الأنباط -
الأنباط -تعتبر مشكلة البيروقراطية و تعقيد اجراءات الترخيص لدى القطاع الحكومي من المعضلات الكبرى امام مناخ الاستثمار في الاردن و هي صعبة الحل لارتباطها بثقافة عمرها عشرات بل مئات السنين كما ترتبط بالوضع المالي و العائلي و المستوى المعيشي و الثقافي و القناعات و المعتقدات الاخلاقية والايدولوجية للموظف . فثقافة البيروقراطية لدى كثير من الموظفيين و تأخير المعاملة لاعتقاده ان في ذلك حرص على مصلحة الدولة و يزيد في هيبتها و في صرامة القسم الذي يعمل به , او رغبة البعض الاخر الحصول على مكافأة غير مشروعة ( الرشوة ) من اجل تحسين وضعه المعيشي او مساعدة ذويه و عياله في تامين متطلبات الحياة ( و هي غاية مشروعة مع فساد الوسيلة ) في زمن غلاء الاسعار و محدودية دخول الموظفين , أو بسبب الشعور بعدم عدالة توزيع الثروة في الوطن و الرغبة بالحصول على نصيب اكبر منها , تتعدد الاسباب و النتيجة واحدة هي تاخر تأسيس كثير من المشاريع الانتاجية في الاردن التي تزيد الناتج القومي و تشغل القوى العاملة , بالاضافة الى الغاء قيام عدد منها .
و هنا يأتي دور تشريع مكافاة موظفي الدولة كأحد اليات التغلب على الفساد الاداري و تحفيز اداء موظفي الدولة , و يمكن ان يتم ذلك من خلال صندوق تتجمع فيه مكافآت المستثمرين المتبرعين اختياريا امتنانا على انجاز اجراءات ترخيص مشاريعهم بيسر و سهولة ثم توزع على الموظفين على اساس تقييم الاداء من قبل متلقي الخدمة من المواطنين و المستثمرين ( استبيان تقييم الخدمة ), الامر الذي سيساهم في حل تلك المشكلة بدرجة كبيرة و سيؤدي الى رفع كفاءة الجهاز الاداري و تضييع الفرص على الوسطاء و بعض النواب استغلال الترهل الاداري و تسيير معاملات المستثمرين مقابل تلقي فوائد مادية , و ستجعل الموظفين يجتهدون في تفسير نصوص الانظمة لما يخدم مصلحة المشاريع لا ضدها ضمن نطاق القانون و التشريعات , و يخلق ثورة على ثقافة البيروقراطية السائدة في المؤسسات العامة و يزيد الالتزام بالاوقات المعيارية اللازمة لانجاز المعاملة و يقلل من حالات الفساد و تلقي الرشوة , و ييسر معاملات و مصالح المواطنين و المستثمرين , و يسمح للمستثمرين بتمرير جزء من المنفعة المادية الى اخوتهم في الجهاز الحكومي بطريقة قانونية و مشروعة و على مرأى و مسمع الادارة و الراي العام.
يحتاج هذا النظام الى وجود وقت معياري متعارف عليه للمعاملات الحكومية ( زمن محدد بالايام للمعاملات على مختلف انواعها ) لانجاز معاملات المستثمرين و المواطنين موثقة على نظام الحاسوب بحيث يستطيع المستثمرين من جهة و المسؤولين المعنيين في دوائر الدولة و اجهزة مكافحة الفساد من جهة اخرى الاطلاع على سير المعاملات و اكتشاف اي تعطيل مقصود للمعاملات , و يحتاج الى نظام تقييم للاداء الحكومي واضح النتائج و ذو بعد كمي و نوعي , يمكن المستثمرين ان يدفعوا مكافات مشروعة و قانونية و هم سعداء تفيد ابناء وطنهم و ان ترخص مشاريعهم بيسر بدلا من تعطيل معاملاتهم او المخاطرة بدفع رشاوي غير قانونية من تحت الطاولة .
كما سيحل تشريع المكافأة لموظفي القطاع العام بشكل كبير مشكلة احتكار الحلول من قبل طرف ثالث بين الحكومة و المستثمرين , و هي مشكلة قائمة في عديد من دول العالم النامي و المتقدم.
دكتور عبدالرحمن البلبيسي
محاضر واكاديمي سابق
ومستشار مالي واقتصادي لدى حكومة دبي.