الأنباط - عمان
قدّم المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن رسالة قداسة البابا فرنسيس بمناسبة اليوم الـ53 لوسائل الاتصالات الاجتماعية، حيث ترغب الكنيسة الكاثوليكية التأكيد على ضرورة التعامل مع الوسائل الاجتماعية المتعدّدة بوصفها أدوات تعمل على خدمة اللقاء بين الأشخاص، والتضامن بين الجميع.
وقال المركز في البيان الموقّع من مديره العام الأب د. رفعت بدر: بأن الرسالة التي تصدر في نهاية شهر كانون الثاني سنويا، تحمل هذا العام تحمل عنوان: "فإننا أعضاءٌ بعضنا لبعض: من جماعات شبكات التواصل الاجتماعي إلى الجماعة البشريّة"، وتحمل دعوة للتفكير مرة جديد في الاستخدام الأمثل لوسائل الاتصالات الاجتماعية، سيما مع ظهور مجموعة واسعة من التحديات في سياق وسائل الاتصالات الحالية.
وقال الاب بدر بانّ الرسالة السنوية للبابا يتم تبنيها بشكل جدي من مختلف المراكز الاعلامية الكاثوليكية وغيرها في العالم، اذ تشكل " خارطة الطريق" للمراكز والوكالات الاعلامية بمختلف اشكالها، لكي يتم تبني القيم السليمة فيها وبالأخص في التركيز على الاستخدام الاخلاقي لوسائل الاعلام، كونها عامل تقارب بين الناس لا تباعد.
وتشدد الرسالة الحبريّة بأن شبكة الانترنت هي مورد لعصرنا، وهي مصدر للمعرفة وللعلاقات، ورغم ذلك، ومع التحولات العميقة التي أحدثتها التكنولوجيا في عمليات انتاج وتوزيع واستخدام المضمون، سلّط العديد من الخبراء الضوء كذلك على المخاطر التي تهدد البحث عن المعلومات الأصيلة ومشاركتها على النطاق العالمي. فإن كان الانترنت يمثل إمكانية غير عادية للوصول إلى المعرفة، فمن الصحيح كذلك بأنه أصبح واحدًا من أكثر الأمور عرضة للتضليل والتشويه، الواعي أو الموجّه، للحقائق وللعلاقات بين الأشخاص، والتشكيك في مصداقيتهم.
وقال المركز الكاثوليكي في تقديمه لرسالة البابا حول الاعلام: "إن الرسالة تدعو كل شخص يستخدم هذه الوسائل، لأن يدرك بأن الشبكات الاجتماعية تساعد على التواصل بشكل أفضل، وعلى إعادة اكتشاف ومساعدة بعضنا البعض، من جهة، لكنها من ناحية ثانية، يمكن من خلالها التلاعب بالبيانات الشخصية، بهدف الحصول على مزايا سياسية أو اقتصادية. وبالتالي، تشدد الرسالة على أهمية إعادة التفكير في السياق الحالي، لإعادة اكتشاف الإمكانيات الإيجابية لشبكة الانترنت".
كما تؤكد الرسالة على أن "المجتمع يكون أقوى إن كان متماسكًا وداعمًا، وإن كان يسير بثقة، ويسعى لتحقيق أهدافًا مشتركة. وبالتالي فإن المجتمع، وبوصفه عبارة عن شبكة من التضامن، يتطلب من شبكة أعضائه الإصغاء المتبادل والحوار، على أساس الاستخدام المسؤول للغة. كما تشير بأن "مجتمعات الشبكات الاجتماعية، في السيناريو الحالي، لا تعد مرادفًا تلقائيًا للمجتمع. فرغم أن هذه المجتمعات الافتراضية قادرة على إظهار التماسك والتضامن، لكنها تظل في الغالب مجرد مجموعات من الأفراد الذين يتعرفون على بعضهم البعض من خلال مصالح أو اهتمامات مشتركة والتي تتميز بالروابط الضعيفة".
وعلاوة على ذلك، يضيف المركز في بيانه، "فإن الهوية الاجتماعية على شبكة الانترنت تكون في كثير من الأحيان معارضة للآخر، وللشخص خارج المجموعة، مما يشجّع هذا الاتجاه المجموعات لكي تستثني التنوّع". من هنا، فإن تشير الرسالة بأنه "حتى في البيئة الرقمية، فمن الممكن أن تغذّى الفردانية الجامحة، والتي تنتهي أحيانًا بإثارة حركات الكراهية. وبهذه الطريقة، فإنه ما يجب أن يكون نافذة على العالم يصبح واجهة لعرض النرجسية الشخصية".
كما تلفت رسالة البابا فرنسيس، بأن "شبكة الانترنت هي فرصة لتعزيز اللقاء مع الآخرين، ولكن يمكن لها أن تزيد من عزلة الإنسان الذاتية، وبأن الشباب هم الأكثر عرضة لوهم مفاده بأنه يمكن لشبكات التواصل الاجتماعي أن تكون بديلاً عن العلاقات الحقيقية مع الأشخاص"، وبالتالي "تبرز ظاهرة خطيرة تتمثل في أن يصبح الشباب ’نسّاك اجتماعيين‘ يخاطرون بتغريب أنفسهم تمامًا عن المجتمع".
وتشير الرسالة بأنه إزاء هذا الواقع المتعدد الأشكال والخطير، تطرح العديد من الأسئلة ذات الطابع الأخلاقي والاجتماعي والقانوني والسياسي والاقتصادي، وحتى الديني أيضًا. فبينما تسعى الحكومات لإيجاد طرق قانونية لتنظيم الشبكة وحماية الرؤية الأصلية لشبكة حرّة ومفتوحة وآمنة، فإننا جميعًا لدينا الإمكانية والمسؤولية لتعزيز استخدامها الإيجابي.
وتستخدم الرسالة في هذا السياق صورة "الجسد وأعضاءه"، فكما أن الجسد ينبض بالحياة من خلال تناغم أعضائه، هكذا تكون كذلك الشبكة الاجتماعية، حين تصبح موردًا للشراكة بين الأشخاص. فإن كانت العائلة تستخدم شبكة الانترنت لتكون أكثر اتصالاً بين أفرادها، ثم تلتقي على المائدة وينظر كل شخص للآخر، عندها ستكون الشبكة موردًا. وإن أصبحت شبكة الانترنت فرصة لتبادل الأحاديث والخبرات، ودافعًا للصلاة والعمل معًا من أجل الخير، ولإعادة اكتشاف ما يوحدنا، عندها تصبح الشبكة موردًا. وبالتالي، يمكن بهذه الطريقة الانتقال من التشخيص إلى العلاج: فتح الطريق للحوار، ومن أجل اللقاء. فهذه الشبكة التي نريدها: شبكة خلقت ليس للاصطياد، إنما للتحرير، ولحماية شركة الناس الذين خلقوا أحرارا.