بسام بدارين - احتجب وطوال اسبوع وزيران في الحكومة الأردنية هما الأكثر إثارة للجدل بعد إعلان الطاقم الوزاري الأخير وفي إطار تكتيك من الواضح أنه منتج يدفع باتجاه أن تتعلم الحكومة التحدث بلسان واحد والتواصل في سياق نسق متفق عليه. وزير الاتصالات الشاب مثنى الغرايبة قد يكون أكثر وزراء حكومة عمر الرزاز تعرضاً للهجوم والنقد ولا بل الاعتداء على خصوصياته في كثير من الأحيان احتجب تماماً عن الاضواء بعدما اعتبر عنواناً لعملية توزير غامضة لشخصية حراكية ومن خارج النادي المألوف. الوزير الشاب نقل عنه القول بأنه يقرأ الملفات الخاصة بوزارة الاتصالات والتي يعتبر التحدي الاستثماري فيها من المعطيات الابرز.
ويعرف الغرايبة الذي نشرت بكثافة صوره وهو يضرب من قبل الدرك في احدى المظاهرات أو صورته مع طبلة في إحدى المناسبات بانه قبل واكثر من غيره وبحكم حداثة سنه وسجله المحسوب على المعارضة للنظام سيحظى بأضواء المراقبة لكل صغيرة وكبيرة تصدر عنه او لها علاقة بوزارته. لذلك فضل الرجل «الكمون التكتيكي». وهو ما فعلته أيضاً وزيرة الثقافة الجديدة الكاتبة بسمة النسور التي تعرضت لوابل من القصف العشوائي بدون مبرر. النسور أيضاً توارت عن الأنظار وأغلقت صفحتها على فيسبوك قبل ان تقرر إعادتها ضمن مضمون جديد لموقعها في هرم الحكومة. لاحقاً صدر عن الناطق الاعلامي باسم وزارتها تصريح يتيم ينفي ان تكون الوزيرة هي التي استقبلت المطربة الإماراتية التي زارت عمان مؤخراً للمشاركة في مهرجان جرش بعد تغريدات انتقدتها لأنها بالغت في استقبال أحلام مع ان الوزيرة ليست المستقبلة.
في الأثناء وقبل أسابيع قليلة من مهلة الـ100 يوم إثر تشكيل الوزارة بدا ان بعض الوزراء غير جاهزين بعد للتواصل مع طبقات المجتمع ورسائل الاعلام وفقا للمضمون الذي يقترحه رئيسهم الدكتور الرزاز. ثلاثة وزراء على الاقل من الجدد رفضوا من البداية التعاون مع سعي مطبخ الرزاز للرد الفوري على الشائعات التي تطالهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي وهو ما فعلته وزيرة التنمية الاجتماعية هالة لطوف وهي تمتنع في البداية ترفعاً عن الرد على التسريبة التي تقول بأنها على صلة قرابة بالرزاز وهو ما نفاه الرجل بكل تأكيد.
يبدو أن وزيرة الاتصال الصحافية جمانة غنيمات ستحارب على جبهتين فقد اضطرت للتدخل شخصياً لإقناع زملائها الوزراء بالمبادرة والرد والتوضيح حتى لا يستسلم الشارع للروايات المفبركة او المشبوهة. الوزيرة غنيمات تبذل جهداً ملموساً لإقناع زملائها بتدشين التصرف اعلامياً وفق النموذج الذي اعتمده رئيس الوزراء شخصياً وهو يرد عبر توتير مباشرة وبدون وسائط الاعلام الرسمي على ما يثار وما يقوله الناس. وهو اصلاً ما فعلته غنيمات نفسها عندما تعهدت في اول تغريداتها الوزارية بالشفافية والوضوح ودعم حق الأردني في الحصول على المعلومات. وقد التزمت بالأمر عند التعاطي مع أزمة فساد وملف التبغ الاخير الذي اثار ولا يزال يثير عاصفة من الجدل.
لاحقاً قدم وزراء اثيرت حولهم قصص توضيحات وشروحات ثبت أنها ابتلعت الشائعات عبر تكنيك بسيط لم تؤمن به في الماضي الحكومات المتعاقبة وهو تقديم رواية مقابل ما تسربه وسائط التواصل من معلومات وحكايات تتحول بسرعة عاصفة الى انطباعات ووقائع عند الرأي العام. فعل وزير الصحة محمود الشياب ذلك وفعلت معه الوزيرة لطوف واضطر الرزاز شخصياً لنفي شائعة تتعلق بوزيرة الثقافة والدفاع عن خياره بوزير الاتصالات. لاحقاً انضم وزير التربية والتعليم عزمي المحافظة ووزير العمل سمير مراد الى عملية الاشتباك التواصلي التي اوصى بها رئيسهم فشرح الاول خبراته في مجال التربية والتعليم موضحاً انه سيواصل خطة الرزاز وبدأ الثاني يكشف عن بعض اعمال وزارته عبر توتير.
في المحصلة لجأ وزير المياه منير عويس الى اسلوب مماثل عندما تسربت معلومات عن حصوله على معلولية طبية الغاها الرجل بكتاب رسمي. ومن المرجح ان هالة زواتي وزيرة الطاقة المتخصصة حصرياً بمشاريع الطاقة البديلة ومعها وزيرة التخطيط الجديدة ماري قعوار في طريقهما الى إظهار انسجامهما مع قناعات مسبقة نشرت باسميهما في بعض المجالات مثل الضريبة على المحروقات والطاقة. بمعنى آخر بدأت نخبة من وزراء حكومة الرزاز بالتواصل عبر وسائط اجتماعية في اطار ما سماه الرئيس نفسه بالاشتباك الايجابي مع الجمهور تنفيذاً لتوجيهات ملكية حيث سبق للملك عبد الله الثاني ان اشاد علناً بعدد قليل من الوزراء المتواصلين قياساً بقاعدة اكبر من الوزراء النائمين. من المرجح ان الرزاز سيلزم جميع أعضاء الطاقم الوزاري بالاشتباك مع القصص والمعلومات التي تثار حولهم أو حول عملهم ووزاراتهم عبر وسائل وتقنيات التواصل الاجتماعي وعلى اعتبار أن تلك الوسيلة هي الاسرع في تشخيص هوية الحكومة والرد على كل أصناف التحرشات الالكترونية بها. الإجراء يهدف إلى التعاطي مع قناعة مؤسسات القرار اليوم بأن العنصر الأبلغ تأثيراً في قيادة الجمهور وانطباعات الشارع هو حصرياً وسائط التواصل الاجتماعي والصفحات الالكترونية للمواطنين ، الأمر الذي تطلب أصلاً فريق محترفين شباب يتولى ادارة البوابة الالكترونية لمقر رئاسة الوزراء بالتوازي مع الاستعانة خلايا عمل الكترونية في مؤسسات اخرى من بينها مركز الأزمات الرئيسي في الدولة.
القدس العربي .