المهندس هاشم نايل المجالي
كلنا يعلم اننا نمر بفترة دقيقة وحساسة في تاريخنا الحديث في ظل ازمات متوالية وضغوطات خارجية وداخلية ، والكل يتساءل عن الطبقة المثقفة الواعية ذات الخبرة والمعرفة في علم الاقتصاد والسياسة والثقافة وغيرها وفي كافة المجالات ، وهل هي مختصرة بفئة محدودة تطل علينا منذ عشرات السنين من قناة فضائية الى اخرى ومن ندوة الى مؤتمر والى خلوة ولم تعد تعطي اي قيمة اضافية على التطوير في الاداء بل تعطي صوراً تجميلية لواقع مؤلم .
كذلك الكل يتساءل اين دور المجتمع والمنظمات الغير حكومية والمراكز الشبابية والثقافية في احداث تغيرات ايجابية ومشاريع تنموية ، ام ان العمل التطوعي والانتاجي والبيئي والخيري قد تم اختزاله في جمعيات ومؤسسات محدودة ليستريح الشباب العاطل عن العمل في زوايا صفحات التواصل الاجتماعي او المقاهي الليلية لنفقد السيطرة عليهم بسبب الانفتاح اللامحدود .
اننا نجد ان كبار المسؤولين يتجاهلون كل ذلك لانشغالهم بأزماتهم وبأنفسهم ليتركوا الميدان لقوى لا نعرف اين ارتباطها ومن اين تمويلها لتفعل ما تريد ، وعندما نستمع على الفضائيات لمسؤولين يتحدثون عن نشاطات ومشاريع وغيرها نجد ان الوطن بألف خير وعلى الواقع لا شيء يذكر سوى القليل وفي اماكن محدودة .
انه الوعي تحت التخدير والذي هو احد المضاعفات التي يمكن ان تحدث للمريض الواقع تحت تأثير التخدير العام ، اي ان على الجهات المعنية حكومية واهلية ومنظمات اهلية دور كبير في صناعة الوعي من خلال آليات ووسائل يتم تفعيل الشباب كمنتج اجتماعي بعيداً عن اي هيمنة خاصة في ظل الاحتقان والتوتر واليأس ، وفي ظل الاحباط بسبب انتشار الفساد المالي والغذائي والطبي وغيره ، اي أن صناعة الوعي المجتمعي تجعل الناس في مجتمعاتهم قادرين على التمييز بين الوعي الصحيح والوعي الفاسد قال تعالى ( ليحق الحق ويبطل الباطل ) .
وهذا يعطي وعيا مجتمعيا بطرق مشروعة مع رفع لمنسوبه تدريجياً ، وليكون وعياً جماعياً ونلغي الاستغلال الفردي لقوى مجتمعه لتهيمن على المجتمع وتسخره لمصالحهم ومكتسباتهم .
ولينهل شبابنا من النبع الصافي لامداد الوطن بكل مقومات النهضة بعد ان تعرضت مجتمعاتنا الى تشوهات وآفات كثيرة والى هزات انحرافية وارهابية ما زال صدى ارتجاجها يتردد الى الآن خاصة في ظل فتاوى افتراضية ساهمت في تشويه صورة الوطن .
وهنا يبرز ايضاً دور النخب في تطوير وعي مجتمعاتهم بشتى الاتجاهات والمسارات ولصياغة فكر حضاري ، فهُم رجال الافكار الذين يجذبون الخيوط الفكرية لتشكيل وتهيئة وتوعية الاراء البناءة ، ولحماية ابنائنا من الانحراف واي استغلال ، وتكسير الاغلال التي حبست طاقات شبابنا وجمدت كفاءاتهم ، لنفتح لهم ابواب الابداع والعطاء الخلاق ونغير الواقع نحو الافضل فنحن شركاء في صناعة حضارة الوطن ونتفاعل مع ازماته وهمومه .
لذلك فان مشروع النهوض بواقع المجتمع والارتقاء بوعي عناصره والتسامي بقيم مكوناته لا يقوم على طمس شخصية الفرد وتجميد عناصر وعوامل تطوير وعيه وتطهير خياله وفكره وتركه فريسة لمواقع التواصل الاجتماعي ولشخصيات وهمية تقوده وتسيره كما تريد .
ولم نسمع يوماً ان شخصاً مفرداً اقام او صنع حضارة ما ، ولكن الجماعات من الناس الواعية والمدركة هي من تشيد الحضارة وينتج عنها ثقافة حضارية ، وتطور العادات الى عادات ايجابية يتم تنقيحها من السلبيات والافات وكل ما هو مناف للدين والخلق ، بعد ان اصبح هناك دوافع تدفع الشباب لممارستها خارج عن ارادتهم بسبب الانفتاح على العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، والعادات اصبحت جزءا من الهوية الشخصية لشبابنا بالوعي والادراك نقاوم ونطور المجتمعات الضعيفة والمفككة والغير متماسكة والتغير والتطوير يحتاج الى عزيمة وقوة ارادة ليواجه اية معارضة .
كذلك فان التحول من الرعوية الى التنموية بالوعي والادراك هو الخطوة في الطريق الصحيح وفق خارطة عملية في المجتمع ، مع دعم للجمعيات الخيرية والتعاونية حتى تتكيف لصياغة برامجها وخططها وفقاً لرؤية طموحة تساهم في تحقيق التنمية المجتمعية بابعادها الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والبيئية وتحول المتلقين للدعم الى داعمين ومساهمين في تنمية مجتمعاتهم . //
hashemmajali_56@yahoo.com