في عالم مليء بدور العرض، وخدمات البث عبر الإنترنت وحسب الطلب، والأفلام الصادرة مباشرةً على أسطوانات DVD، يصدر ما يقرب من 800 فيلم في كل عام، بمعدل 15 فيلماً في الأسبوع من شتى أنحاء العالم.
ليس المغزى هو انتقاد هوليوود، وإنما توضيح حقيقة أن تلك الأفلام تلقى اهتماماً مفرطاً. هذه القائمة مصمَّمةٌ للفت الانتباه إلى بعض الأفلام العظيمة التي -ببساطةٍ- لم يسمع عنها الناس، أو الأفلام التي قد تستمتع بها كثيراً إذا جربتها.
بحسب موقعTaste of Cinema، ليست هذه القائمة لـ «أفضل أفلام 2019″، بل هي ببساطةٍ قائمةٌ لأفضل 10 أفلامٍ ربما لم تسمع عنها حتى الآن. الأفلام في دار العرض القريبة منك تحظى بالفعل بما يكفي من الاهتمام، فجرِّب مشاهدة هذه الأفلام وقد تتفاجأ!
يتناول الفيلم الوثائقي من المخرج آندرو سليتر المشهد الموسيقي في لوريل كانيون بمدينة لوس أنجلوس ما بين عامي 1965 و1967، ويصور حقبة ما بعد فرقة The Beatles حين كان الفنانون مبدعين وأحراراً، ووجد عددٌ من الأعمال الشيقة للغاية طريقه إلى القطاع الموسيقي.
يعتمد الفيلم اعتماداً كبيراً على النوستالجا، ومن الواضح أنه يبجِّل موضوعه بشدةٍ، لكن ربما أكثر جانبٍ شيِّقٍ منه هو التأثير الواضح لتلك الموسيقى على الفن المعاصر. الفن موجودٌ لكي يُستَكشف وينبغي ألا تُفرَض عليه أي قيودٍ، وفي وجهة نظر سليتر، من هنا نشأت هذه الفكرة حقاً.
أول الأفلام من إخراج نيا داكوستا، بطولة تيسا طومسون وليلي جيمس في دور أختَين متفرِّقتين تُرغم كل منهما على العودة إلى حياة الأخرى بعد وفاة والدتهما، وتجدان نفسهما في وجه صعوباتٍ ماليةٍ.
بالتأكيد يستفيد الفيلم من أداء بطلتيه البارعتين، لاسيما تيسا طومسون، وهي ممثلةٌ مشهورةٌ للأسف تقدِّم أفضل أداءٍ في مسيرتها في فيلمٍ لا يعلم حتى معظم الناس بوجوده.
لكن هذا الفيلم يدين بجودته إلى نيا داكوستا، التي أثبتت كونها موهبةً لا شك فيها، إذ يعجُّ السيناريو الذي كتبته بمواضيع قويةٍ عن النساء المهمَّشات في نظرةٍ مريرةٍ إلى حاضر أمريكا، وفي الوقت ذاته يحكي قصةً مثيرةً عن الروابط بين الأخوات في أوقات الشدة.
ربما فيلم الرعب الأيرلندي الفنلندي هذا من إخراج لي كرونين ليس أكثر أفلام الرعب التي ستراها هذا العام ابتكاراً، ولكنه بالتأكيد من أكفأ الأفلام وأعلاها إتقاناً ورسوخاً في الذاكرة.
كرونين مخرج مبتدئ نسبياً، لكن هذا ليس بادياً في الفيلم. فهو مبتكرٌ بصورةٍ رائعةٍ، إذ لا يخشى كرونين اتباع عديدٍ من قوالب هوليوود الاعتيادية، لكنه يسعى إلى تنفيذها بطرقٍ شيقةٍ وخلَّابةٍ قدر الإمكان. هذا مخرجٌ على وعيٍ تامٍّ بالسينما التي يصنعها، بغض النظر عن عمله في أكثر الفئات ابتذالاً في الوجود.
الفيلم أيضاً -قبل أي شيءٍ آخر- مخيفٌ ومثيرٌ، ويصيبك بالقشعريرة مع تقدُّم الحبكة، بفضل الإخراج الذكي من كرونين والأداء الممتاز حقاً من الممثلين صاحبي الأدوار المركزية.
يثبت «The Hole In The Ground» -كما فعلت أفلام جيمس وان في السابق- أن أفلام الرعب لا يجب أن تكون أصليةً لكي تنجح. إنه مظلم، وملتوٍ، ومضطرب، ومبتكر، ويتميز بتمثيل بارع، وقبل كل شيء، يعلق بالأذهان كما ينبغي لأفضل أفلام الرعب. إذا كنت من محبي الرعب، فببساطةٍ عليك مشاهدته.
فيلم كارتوني منقطع النظير، من إخراج ميلوراد كريستك ويدور حول عملية سرقة، ويحكي قصة طبيب نفسي تعذِّبه الكوابيس ويجد نفسه يسرق بعض أشهر اللوحات في العالم ويصبح رجلاً مطلوباً للعدالة، إنه فيلم مطاردةٍ مصمَّمٌ ليتمتع بقدرٍ عالٍ من الفنية مثله مثله اللوحات المسروقة.
إنه فيلم إبداعي إلى أبعد الحدود، وناضج جداً، ولا شك في أنه لن ينال إعجاب الجميع، لكنك قد تجد نفسك مشدوداً إذا جربت مشاهدته. أن نصفه بالجمال هو انتقاصٌ من حقه. إن كريستك يملك رؤيةً فنيةً حقيقيةً، وبالنظر إلى أنه أول أفلامه لا يسع المرء سوى أن يتحمَّس ويترقَّب ما سينتجه لنا في مسيرته الفنية.
ربما لا يكون «Ruben Brandt, Collector» مثالياً، لكنه من أشد الأفلام الكارتونية تمتعاً بالإدهاش البصري منذ سنواتٍ، وسيصيبك بذهول تام.
تدور أحداث هذا الفيلم الوثائقي حول الثورة في حلب، ويحكي قصة حياة وعد الخطيب وهي تكوِّن أسرةً في ظل الصراع الدائر من حولها؛ نظرةٌ عن كثبٍ إلى التجربة الأنثوية في الحرب التي غالباً ما تُغفَل في مجالات النقاش.
وقد صوَّرت وعد الفيلم بنفسها، وصنعته من أجل ابنتها سما، وتقدم نظرةً صادقةً إلى الحياة في سوريا خلال فترةٍ كانت حتماً مروعةً لأقصى الحدود لمن عاشوا فيها. صُوِّر الفيلم بلا أهداف باطنية. إنما تُرينا وعد ببساطةٍ ما يجب أن نراه، ولا تشعر أبداً بأنه غير مهم أو غير جدير بالمشاهدة.
إن كفاح وعد الشخصي هو القلب النابض للفيلم، ويمنحه الروح التي يحتاج إليها لتدبَّ فيه الحياة بطريقةٍ ربما لم يحققها أي وثائقي آخر عن هذا الصراع من قبل. نشاهدها وهي تُفاضل بين البقاء في حلب أو الفرار منها لحماية ابنتها، وندخل إلى عقل الأم وهي مضطرةٌ لوضع حاجات ابنتها قبل أي شيءٍ آخر.
أول أفلام المخرجة الهولندية ساشا بولاك باللغة الإنجليزية من بطولة فيكي نايت في دور جايد، وهي أم شابة كانت تعتمد في السابق على جمالها، ولكنها تُضطر إلى إعادة بناء حياتها بعد إصابتها بحروقٍ شديدةٍ في وجهها، بعد تعرُّضها لاعتداءٍ برشّ الحمض.
الفيلم ناجحٌ لسببين، أولهما هو العالم المهووس بالمظاهر الذي تدور فيه أحداثه. في حقبةٍ صارت فيها إعجابات Instagram عملةً جديدةً، الحقيقة المرة هي أن حياة جايد قد تبدَّلت بصورةٍ جذريةٍ نتيجةً للاعتداء.
السر الثاني لنجاح الفيلم هو أداء الوجه الجديد فيكي نايت، التي نجت في الحقيقة من إصابةٍ بالحروق، وتمنح القصة شعوراً صادقاً حقيقياً. تتمتع فيكي بموهبةٍ فذةٍ وتقدم شعوراً حقيقياً بالمصداقية، مما يضمن أن نتعاطف معها حتى في أشد أوقات سذاجتها. إنه دورٌ يدل على صعود نجمةٍ جديدةٍ ولا يسع المرء إلا أن يأمل في أن تجد مستقبلاً في السينما.
يحكي أحدث أفلام توم هاربر قصة روز لين، السجينة السابقة من مدينة غلاسكو الاسكتلندية، وهي أمّ لولدين تسعى إلى بلوغ النجاح والنجومية في مجال موسيقى الكَنتري.
لا تُعد فكرة الفيلم بالضرورة أصليةً. فالقصص الشبيهة بـ «A Star Is Born» قديمةٌ قدم السينما ذاتها، لكن مثلها مثل قصص الملاكمة، لا ضير في أن تركَن الأفلام أحياناً إلى التوليفات التقليدية في حال قُدِّمت بأسلوب فريد وشيق، في وجود شخصية رئيسية تجذب اهتمام المشاهدين. وقد أجاد هذا الفيلم تنفيذ ذلك، فكان فيلماً رائعاً وساحراً.
هناك شيءٌ يوحي بالصدق في أداء البطلة جيسي باكلي، إذ تواصل الممثلة التألق بعد أن خطفت الأضواء في فيلم «Beast» من إخراج مايكل بيرس. وهو أكثر أدوارها انفتاحاً وصراحةً حتى الآن، وقد أدَّته بامتياز.
من أفضل وثائقيات هذا العام، إذ يُلقي الفيلم الجديد من إخراج بيني لين نظرةً عن كثبٍ إلى أتباع معبد الشيطان الذين يقاتلون ضد الظلم والتفرقة.
وقد وُضعت علامة الاستفهام في العنوان لسبب. ربما لا تكون هذه الجماعة كما تتوقعه. لا، ليسوا يعبدون الشيطان، بل يساعد هؤلاء الناس المشرَّدين، ويقفون ضد التيار المُعادي للإجهاض، ويتبرَّعون بالسدادات المهبلية إلى الملاجئ النسائية، هم في المقام الأول ملحدون يقاتلون من أجل المساواة والتسامح الديني، وضد اليمين المسيحي.
إن انفتاح المخرجة هو أعظم نقاط قوة «Hail Satan?». فاستعدادها للاحتكاك والملاحظة والسماح لقصَّتها بأن تكشف عن نفسها يقدِّم نظرةً صافيةً إلى جماعةٍ يعرفها الجميع، ولكنّ قليلين هم العالمون بها. إنه مثالٌ نادرٌ لوثائقي ينجح في أن يكون ممتعاً، وكذلك مُثرياً للمعلومات، وهو بالتأكيد جدير بالمشاهدة.
الإخراج الأول للمصور والفنان ريتشارد بيلينغهام هو سيرة ذاتية لنشأة المخرج المضطربة في حقبة مارغريت تاتشر، تركِّز في المقام الأول على العلاقة بين أبويه راي وليز، وتأثيرها فيه هو وأخيه جايسون. الفيلم مستوحىً من كتاب «Ray’s A Laugh» الذي نشره بيلينغهام عام 1996، وتظهر فيه صور عائلية أصلية من ذلك الوقت.
من الواضح والأليم عند مشاهدته أنها قصة مأساوية جداً، فربما أبرز مهارات بيلينغهام هي قدرته على إيجاد بصيص الأمل وسط الظلام، ليس هذا فيلماً خالياً من الأمل والتفاؤل، بل المفاجئ أنه مليءٌ بالفكاهة.
«Ray & Liz» هو فيلم لا يُنسى، فهو جميل ولكن كئيب، وسيعلق بالأذهان لفترة طويلة بصراحته وقسوته وجرأته، وهو من فنان موهوب صنعه بشغف. وبفضل أداء أبطاله الممتاز، لاسيما إيلا سميث، يجب ألا تفوِّت مشاهدته.
أحدث أفلام المخرجة لولو وانغ الذي فاز بجائزة الجمهور في مهرجان صندانس لندن هذا العام، ونال إشادةً واسعةً من جميع النقاد الذين شاهدوه تقريباً (يبغ تقييم الفيلم حالياً على Rotten Tomatoes نسبة 99% بعد إحصاء 220 مراجعةً كاملةً)، فليس من المؤسف فقط بل من المفاجئ تماماً أن معظم مُرتادي دور العرض ما زالوا لم يسمعوا حتى عن هذا العمل المذهل.
يحكي الفيلم قصة عائلةٍ تقرِّر -عقب علمها باقتراب وفاة الجدَّة- تنظيم زفاف كبير قبل موتها. يحقِّق فيلم لولو وانغ توازناً مثالياً بين اللحظات الكوميدية العبقرية والعاطفية المأساوية بحق.
لقد صدر هذا الفيلم الممتاز من لولو وانغ وقت صدور «Spider-Man: Far From Home»، لذلك اختفى تحت الشباك العنكبوتية، لكنه يستحق إعادة اكتشافه وبسرعة. ورغم كآبة موضوعه فإنه مبهج ومؤثر وقوي على نحو مفاجئ.
لا يتصدر «The Farewell» هذه القائمة وحسب، ولكنه حقاً من أفضل أفلام 2019 حتى الآن ويستحق أن يُعامل على هذا الأساس. إذ يكاد يكون تحفةً فنيةً، وهو فيلم يتعيَّن عليك مشاهدته قبل نهاية العام، وإلا فاتك أحد أفضل الأفلام الصادرة فيه.