البث المباشر
حسين الجغبير يكتب : الضم من جديد.. ماذا نحن فاعلون؟ أين نحن من "محادثات الكواليس" بين تركيا وإسرائيل حول سوريا؟ حل مجلس النواب ليس حلاً الإنسان المعرّض للفناء قرارات مجلس الوزراء مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي النابلسي والجوارنة والزغول والطراونة لماذا لا تصبح الانتخابات في الأردن إلكترونية؟ بعد حادثة "العبّارة".. مصدر للأنباط: أمانة عمّان تزور الفتاة المتضررة وتقدم الاعتذار لها اللقاء الإقليمي في عمّان لتعزّيز تنفيذ لقاء دورة المنح السابعة لدعم خطة التنفيذ و الانتقال والاستدامة عُطلة رسميَّة بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلاديَّة الملك يتقبل أوراق اعتماد عدد من السفراء الملك يلتقي نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية الملك يلتقي نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية الدكتورة رنا عبيدات… عقلٌ علمي يقود البوصلة ويعيد تعريف قوة الدولة من بوابة الدواء والغذاء "الأرصاد الجوية": ارتفاع الأداء المطري إلى 63% من المعدل الموسمي العام مديرية الأمن العام تطلق حملة "السلامة المرورية شراكة ومسؤولية" شركة Joeagle وجمعية البنوك تنظمان ورشة عمل حول تقنيات المصادقة الخالية من كلمات المرور من يغادر البرلمان… ومن يبقى؟ اورنج الاردن تهنيء محمد أبو الغنم بمناسبة حصوله على درجة الماجستير في إدارة الأعمال التنفيذية EMBA رئيس الوزراء يتفقد أربعة مواقع في جرش وإربد

الاستقالة

الاستقالة
الأنباط - د. طلال طلب الشرفات

الاستقالة قد تكون واجباً أو مطلباً، وقد تكون خطأ أو خطيئة، وفي كل الأحوال هي سلوك سياسي ، أو إداري يعبر - أحياناً - عن حالة فشل وانسداد في الأفق النفسي أو العقلي، والأهم أنها من أكثر أنواع السلوك اختلافاً في التأويل.

والاستقالة عندما يتذرع مقدمها أنها تعبر عن موقف سياسي، أو احتجاج وظيفيّ يتوجب أن تأتي في وقتها الصحيح؛ وإلا اعتبرت شراء لشعبويات زائفة، أو بيعٍ لموقفٍ أو مقام.

أفهمُ تماماً أن تأتي الاستقالة موقفاً سياسياً مقبولاً عندما تطرأ مواقف تستدعي ضرورة الانقلاب على مبادئ وثوابت و أيدلوجيات المستقيل، ولكن لا يمكن فهم أو تفهّم القفز على المواقف أو منها، وليس مقبولاً عدم قدرة المستقيل على الفصل بين الخاص والعام في اتخاذ القرار، بل أن الأخطر يكمن في الخلط بين المهمات الوطنية والنوازع الفردية المتعلقة بالشأن الخاص.

إنّ الحالة السياسية الأردنية مشبعة بالانطباعات الخاصة، وردود الفعل الآنية، ومتخمة بالهويات الفردية والشعبويات الزائفة، ومتهيجة الى الدرجة التي يصعب معها تقييم الأشخاص بموضوعية في المواقع والمواقف؛ بل أنها غالباً ما تحمل انطباعات خاصة قائمة على الحب والكره، والغضب والهدوء، والاهتمام واللامبالاة، حتى أنّ الرأي العام بات ناقداً لكل قرار وغاضباً من اي اختيار، ولعل حكمة الشباب قد طغت على مراهقة الكبار في الآونة الأخيرة لسبب بسيط يكمن في أنّ الشباب يبحثون عن نضج في الممارسة أو مسار ، في حين أنّ الكبار يقزّمون انفسهم من حكماء ومفكرين للوطن والتراب، إلى لاهثين وراء شعبويات زائفة، ومناصب غالباً ما يصعب تحقيقها على قاعدة أنّ طالب الولاية لا يولّى.

عند ابرام معاهدة السلام استقال وزراء لموقف سياسي اتفقنا أو اختلفنا معهم، وفي لجنة الحوار استقال أعضاء بعضهم لموقف سياسي وآخرين لانطباعات خاصة أو انفعالات لحظية، وربما بعضهم كتمرين انتحاري للولوج الى السلطة من خلال ارتداء قميص الربيع العربي واستثمار المناخ السياسي المشحون وقتذاك؛ لتحقيق مآرب سياسية أفضت الى إشراك بعض اليساريين في الحكم؛ عقاباً للقوى الإسلامية التي تشددت في مطالبها إلى الدرجة التي تراجع موقعها السياسي في الشأن الوطني إلى ما يشبه العزل الذاتي الذي ما زال ماثلاً - للأسف - حتى يومنا هذا.

في المهمات الوطنية الكبيرة، الاستقالة ليست ملكاً لصاحبها، والموقع الوطني ليس مطية لشاغله، بل إنه مسؤولية وطنية كبيرة، وثقة غالية على الجميع الحرص والارتقاء حيالها كما أنه أمانة لا يجوز التفريط بها، أو انتهاج السطحية او العدمية بشأنها، بل أنها نضال من أجل عقلنة الخطاب،وحوكمة المخرج، و إنضاج المهمة من اجل رفعة الوطن ، وخدمة الناس الذين أثقلت كاهلهم الفاقّة ، وتبدى بهم اليأس؛ حتى بلغ بهم المقام مساحات هائلة من فقدان الأمل، والثقة بالمؤسسات التي تشكل عماد الدولة ورافعتها الأكيدة.

لا أتحدث عن استقالة بعينها، ولكنني أحزن على الاستقالات التي لا تأتي بوقتها ولا تعبر عن موقف سياسي يحترم أو يمكن فهمه أو تفهمه على أقل تقدير وخاصة تلك المتعلقة بالمهمات الوطنية الكبيرة. والحقيقة الراسخة تشي بإصرار أن المراجعة الوطنية الشاملة لنوايا وسلوك النخب قد اضحت ضرورة، والمحاكمة المسبقة للأشخاص باتت مهمة وطنية لا تقبل الاجتهاد، وتباً لاستقالة لا تحمل في مضامينها سوى بوادر القفز في المجهول، وتهدف الى خرق سفينة البناء الوطني الآمن.


© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير