أكد منتدى الاستراتيجيات الأردني ضرورة مراجعة قانون ضريبة الدخل في الأردن 'لرأب أي فجوة تعطل قيام النظام الضريبي بدوره في دعم الوضع المالي والاقتصادي للدولة.
وقال المنتدى في تقرير أصدره اليوم السبت والذي تضمن ملاحظات حول مشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل رقم 34 لعام 2014، إن من الضروري أن تكون المراجعة ضمن أطر ومبادئ موجهة، والتزام بالأسباب الموجبة 'حتى لا نفقد البوصلة'، داعيا إلى الخروج بقانون عادل وشفاف وفعال لمواجهة الأوضاع المالية الصعبة التي تعاني منها الدولة الأردنية ومنحها القدرة على تجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
وأبدى المنتدى العديد من الملاحظات والتوصيات حول قانون الضريبة المعدل والذي تمت احالته إلى مجلس النواب أخيرا لإقراره، حيث تحفظ على العديد من المواد التي رأى أنها لن تؤدي الى نمو اقتصادي أو الى جذب وتشجيع الاستثمار وتحقيق الرفاه والازدهار للأردنيين 'بل ان بعضها جاء معاكسا لذلك'، موضحا إنه وفي المقابل، كان هناك بعض من المواد الإيجابية والتي طال انتظارها مثل عبء الاثبات واعفاء ضريبة الشهرة والتصالح والتشديد على المتهربين ضريبيا.
وركز تقرير المنتدى على الأسباب الموجبة لتعديل القانون والجوانب القانونية لمواد القانون والآثار الاقتصادية والمالية المتوقعة إذا ما أقر هذا القانون، مشيرا إلى أهمية التوافق على قانون الضريبة للخروج بقانون عصري عادل وشفاف وفعال ومستدام لمواجهة الأوضاع المالية الصعبة التي تعاني منها الدولة الأردنية، وأيضا لمنحها القدرة على تجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية القائمة.
ودعا إلى سن القانون بطريقة تضمن الاستمرارية والاستقرار في التشريعات الاقتصادية؛ حيث أن التغيرات المستمرة في التشريعات الاقتصادية تضر بالبيئة الاستثمارية والاقتصاد بشكل عام.
وفي دراسة سابقة له سبقت اصدار القانون، شدد المنتدى على أهمية أن تكون الرؤية الرئيسية التي يجب أن توجه أي نظام ضريبي بما في ذلك قانون ضريبة الدخل 'تحفيز النمو الاقتصادي، والتقليص من عدم المساواة في الدخل والثروة والفرص، والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي على المستوى الكلي، وكذلك تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية الأخرى'.
وبين المنتدى في تقريره أنه وبالنظر الى الوضع المالي والاقتصادي في الأردن، تبرز الحاجة الى اتخاذ خطوات جريئة وفعالة من أجل الإصلاح المالي، مشددا على ضرورة أن يأخذ تحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي القوي والمستدام الأهمية والأولوية القصوى لصانعي السياسات في الأردن، بسبب التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن ارتفاع معدلات البطالة وعدم القدرة على استيعاب قوة العمل التي تشهد نموا مستمرا، وكذلك مستويات الفقر الملموسة، والأهم من ذلك حاجة الأردن الملحة لإصلاح البنية التحتية ودعم رأس المال البشري.
وأشار المنتدى إلى أن هناك مسؤوليات كبيرة وملحة وذات أهمية ماسة بدأت تتنامى وتقع على عاتق الدولة الأردنية وهي بحاجه الى تمويل كاف لتلبيتها.
وقال، 'كي نفي قانون الضريبة الجديد (2018) حقه، علينا أن ندرسه بالتوازي مع الوضع الاقتصادي والمالي العام للدولة، حيث جاء القانون الجديد ليلبي العديد من الأسباب الموجبة، من أهمها زيادة الملاءة المالية للحكومة من خلال زيادة إيراداتها الضريبية وذلك لتتمكن من القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها'.
وأشار الى أنه ليس بالضرورة أن تزيد نسب الضريبة الملاءة المالية، حيث أن الخطوة الأولى والأهم هي محاربة التهرب الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية سواء للأفراد أو للشركات الصغيرة والمتوسطة، أو ضمن فئة المهنيين والحرفيين، كما أن من المهم ومقابل الضرائب التي يدفعها المكلفون أن يكون هناك كفاءة في الانفاق وزيادة الإنتاجية وتحسين الخدمات العامة المقدمة للمكلفين مقابل زيادة الإيرادات الضريبية.
وأوضح المنتدى أن ما وصلت اليه المديونية العامة (95 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي) والعجز الدائم في الموازنة وانخفاض المساعدات، وانخفاض الإيرادات الضريبية بالنسبة الى الناتج الإجمالي المحلي، أدى إلى محاولات من الدولة لخفض الإنفاق والذي كان على حساب الانفاق الرأسمالي الذي واصل انخفاضه وأدى الى تراجع في الخدمات العامة.
وبين أن كل هذه التطورات أدت إلى ازدياد المديونية العامة وتقييد السياسة المالية للحكومة والتي أصبحت متماشية مع الدورة الاقتصادية بدلا من أن تكون مواجهة لها، الامر الذي أثر بدوره على استقرار الاقتصاد الكلي، مضيفا أن 'كان من الضروري مراجعة قانون ضريبة الدخل في الأردن من أجل رأب أي فجوة تعطل قيام النظام الضريبي بدوره في دعم الوضع المالي والاقتصادي للدولة، ولكن من الضروري أيضا أن يكون ذلك ضمن أطر ومبادئ موجهة والتزام بالأسباب الموجبة حتى لا نفقد البوصلة'.
وأبدى المنتدى تحفظا على العديد من المواد التي رأى أنها لن تؤدي الى نمو اقتصادي أو الى جذب وتشجيع الاستثمار، مشيرا إلى أن بعض المواد لن تؤدي الى تحقيق الرفاه والازدهار للأردنيين بل أن بعضها جاء معاكسا لذلك.
وفي المقابل كان هناك بعض من المواد الإيجابية والتي طال انتظارها مثل عبء الاثبات واعفاء ضريبة الشهرة والتصالح والتشديد على المتهربين ضريبيا.
وفيما يتعلق بالتعديلات التي اعترض عليها المنتدى والتي أشار الى انها ستأتي بآثار سلبية سواء على الافراد أو الشركات أو الاقتصاد بشكل عام ، فقد بين المنتدى ان التعديل على ضريبة الدخل على الأفراد، وخصوصا العاملين بأجر شهري، جاء ليزيد من الأعباء على المواطن، مبينا أنه وبالرغم من اهمية أن يتم العمل على توسيع قاعدة المكلفين ضريبيا لكن من المهم أيضا ان لا نحملهم أعباء زائدة.
وأوصى المنتدى بتغيير الشرائح والنسب المفروضة عليها الواردة في القانون الجديد بحيث يتم البدء بشريحة قدرها 10 آلاف دينار وأن تكون النسبة المفروضة على دخل من هم في هذه الشريحة هي 2 بالمئة، وذلك لتخفيف العبء على المكلفين في الشريحة الأولى وتحفيزهم على الالتزام بدفع الضرائب وتعزيز المصداقية الحكومية في عين دافعي الضرائب، حيث أشارت الحكومة مرارا الى عدم المساس بالطبقة الوسطى.
وتوقع المنتدى أن يصبح 33 ألف شخص على الأقل من دافعي ضريبة الدخل للمرة الأولى في حياتهم.
وحول رفع الشريحة العليا إلى 25 بالمئة أشار المنتدى إلى خطورة أن يلجأ موظفو الإدارات العليا في القطاعين العام والخاص، وهم من أصحاب المعرفة والخبرة الطويلة إلى التقاعد، نظرا لارتفاع نسبة ضريبة الدخل على رواتبهم، ما سيجعل رواتبهم التقاعدية أكثر جدوى من رواتبهم وهم على رأس أعمالهم، وبالتالي سيكون ذلك عبئا إضافيا للضمان الاجتماعي كما سنخسر تلك الكفاءات من سوق العمل.
وبالنسبة للتعديل الذي ألغى الإعفاءات الشخصية لنفقات الأفراد والأسر والتي كانت تنزل من دخل المكلف الخاضع للضريبة بحد أقصى قدره 4 آلاف دينار كما هو معمول به في القانون الحالي، أوصى المنتدى بعدم الغاء هذا الاعفاء نظرا لحاجة الأسر الأردنية له، خصوصا الأسر المنتمية للطبقة الوسطى، حيث تلجأ هذه الأسر في العادة لخدمات التعليم والصحة في القطاع الخاص نظرا لعدم كفاءة وكفاية الخدمات الحكومية في هذا المجال.
وبين المنتدى أنه وبينما بلغت نسبة الطلاب الذين يرتادون المدارس الخاصة في الأردن حوالي 28 بالمئة، بلغت هذه النسبة في أميركا وتركيا 5 بالمئة وفي بريطانيا 2 بالمئة، ولذا ولحين تحسن خدمات التعليم والصحة يجب الابقاء على هذا الاعفاء.
وأوصى المنتدى بتضمين قرار مجلس الوزراء الصادر في تموز 2017 بخصوص اعفاء 70 بالمئة من الدخل الصافي للشركات الصناعية المتأتي من المبيعات المحلية أو التصدير، نظرا للضغوط الكبيرة التي تتعرض لها الصناعات الوطنية والتي تؤدي لإضعاف قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية، مبينا أن رفع ضريبة الدخل على أرباح البنوك إلى 40 بالمئة من 35 بالمئة كما هو وارد في القانون المعدل، سيجعل نسبة ضريبة الدخل التي تدفعها البنوك الأردنية على أرباحها الأعلى في العالم.
وأكد أن رفع هذه الضريبة لن تقتصر آثاره السلبية على البنوك فقط، ولكنها ستنعكس على عملاء هذه البنوك من المواطنين والشركات العاملة في القطاع الخاص الأردني؛ حيث ستضطر البنوك إلى توسيع هامش فائدتها ما يعني ترتيب التزامات مالية أكبر على المواطنين وشركات القطاع الخاص الأردني، مبينا أن مساهمة البنوك التجارية في دفع الضرائب بلغت 67 بالمئة من مجموع ما دفعته جميع الشركات المساهمة العامة عام 2017 و90 بالمئة مما تم دفعه عام 2014، وهي أرقام مرتفعة وتعبر عن التزام هذا القطاع بدفع الضرائب المستحقة عليه.
وقال، إنه وبزيادة الضريبة على هذا القطاع المصرفي، 'فإننا نعمق من الاعتماد الكبير على قطاع واحد وذلك يزيد من المخاطر'.
وبالنسبة لشركات التأمين والتأجير التمويلي، وكذلك شركات التمويل الاصغر، والتي رفعت ضريبة الدخل على أرباحها إلى 40 بالمئة من 24 بالمئة، قال المنتدى أن هذا الرفع سيؤثر على سير عمل هذه الشركات وعلى المواطنين الذين يتعاملون معها، علما أن بعض هذه الشركات يعاني اصلا من تراجع في ايراداتها.
وبناءً على ذلك أوصى المنتدى بالإبقاء على نسبة 35 بالمئة كضريبة على أرباح البنوك، و24 بالمئة لشركات التأمين وشركات التأجير التمويلي.
كما أوصى بإلغاء المادة التي تنص على اخضاع الأرباح الموزعة من قبل الشركات المساهمة العامة، حيث اعتبر هذه المادة ازدواجية في فرض الضرائب؛ إذ تدفع الشركة ضريبة على أرباحها ومن ثم يفرض القانون على المستثمر في هذه الشركة ضريبة على التوزيعات التي يحصلها من ارباح هذه الشركة.
وتساءل المنتدى في تقريره حول تحميل المفوضين بالتوقيع في الشركات للمسؤولية القانونية في حال التخلف عن توريد الضريبة المقتطعة، مشيرا في تقريره أن في ذلك مسؤولية كبيرة على المدير العام والمفوض بالتوقيع، وقد يكون عدم التوريد أو الاقتطاع نتيجة خطأ من المحاسب؛ فكيف نعاقب المدير العام أو المفوض بالتوقيع على أموالهم الخاصة؟ وأشار المنتدى الى أن عقوبات الفروقات في الاقرارات الضريبية الواردة في المادة 36 من القانون المعدل قاسية جداً والتي تصل الى الحبس لمدة 10 سنوات في حال كان الفرق 100 ألف دينار، ويجب إعادة النظر فيها، مضيفا أن هناك تشددا بوجوب نشر الاحكام القضائية المكتسبة الدرجة القطعية في قضايا التهرب الضريبي بالصحف ووسائل الاعلام والوسائل الالكترونية، 'وقد يكون للنشر في وسائل الاعلام أثر سلبي في المجتمع'، لذلك اقترح المنتدى إعادة النظر في نشر الاحكام القضائية في وسائل الاعلام.
وفي تعليقه على مواد القانون المُرسل من قبل الحكومة إلى مجلس النواب، قال المنتدى إنه يجب أن يكون أحد أهم الأسباب الموجبة لتعديل قانون ضريبة الدخل تمكين الدولة من الوفاء بكامل مسؤولياتها من أجل تحفيز النمو وبناء اقتصاد وطني تنافسي ومستدام يحقق الازدهار للأردنيين، ولتتمكن الدولة من جذب الاستثمارات اللازمة لذلك، لافتا الى أنه لم يلحظ ورود هذا السبب ضمن الأسباب الموجبة لقانون ضريبة الدخل، لكن وفي المقابل وردت جملة (حاجة الدولة الى المال) ضمن الأسباب الموجبة دون تبرير أو شرح تلك الحاجة للرأي العام ودافعي الضرائب.