الأنباط -
الأنباط -
وجدت صناعة الغذاء الأردنية، متسعا لها على قائمة خيارات المستهلكين المحليين وفي أكثر من 130 دولة عربية وأجنبية، مستندة في ذلك على تنوعها وجودتها وتاريخها المشهور بالتصنيع.
ونسج صناع الغذاء بالأردن قصص نجاح عديدة على مر تسعة عقود مضت، واستطاعوا تأسيس قاعدة صناعية صلبة بدأت بالزيوت وأصناف أخرى، يدعمها مخزون إنتاجي زراعي يتسم بالديمومة على مدار السنة، وأصبحت اليوم تغطي 65 بالمئة من احتياجات السوق المحلية من الغذاء.
ومنذ انتشار جائحة كورونا، أوعز جلالة الملك عبدالله الثاني للحكومة بدراسة إنتاج سلع غذائية محليا، بالتنسيق مع الشركات والمصانع الوطنية، للحفاظ على مخزون آمن في كل الظروف وزيادة الإنتاج المحلي، موجها جلالته لضرورة تطوير مواصفات وجودة المنتجات المحلية، والتوسع في صناعات جديدة بقطاعات الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية والتصنيع الغذائي. واستجابةً للتوجيهات الملكية، شكّلت الحكومة لجنة توجيهية عُليا لتعزيز المنتجات الوطنية وثلاث لجان فرعية لتطوير الصناعات الدوائية واللوازم الطبية والتصنيع الغذائي.
60 الف عامل جلهم من الاردنيين يتوجهون صباح كل يوم، إلى نحو 2657 منشأة تصنع الغذاء بعموم المملكة، تنتج سلعاً غذائية ترفد المملكة بصادرات بلغت قيمتها 558 مليون دينار خلال العام الماضي.
ويزيد حجم الإنتاج القائم في قطاع الصناعات الغذائية بالمملكة على 5ر4 مليار دينار، تشكل نحو ربع الإنتاج الصناعي الكلي في البلاد، ويسهم بنحو 6 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي، فيما تقدر موجوداته الثابتة بأكثر من 5ر1 مليار دينار، وبرؤوس أموال مسجلة تبلغ 963 مليون دينار.
وتضم قائمة منتجات الصناعات الغذائية الأردنية، المنتجات الحيوانية واللحوم والفاكهة والخضار، ومنتجاتها المصنعة والكاكاو والشوكولاتة والسكر، اضافة الى السكاكر والحلويات الشرقية والحلاوة والألبان ومنتجاتها.
كما تضم صناعات الحبوب والدقيق والنشا والمعجنات ومنتجات المخابز ورقائق البطاطا والذرة والمشروبات الغازية والعصائر والخل والمياه المعدنية والتوابل والبهارات والملح والمنكهات.
مصنعون أكدوا لوكالة الأنباء الأردنية ( بترا) أن صناعة الغذاء الأردنية ورغم ما تعانيه من حالة إغراق من منتجات مستوردة، قادرة على توسيع حصتها الداخلية وتحقيق الأمن الغذائي للبلاد ومساعدة الدول العربية في ذلك، ولاسيما أن إنتاجها يشكل ربع إجمالي ما تنتجه الصناعات الأخرى.
وبينوا أن الصناعة الغذائية الأردنية، تمتلك فرصاً من شأنها منحها فرصة صدارة قائمة التصنيع والإنتاج من حيث الجودة والتنافسية والمعرفة الصناعية التي تراكمت لدى الصناعيين على مر السنين، وتوفر المنتجات الزراعية المخصصة للصناعة.
رئيس مجلس إدارة شركة وادي الأردن للصناعات الغذائية (البيروتي)، محمد زكي السعودي، قال إن المملكة نجحت في توطين العديد من الصناعات الغذائية المهمة كالمعلبات والألبان والدواجن والبيض والمشروبات والحلويات وغيرها.
ولفت إلى أن صناعة الغذاء في المملكة تعتمد على استيراد معظم مدخلات الإنتاج من مصادر عالمية متعددة، وما زالت القيمة المضافة رغم أهميتها تتراوح بين 30و40 بالمئة، واصفاً ذلك بالجيد لكنه يحتاج لزيادته من خلال دعم الزراعة الصناعية لتوفير مواد خام محلية.
وأشار إلى أن الفرص الاقتصادية بقطاع صناعة الغذاء الأردنية كبيرة ويمكن الاستفادة منها باستغلال المعرفة الصناعية التي توفرت على مدى السنين، وتحديث أساليب الإنتاج واستخدام التكنولوجيا الحديثة لخفض كلف المنتج وتحسين جودته وإظهاره بالشكل الجاذب للمستهلك وسهولة تداوله.
وأكد ان صناعة الغذاء الأردنية قادرة على المساهمة بالأمن الغذائي للبلاد وأثبتت ذلك خلال أزمة كورونا وكشفت مدى استعداد وقدرة القطاع على تلبية حاجة الأسواق حيث لم نشهد انقطاعا للمواد ولا ارتفاعاً بالأسعار.
وشركة البيروتي التي تأسست منذ 40 عاما بمنطقة ماركا، متخصصة بصناعة المعلبات وبخاصة البقوليات والزعتر والبهارات وتعبئة الجميد السائل والحلاوة والطحينة، وتصدر 30 بالمئة من إنتاجها إلى فلسطين والولايات المتحدة ودولة الإمارات وكندا وأوروبا.
ولفت السعودي الذي يرأس كذلك جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية، إلى أن صناعة الغذاء الأردنية تحتاج إلى سرعة بالاستجابة من المؤسسات الرسمية للمتغيرات وتسهيل إجراءات العمل،موضحا أن مؤسسة المواصفات والمقاييس والمؤسسة العامة للغذاء والدواء ووزارة الزراعة، بمقدمة الجهات الرسمية التي أسهمت بنهضة وتطور صناعة الغذاء الأردنية وزيادة تنافسية منتجاتها محليا وبأسواق التصدير.
وشدد على ضرورة وجود نية حقيقية لتذليل الصعاب أو تعويض الفروقات ولاسيما بقطاع الطاقة بخفض أسعارها والتركيز على توفير عمالة ماهرة والسعي لتوطينها ودعم مصادر تمويل طويلة الأجل بكلف منخفضة، داعيا إلى ضرورة توفير بيئة عمل مريحة تساعد على بذل جهد أكبر وعمل ندوات وبرامج تدريب وخلق وعي عام بأن صناعة الغذاء الأردنية واعدة وأفضل بكثير من مثيلاتها المستوردة.
بدوره أكد الرئيس التنفيذي في شركة النبيل للصناعات الغذائية، المهندس أحمد السلاخ لـ(بترا) أن الصناعات الغذائية من أهم الصناعات الاستراتيجية بالمملكة، اذ أثبتت نجاعتها خلال أزمة كورونا، حيث لم نشهد اي نقص بأي منتج غذائي.
وأشار الى ميزات الصناعات الغذائية الأردنية، من حيث تنوعها وجودتها العالية، كما انها تحمل أسماء موثوقة، وتوفر عمالة مدربة ومتخصصة وكلها محلية، مضيفا إن الطلب المحلي والإقليمي زاد على المنتجات الصناعية الغذائية خلال السنوات القليلة الماضية، ما يستوجب تشجيع الاستثمار بمجالاتها المختلفة، ورفد المملكة بالعملات الأجنبية والدخول لأسواق تصديرية جديدة غير تقليدية.
وتشغل شركة النبيل للصناعات الغذائية التي تأسست عام 1945، نحو 850 عاملا، وتصدر ل20 دولة حول العالم، كما أنها معتمدة من أهم المطاعم العالمية العابرة للدول، وتعتبر من أكبر الطاقات الإنتاجية في الصناعات المجمدة في المنطقة.
وحول أبرز التحديات التي تواجه صناعة الغذاء الأردنية، أشار المهندس السلاخ لارتفاع كلف التشغيل والإنتاج والتمويل، داعياً البنك المركزي لزيادة نوافذ تمويل المشتريات الرأسمالية بأسعار فائدة تفضيلية.
المدير التنفيذي لشركة الدرة للمنتجات الغذائية عماد النن، قال إن الصناعات الغذائية، توفر اكتفاء ذاتيا، وخصوصا الصناعات الغذائية التحويلية المعتمدة على المنتجات الزراعية، مؤكدا أن وجود زراعة صناعية يعد أحد أهم الفرص التي تتمتع بها المملكة؛ أي وجود منتجات زراعية مخصصة للمصانع والتصنيع الغذائي كمواد أولية، ويجب الاستثمار فيها، فما يناسب المصانع الغذائية من منتجات زراعية، لها أسعار وجودة مختلفة عما يورد للأسواق مباشرة.
وتأسست شركة الدرة للمنتجات الغذائية عام 1979 في سوريا، وافتتحت مصنعها في الأردن عام 2003 في مدينة الحسن الصناعية بمدينة اربد وبدأت العمل بشكل فعلي عام 2011، وتوزع منتجاتها في 65 دولة حول العالم، وتشغل 700 موظف غالبيتهم من الأردنيين.
وبيّن النن أن ارتفاع تكاليف الإنتاج والتشغيل، وخصوصا تكاليف الطاقة، يعد من أبرز التحديات التي تواجه الصناعيين بالمملكة، مقارنة مع دول أخرى منافسة، على الرغم من انخفاض أسعار الطاقة عالمياً، إضافة للضرائب والرسوم المختلفة التي تقف عائقا أمام التصدير.
من جانبه، قال ممثل قطاع الصناعات الغذائية في غرفة صناعة الأردن محمد وليد الجيطان، إن وجود عدد كبير من المنشآت الصناعية في القطاع تعمل بأقل من 75 بالمئة من طاقتها الإنتاجية في الوضع الطبيعي، يؤكد قدرة الصناعات الغذائية على مضاعفة الإنتاج، حال توفير المحفزات اللازمة لذلك، والتي ستعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل مستقبلاً.
وبين أن صناعة الغذاء الأردنية، تؤمن احتياجات السوق المحلية بأصناف غذائية عديدة منها الدواجن وبيض المائدة ومنتجات الألبان والبقوليات والخضار والفواكه ومنتجات اللحوم المصنعة والزيوت النباتية ومنتجات المخابز والشوكولاتة والحلويات والمكسرات وكلها بفائض إنتاج،موضحا ان المنتجات الغذائية المحلية تستحوذ على حصة عالية داخل السوق المحلية وبأكثر من 65 بالمئة من إجمالي السوق،حيث وصل إنتاج بعض السلع الغذائية لحد الاكتفاء الذاتي، كالألبان ومنتجاتها، وبيض المائدة والدجاج ومنتجاته، ما يثبت تنافسيتها وجودتها مقارنة بالمستوردة.
وحول التحديات والمشاكل التي تواجه الصناعات الغذائية، أكد الجيطان أن ارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف الإنتاج، ونقص العمالة المؤهلة وتراجع مستويات التصدير ولاسيما خلال أزمة كورونا، وتراجع القدرات المالية ونقص السيولة، كلها تقف عائقاً أمام تطور مختلف الصناعات وليس فقط الغذائية.
واكد ان السوق مغرق بمنتجات مستوردة تباع بأسعار تكلفتها أو أقل، وبعض الدول تشترط التسجيل المسبق للشركات الغذائية ومنتجاتها قبل التصدير، وبعضها يشترط إرفاق شهادات مطابقة من طرف ثالث، فضلا عن بعض التأخير الذي يحصل بإصدار رخص استيراد مدخلات إنتاج الصناعات الغذائية، وعدم فرض رسوم جمركية على مستوردات المملكة من الأجبان البيضاء لعدم توفر البديل المحلي.
وأشار الجيطان إلى وجود خلل بين نسبة الضريبة العامة على المبيعات على منتجات البقوليات مثل الفول المعلب والحمص المعلب وعلى المرتديلا والمحضرات من اللحوم؛ إذ تدفع ضريبة بنسبة 2 بالمئة، فيما تبلغ الضريبة المفروضة على مدخلات إنتاجها وخصوصا العلب المعدنية 16 بالمئة، ويخضع الحليب الذي تقل حجم عبوته عن 5 كيلوغرامات إلى نسبة ضريبة 4 بالمئة.
ودعا إلى وضع خريطة طريق واضحة لتعزيز قطاع الصناعات الغذائية ودعمه بما يحقق الأمن الغذائي ويحافظ على المخزون الاستراتيجي للمملكة ويعزز منعة الاقتصاد الوطني من خلال معالجة التحديات ورفع مستوى التكامل مع القطاعات الأخرى وخاصة الزراعي.
ولفت الى اهمية تطبيق تشريعات حماية المنتج الوطني ومبدأ المعاملة بالمثل على الدول التي تفرض عوائق إدارية على صادرات المملكة إليها، ومنع استيراد أو وضع كوتا على مستوردات المملكة من السلع الغذائية التي يوجد فيها اكتفاء ذاتي، وفرض رسوم جمركية على السلع المعفاة أسوة بفرض بعض الدول رسوماً جمركية عالية على منتجاتها الغذائية.
وطالب الجيطان بتخفيض الضريبة على المبيعات على المواد الغذائية وتوحيدها ما بين مدخلات الإنتاج ومخرجاتها في حال وجود تباين بالنسب الضريبية، وتأمين الدعم المالي والفني لإنتاج مواد غذائية جديدة ومنتجات إدخال القطاع الغذائي وتخفيض أثمان الطاقة وحل قضية نقص العمالة.
--(بترا)