الانباط-دبي
نجحت واحدة من مبادرات البرمجة الأكبر والأشهر في العالم، بتدريب أكثر من 16,000 شاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا، للمساعدة في سد الفجوة في المهارات الرقمية بالمنطقة ودعم خلق فرص العمل للشباب.
ويمكن لمبادرات تعليم البرمجة في منطقة تشهد تحوّلاً رقمياً سريعاً وتواجه في الوقت نفسه تحديات في توظيف الشباب، أن تفتح آفاقاً واعدة أمام خلق وظائف جديدة. ووفقاً لمسح أجرته منصة البحث عن الوظائف "إنديد"، فإن 84 بالمئة من أصحاب العمل، على سبيل المثال، يرون أن معسكرات التدريب البرمجي تتيح قدراً يعادل أو يفوق ما تتيحه درجات علوم الحاسوب الجامعية من إعداد الشباب للوظائف.
وتضافرت جهود الأمم المتحدة وشركة التقنية العالمية "إس إيه بي" ومركز "غالواي" للتعليم وأكثر من 50 شريكاً، لتدريب 16,201 من الشباب على البرمجة ضمن مبادرات في التعليم البرمجي نُظمت في كل من الأردن وتركيا والسويد والعراق وفرنسا وفلسطين ولبنان ومصر واليونان. وهدفت المبادرات إلى التنويع في قوى العمل التقنية في المستقبل، إذ كان 57 بالمئة من المشاركين في أسبوع البرمجة للاجئين 2017 من الشباب اللاجئين كما كان نصف المشاركين فيه من الإناث.
و قال جرجي عبود، النائب الأول للرئيس والمدير العام لمنطقة جنوب الشرق الأوسط لدى "إس إيه بي" إن بلدان الشرق الأوسط "تواجه جدولاً زمنياً قصيراً لدعم الشباب في تعلّم مهارات البرمجة اللازمة للانخراط في مهن رقمية مبتكرة، وذلك في ظلّ التقدم المتسارع في وتيرة التغيّر التقني"، وأضاف: "قد لا تتطابق مهارات الشباب بالضرورة مع احتياجات سوق العمل، بالرغم من أنهم يتمتعون بميول رقمية فطرية. وقد أظهر أسبوع البرمجة للاجئين كيف يمكن تمكين الشباب وإلهامهم للعمل في مهن رقمية عالية القيمة".
وخلال الدورة الثانية من أسبوع البرمجة للاجئين، اكتسب الشباب الذين يتراوح سنّهم بين 8 و24 عاماً مجموعة متنوعة من مهارات البرمجة، شملت مهارات البرمجة الأساسية بلغة "سكراتش" وبرمجة الويب. وجرى ترفيع أفضل الشباب المشاركين في هذه المبادرة إلى دورات برمجية تمتدّ لنحو 17 أسبوعاً مقدمة من "ريبوت كامب" ReBoot Kamp بالتعاون مع المبادرة الإنسانية "ريكودد" Re:coded، التي تؤدي بمن ينهيها بنجاح إلى نيل وظيفة لدى واحدة من الشركات العاملة ضمن منظومة شركاء "إس إيه بي".
ويمكن لأصحاب الأداء الأكثر تميزاً من المبرمجين، الاستفادة من موارد مبادرة "مليون مبرمج عربي" الهادفة لفتح المجال إلى مليون شاب عربي ليصبحوا مطوري برامج محترفين. وتتيح هذه المبادرة للمشاركين إمكانية الوصول إلى الفرص الوظيفية، أو برامج التدريب العملي لدى الشركات، والشهادات، وشهادات الإعتماد الرقمية البسيطة، ومسرعات ريادة الأعمال، إلى جانب تقديم الجوائز المالية من خلال منظومة عمل البرنامج.
ويعمل منظمو المبادرة عن كثب مع الحكومات الإقليمية، لا سيما في الأردن ولبنان ومصر، على دمج البرمجة في المناهج التعليمية. وفي الإطار ذاته، جرى تدريب أكثر من 2,700 معلّم على تعليم البرمجة، دعماً للاستدامة التعليمية، إذ يمكن لهؤلاء المعلمين مواصلة جهودهم عبر تعليم أبناء مجتمعاتهم المحلية. وحظي لبنان بأعلى رقم من المشاركات إذ شارك 7,785 شاباً في 200 مدرسة في هذه المبادرة، حيث درّبتهم وزارة التربية والتعليم العالي.
وجرى تنسيق جهود المبادرة في الأراضي الفلسطينية من قبل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، فيما تولّت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تنسيق الجهود في بقية بلدان المنطقة.
من جهته، قال المسؤول الإعلامي الإقليمي لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، محمد أبو عساكر، إن أسبوع البرمجة للاجئين يوضح كيف يمكن للجهات في القطاعات العامة والخاصة والأكاديمية "توحيد جهودها في سبيل سد الفجوة الرقمية في المنطقة، وتمكين الشباب من تحقيق التنمية المهنية المنشودة، ودعم جاهزية اللاجئين للانخراط في سوق العمل"، وأضاف: "يمكن لمبادرات تعليم البرمجة أن تمنح الشباب واللاجئين غاية في الحياة يصلون إليها بعزيمتهم، كما يمكنها أيضاً تمكينهم من العمل في وظائف رقمية، وخلق منافع اقتصادية يمكن أن تحسّن أوضاع عائلاتهم ومجتمعاتهم".
ومن بين عشرات آلاف اللاجئين الذين انضموا إلى مبادرات أسبوع البرمجة للاجئين اللاجئ السوري أحمد، البالغ من العمر 23 عاماً، والذي كان قدِم إلى مخيم الزعتري في الأردن في العام 2012. والتحق أحمد ببرنامج أسبوع البرمجة للاجئين، وتلقى دورات في برمجة "سكراتش" على الويب، ليبدأ بعدها العمل في مشروع للمفوضية يرمي إلى وضع خريطة للخدمات المقدمة للاجئين في مخيم الزعتري، ويصبح مدرباً للأطفال بلغة "سكراتش" البرمجية في المخيم.
وقال أحمد: "بدأت أنشد غايتي في هذه الحياة واستعدتُ ثقتي بنفسي مرة أخرى، عندما تعلمت تطوير البرمجة بلغة "سكراتش" وتطبيقات الويب، وأريد أن أتعلم وأن أطوّر نفسي حتى أتمكّن من مساعدة الناس عندما أعود إلى سوريا".
وكان أسبوع البرمجة للاجئين 2017 أقيم في المملكة الأردنية الهاشمية برعاية من جلالة الملكة رانيا العبدالله. وشاركت الجامعة الألمانية الأردنية بدعم المبادرة عبر افتتاح مختبر "إس إيه بي" للجيل المقبل بهدف تعزيز الابتكار الرقمي.
وبادر عدد من الشركات إلى توظيف خريجين تدربوا في أسبوع البرمجة للاجئين، كان منها شركة إدارة البيانات "أدابتكور"، وشركة الطيبي للرعاية الصحية، وشركة السفر "إكسپيديا"، ومجموعة صلبشيان الأردنية، والشركة السعودية "إكسبيرت" المختصة في مجال تطوير تجارب المستخدمين.