما تملكه من أثار، أن تكون مثل السلط التي انضمت حديثاً لمنظمة اليونيسكو في المحافظة على الاماكن التراثية، إذ لا ينقص إربد من أن تصبح ثاني أهم مدينة في الأردن، لو حظيت باهتمام حكومي، والأمر لا يحتاج الى موازنة ضخمة لتكون المدينة من الأماكن المميزة على مستوى الوطن.
واضاف، تعتبر حارة سمخ، ودار السرايا التي تحولت الى متحف آثار إربد، وبيت النابلسي، وبيت شاعر الأردن عرار، من الأماكن القديمة التي لا تقل أهمية أيضاً عن منطقة أم قيس، وقلعة عجلون، والعديد من الآثار التي تُميز وطننا العظيم بتراثه، وحضارته، وقيمه الإجتماعية ذات البعد الإسلامي والعربي، لكن المشكلة تتمثل في قلة العناية، والاهتمام المناسب.
وقال التل؛ إن حارة سمخ تشبه حارة تشتش في العقبة، تلك الحارة العقباوية التي عملت سلطة إقليم العقبة على دعم أصحاب البيوت القديمة فيها بالمال اللازم، وقام أصحاب البيوت بما توفر لهم من أموال بسيطة بتحويل بعض الغرف المطلة على الشارع، لتصبح أماكن بيع آثارات، وزجاج مملوء بالرمل الملون، وبعض المشغولات الفضية، لتباع الى السياح الأجانب، وبهذه الطريقة استطاعت سلطة إقليم العقبة أن تخدم أصحاب الحي بأن وفرت لهم مصادر رزق محترمة بأقل التكاليف، والمبلغ الذي قدمته السلطة لسكان حارة تشتش لم يتجاوز العشرة آلاف دينار، وقد زرت الحارة بمعية الدكتور كامل محادين عندما كان رئيساً للسلطة، إضافة الى الوفد الأجنبي الذي رافقنا في الزيارة.
من جانبه، قال عصام كريزم؛ المهتم بجمع الآثار، والتحف والأشياء القديمة التي اندثرت بفعل التطور، إن حارة سمخ تعتبر بيئة خصبة لتصبح معلم سياحي اثري، بدلاً من أن تصبح مبانيها خرابات، ومكبات، تعشش فيها القوارض، والآفات، وتمنى كريزم أن تقوم البلدية باستملاكها، وتحويلها لمنطقة تراثية، واقامة المطاعم السياحية فيها، والمقاهي، والسماح ببيع النثريات، وما يجذب السياح من هدايا وتحف عربية وإسلامية، ويقام فيها البازارت المختلفة، لأن المنطقة تستحق العناية والرعاية من الحكومة.
بدوره، قال رائد حجازي، المهتم، والباحث في التراث الإربداوي على أن فكرة احياء حارة سمخ من الأمور المهمة، والعظيمة، لأن ذلك يدل على إحياء تاريخ مدينة إربد، بما تملكه من مناطق جذب سياحي، فيما لو اهتمت الحكومة ببعض مناطقها الأثرية.
وتابع حجازي قائلاً؛ لا اريد ان اكون متشائماً، لكن يمكن أن تضع الحكومة يدها على هذه المباني، وتقوم بدفع تعويضات، وكل صاحب حق ياخذ حقه من صندوق أمانات، لأن تكلفة صيانة هذه المباني لن تكون كبيرة، وقال؛ اتمنى ان تعمم هذه الفكرة، لاحياء البركة الرومانية في شارع فلسطين، وبعض المباني القديمة التي تم ردمها، وتحويلها الى أسواق ومجمعات تجارية...
إربد تستحق بما تحمله من تراث، وأماكن أثرية، وقديمة، أن يخصص لها حلقات تلفزيونية، وتقارير صحفية متعددة حتى يمكن تغطية بعض الجوانب البارزة فيها، وتبقى إربد تحمل من الأسرار، والدفائن، والكنوز ما يمثل خمسة آلاف سنة من عمق الحضارة، والتاريخ البشري