المهندس هاشم نايل المجالي
هناك ما يسمى بأخلاق الفهم وهي عبارة عن فن واسلوب العيش مع الاخرين بكافة اطيافهم ، حيث الفهم النزيه من حيث فهم انفسنا وفهم الاخرين وتقدير الاختلاف بيننا بدلاً من ان نعزلهم ونعتبرهم غير صالحين او مشاكسين او معارضين ، لان هذه الآلية لا تقودنا الا الى مزيد من الانشقاق والعزلة ، فعدم فهمنا لعيوبنا وتضخيم عيوب الاخرين حتماً سيزيد من الهوة بيننا وبينهم .
فهناك أنسنة العلاقات الانسانية وهو نمط التفكير الجديد لفهم اسباب السلوكيات المختلفة من النواحي السلبية والايجابية ، والعمل على ازالة الجوانب السلبية بفهمنا لاحتياجاتهم ومتطلباتهم .
وهذه الممارسة الذهنية في الفحص الذاتي لعيوبنا ولعيوبهم هي التي تقودنا لفهمنا لبعضنا البعض ، فهناك لا بد من نواقص لدينا ونواقص لديهم فنحن جميعاً معرضين للخطأ وبالتالي نكتشف مدى حاجتنا لبعض وحاجتنا للتعاون معاً لايجاد صيغة مشتركة .
وهذا في ديننا الحنيف يجسد مبدأ الرحمة والتراحم والتسامح الحقيقي ، لا يعني عدم المبالاة بالاخرين او اتجاه ما يطرح من قضايا يعاني منها هؤلاء ، وان لا نعتبر افكارهم معارضة ومخالفة لافكارنا اذا ما اعتبرناها سيئة ومتناقضة ضد مصالحنا ، وان نحترم حق التعبير عن تلك الاحتياجات والمتطلبات الاساسية وليست الثانوية ، وان توازن القوى مهما كان الفارق بينهما .
انما يهدف الى الحيلولة دون الاخلال بالامن والاستقرار فلا بد من الوعي الديمقراطي ، فكما نعلم ان الخطأ لا يكمن في الديمقراطية كأسلوب لحياة عادلة مستقرة بل في كيفية التعامل مع هذا الاسلوب وعدم استخدامها بشكل سلبي .
فهناك من يزيف الديمقراطية ليحقق منافعه الشخصية او تنفيذ اجندات خاصة او للآخرين ، فهناك من يعتبر ان اي احراك مجتمعي ينقلهم الى حالة الانشراح والبهجة والتسلية دون اللجوء الى الحوار الهادف الذي يقودنا الى صيغ مشتركة ترضي الجميع في ظل المتغيرات ، واهمية اللجوء الى المعرفة السلمية اكثر من اللجوء الى المعرفة الصدامية وان تصب الافكار في تحسين حياة المواطنين لا ان تقودهم الى الصدام والعنف .
فالمصالح دوما ًقد تطول وقد تقصر وقد تتحول الى خصومات وصدامات ، اذا ما تعرضت مصلحة احد الطرفين للخطر من الطرف الآخر ، وقد تكون حالة استقرار اذا كان هناك وفاق ، وان استقواء طرف على الطرف الاخر لا يمكن ان نعده استقراراً حقيقياً لانه يبقى خاضع لعامل التهديد وليس الى منطق السلام والتصالح .
ونحن نشهد متغيرات متسارعة ومستجدات طارئة تثير كثيراً من علامات الاستفهام عما سيكون عليه مستقبل المجتمع الانساني ، وعن مصير الانسان نفسه حسب الواقع وحجم المعاناة ومدى قدرة المواطن في تشكيل الواقع ، وموقفه من اسلوب الحياة والمعيشة ، وتوظيف المعرفة وقدراته لبذل المزيد من الانتاجية والعمل وتحقيق الانجازات ، ومدى ابداعه في ذلك لتزايد قدراته الابداعية وفاعليته التي يتمتع بها الانسان بشكل عقلاني .
ولقد قطعت كثير من الدول شوطاً كبيراً في ذلك من خلال الاسترشاد والافادة من تجارب الاخرين ، لا ان يبقى تفكيرنا سطحيا صادرا عن انفعالاتنا السريعة فلا بد من تغيير ملامح الحياة بالعمل والعطاء لا بالذم والقدح .//
hashemmajali_56@yahoo.com