كتّاب الأنباط

الاشاعة وما ادراك ما الاشاعة

{clean_title}
الأنباط -

  سمر الشديفات

الاشاعة آفة من الآفات القديمة الحديثة التي اشبه بالسرطان الذي ان اصاب جسدا بدأ يفتك به جزءاً جزءاً الى ان ينتشر في الجسد كله مما يؤدي الى سقوطه دونما استئذان. هذه للأسف النتيجة الحتمية للإشاعة التي لا بارك الله بها. كم من اشاعة كانت سبب انفصال ازواج كانت تربطهم علاقة وثيقة وفرقت بين عائلات وجماعات..... كم من اشاعة كانت سبب فرقة مجتمعات واندلاع الحروب فيها... ولم تكتف الاشاعة الى هنا انما طالت يداها القذرة لأوطان كانت بأوج ازدهارها فسقطت سقوطا مدويا بفترة وجيزة دونما استئذان ففرقت شعوبها يمنة ويسرى كأشلاء جثة هامدة. هي مجرد كلمات لكن تحمل في طياتها خرابا وانهداما تهدف لتحقيق مرام خبيثة, لا يصنعها الا حاقد وحاسد ولا ينشرها الا احمق ولا يصدقها الا غبي.

أحد المحاضرين في جامعتي من أولئك الذين يحملون عشق البلاد في قلوبهم ويحبون وطنهم حتى النخاع دخل الى القاعة وهو يستنكر ما يجوب في المواقع الاجتماعية وبين الناس من اشاعات مغرضة ليس لها هدف الا المساس بأمن وطن. تحدث وكله حرقة " "وين احنا من حب هالوطن .......وين احنا من الي يحبوا بلادهم ويخافوا عليها ..... وين دوركم يا قادة يا تربويون في الحد من الاشاعات ومحاربتها ... وين دوركم بمحاربة كل حاسد وحاقد تسول نفسه ان يمس امن وطننا الغالي .... وين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وين حب الوطن وعشقكم للوطن الي نتلحف بغطائه وين انتماؤكم للوطن الي نتنفس هواءه؟؟؟؟؟"

لا اعرف ما الذي حدث لي بعد سماعي لهذه الكلمات شعرت بالأسف على ما يحدث, تذكرت الكثير من الاشاعات التي كنا نسمع بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي او نسمعها من الناس وكنا نصدقها دونما البحث و التحري عن الحقيقة .... كم من اشاعة سمعناها وساهمنا بنشرها بكبسة "شير" أو "لايك" عبر الفيس بوك او اعادة ارسال عبر "الواتس اب"... كم من اشاعة كانت سببا بنشر الفوضى بين الناس مما سببت الغضب وكان اساسها كاذبا ومصدرها شخصا او جهة حاقدة. كم سمعنا .......وسمعنا...... ولكن كمتعلمين او مثقفين او حتى محبين للوطن لم نفكر للحظات هل كل ما نسمع هو واقع ام كذبة صنعت بخيوط من الحقد لأمن وطننا الغالي الذي يعتبر اغلى ما نملك, كم من اشاعة اسقطت اوطانا !!!!!!!! كيف لم افكر لو للحظة وخصوصا بهذا الوسط الملتهب بان الاشاعة قتلت اوطانا وهدمت حضارات وشردت شعوبا بفترة وجيزة.

خيم علي سكون غريب لم اسمع الا طرقات حذائي الذي اصبح يدوي وله صدى مزعج جعلني أتأمل كل ممارساتنا بحق هذا الوطن الذي لم ير من بعضنا الا الجحود ونكران الجميل. كلمات المحاضر كانت كرصاصات تقرع باب بالي وتثير الضجة داخلي وتؤنب ضميري وتعتصر قلبي, كلمات قلبت موازيني واتجاه بوصلتي لدرجة انني شككت باتجاه عقاربها , كلماته كانت صفعة على وجه الحقيقة المريرة التي أيقظتني من سبات خيم على قلوب المعظم ممن تهمه سماع الاقاويل والمساهمة في نشرها دونما حكمة او تفكير. فهمست داخلي  " ياما كنا نسمع اشاعات وقيل وقال.... ونستمتع واحنا ننشرها بكل السبل ونستنى العجب من الي يسمعنا واحنا نستلذ بخوفه .............وكم مرة سمعنا اشاعات وزدنا فوقيها شوية "ملح" من هون وشوية فلفل وبهارات  من هون....... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ وينا من حب بلادنا وين"

سرت في طريقي الى حافلتي متجهة نحو البوابة الشرقية من الجامعة واذا بقهقهات بعض الشباب تقتحم هالة التفكير التي احاطتني, عندما انتبهت لهم وجدتهم يتنافسون بالقفز لأعلى غصن في الشجرة, ابتسمت نصف ابتسامة مليئة بالازدراء وهمست في نفسي " واااااااااال يا ويلي عليك يا هالوطن .... هذول ابناءك الي تعول عليهم حتى يحموك ........يا ويلي عليك يا الوطن قديش احنا مقصرين بحقك ". للأسف هؤلاء يمثلون الكثير ممن لا تهمه مصلحة وطن ولا مقدراته وحتى لم يلتفتوا لقيمة الوطن, بدل التنافس على قتل الكثير من الآفات التي تحيط بنا يتنافسون وكلهم فخر للوصول لأعلى غصن لكسره وكأنهم يعلمون ان امثالهم لا قدر الله سيكسرون يوما قلوبنا.

للحظات رجعت كلمات استاذي تحوم في ذاكرتي وتطرق ابواب الفطنة والتفكير لدي, خيمت علي اصداء كلماته وهو يقول "يا قادة يا تربويون ماذا قدمتم للوطن وبعضكم يستلذ بتداول الاشاعات ويسارع بنقلها وكأنها غنيمة لاثارة الخوف او الفتنة". لا اعرف عندما كنت اقرأ بعض الاخبار كنت اشك بحقيقتها لكن لا اعرف ما الذي كان يشدني لنشرها رغم عدم ثقتي بها.... هل هذا يدفعني ان اشك بحقيقة انتمائي لوطني او لخوفي على مصلحته. فجأة خرجت كلمات من شفاهي وقلت" اه اكيد لو احب وطني كان حاربت كل واحد يحاول المساس بأمن وطنا بكلمات رديئة كاذبة هدفها اللعب بعقول الناس واثارة الفتنة والخوف في نفوسهم" .

اذاً لماذا لا نكون الاب الحاني الذي يحمي وطنه لماذا لا نكون الامِ الحنون التي تحضن وطنها وتقاتل للدفاع عنه, لماذا لا نكون رجل الامن الذي يقدم روحه لأمن وطنه ... لماذا لا نكون القادة الذين يضربون بيد من حديد لكل من تسول له نفسه المساس بأمن وطننا الذي نعيش على ارضه ونتلحف به ونتنفس هواءه. هي رسالة ابثها من هنا لكل من يتنفس هواء الاردن اياك والوطن......... اياك وتراب هالوطن........... اياك واياك ..........ثم اياك تسمح لأي يد قذرة او لسان ملوث يسيء لأمن وطننا الذي هو بمثابة الام والاب والحضن الذي يضمنا. فليعيش الوطن وتعيش شعوبنا ابية حرة مؤمنة منتمية لأردننا الغالي.//

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )