الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة.
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن صلاحيات جلالة الملك الدستورية من بعض الحزبيين أو السياسيين أو القانونيين من مختلف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية سواء من قطاع المعارضة أو الموالاة، وباعتقادي أن هذه المطالبات وإن كانت من الناحية الديمقراطية والحقوق السياسية ضمن مضامين حقوق الإنسان المشروعة، ولا يمكن لنا أن نحتج عليها، أو أن نهاجم من يطالب بها، أو حتى نسيء لهم، لأن الديمقراطية تحتم علينا احترام كافة الآراء والمطالب ما دامت ضمن المسار الديمقراطي والتسلسل الدستوري والقانوني، وبالوسائل السلمية المشروعة، ولكل شخص الحق في التعبير عن رأيه بكل حرية، والدولة الأردنية بقيادتها الهاشمية تملك فكرا وحنكة سياسية وحكمة عقلانية وانسانية كفيلة باستيعات واحتواء واحترام كافة الآراء، يسارية كانت أم يمينية، ولا يزعجها أي مطلب ما دام ضمن الأطر المشروعة، وإذا ما استعرضنا ودرسنا كافة المطالب أعلاه التي تنادي بتعديلات دستورية تسحب من صلاحيات جلالة الملك هي في غير موقعها ومنطقها من الناحية الواقعية، ولا تخدم الشعب الأردني، لأن صلاحيات الملك الدستورية هي الضمانة وصمام الأمان للشعب الأردني من عسف وتعسف السلطات الأردنية، وخصوصا السلطتين التشريعية والتنفيذية، لأن الملك هو الحامي والضامن المحايد لهذه التشربعات الدستورية واستخدامها وقت الضرورة لما فيه مصلحة الوطن والمواطن، نعم نحن نؤيد ان تبقى صلاحية الملك في حل مجلس النواب وإقالة الحكومة متى شاء، لأنه كثيرا ما يحيد مجلس النواب عن عمله الدستوري، أو تفشل الحكومة في الإستمرار في أدائها وفق توجيهات جلالة الملك وطموحات الشعب الأردني، وكذلك الإلتزام في تنفيذ برامجها التي حصلت الثقة البرلمانية بموجبها، أو قد يشوب الإنتخابات النيابية تجاوزات أو مخالفات تنال من نزاهتها، وحياديتها كما حصل في بعض الانتخابات السابقة واضطر جلالة الملك إلى استخدام صلاحياته الدستورية وحل مجلس النواب قبل انتهاء مدته الدستورية تجاوبا مع نبض ومطالب الشعب الأردني في حينه، كما أقال العديد من الحكومات تجاوبا مع المطالب الشعبية التي كانت تنادي وتطالب بضرورة رحيل الحكومة أو تقديم استقالتها، فلولا هذه الصلاحيات الدستورية لبقيت هذه المجالس النيابية والحكومات التنفيذية جاثمه على صدورنا لمدة أربع سنوات، ختاما أقول أن صلاحيات الملك الدستورية هي الضمانة التي تخدمنا نحن غالبية الشعب الأردني، لأن جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه هو الملاذ الذي نلجأ اليه وقت الشدائد والأزمات، ولم يخذلنا جلالته يوما ما بأي مطلب سياسي سواء باتجاه حل البرلمان أو إقالة الحكومة أو رفض المصادقة على قرار يتعارض مع مصالح الدولة الأردنية أو الشعب الأردني ، والتجارب السابقة أثبتت لنا أن جلالة الملك ملتزم بتطبيق وتنفيذ كافة الإستحقاقات الدستورية بمواعيدها ووفق مضامينها مهما كانت الأسباب والمبررات التي تحول دون تطبيقها، وخير شاهد على ذلك انتخابات المجلس النيابي الأخير التي راهن وطالب معظم الشعب الأردني على تأجيلها بسبب جائحة كورونا، إلا أن جلالة الملك أصر على احترام الإستحقاقات الدستورية بمواعيدها، وهذه الصلاحيات موجودة في معظم الدساتير العالمية التي تمنح رؤساء الدول صلاحيات حل البرلمان أو إصدار فيتو على أي قرار صادر عن مجالس الشعب لا يتوافق مع نهج وسياسة الدولة بخصوص هذا القرار، فلكل شيء في الحياه صمام أمان، أو وسيلة حماية من أي خطر قد يداهمه، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه