في المعلومات ان اكثر من دولة عربية، تجري اتصالات، لاصدار بيان سياسي، قبيل عقد القمة العربية المقبلة، من اجل عودة سوريا الى جامعة الدول العربية، بعد ان تم تعليق عضويتها في الجامعة قبل سنوات وتحديدا عام 2012، وفي وقت لاحق، منح المقعد للمعارضة السورية، ثم التراجع عن ذلك.
دول عربية عديدة تجاهر علنا، دون اي كلام عن كلفة الحرب، او حتى التسوية السياسية، او حتى الكلفة المفترضة على النظام، بضرورة عودة سوريا الى الجامعة، وفي مطلع شهر اذار الفائت تحدث وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري، منتقدا خلو مقعد سوريا، مطالبا بعودتها الى الجامعة العربية.
المعلومات تتحدث عن قبول اكثر من تسع دول حتى الان لهكذا توجه، وقد يكون الرقم اعلى، وهناك ممانعة من دول اخرى، لكن ما يمكن قوله ان هناك انقساما عربيا بشأن عودة المقعد الى النظام السوري الحالي لاعتبارات كثيرة، خصوصا ان الملف السوري لم يعد ملفا عربيا او محليا بالمعنى المتعارف عليه، بقدر كونه، ملفا اقليميا ودوليا تؤثر فيه عدة دول لاعتبارات كثيرة.
علينا ان نعترف هنا، ان هناك تغيرات في مواقف العديد من الدول، ازاء النظام السوري، وبقاء الاسد، بعد ان اقتربت الحرب من دخول العام الثامن، وللمفارقة فان الدولة السورية ذاتها علقت على ألسنة مسؤولين في فترات سابقة، بطريقة سلبية، ضد جامعة الدول العربية، وضد العودة، باعتبار ان هذا الامر ليس مهما، لاسباب كثيرة.
هذا يعني ان حاجة دمشق للعودة الى جامعة الدول العربية، على اهميتها، قد لا تبدو اولوية لدى النظام، مع التغيرات الميدانية الجارية حاليا، والتي مازالت متقلبة الى حد كبير، ولم تؤد الى حسم الامور تماما داخل سوريا.
دول عربية عديدة، لم تعاد النظام السوري، ويمكن تعداد اكثر من خمس دول بقيت على صلة ايجابية بالنظام السوري، خلال سنين الحرب، لكن هذا الرقم ارتفع حاليا، بعد ان غيرت بعض الدول مواقفها، لاعتبارات كثيرة، وعلى الارجح، فان دولا اخرى لن تمانع بعودة سوريا، اذا وجدت ان الاتجاه العام يميل الى هذا الامر.
ما يمكن قوله هنا، ان هناك استحالة حتى الان، تمنع فصل موقف سوريا ووضعها عن العلاقة بالايرانيين، وهذه مشكلة اخرى، تعرقل عودة سوريا الى جامعة الدول العربية، في ظل معايير لبعض الدول التي ترى ضرورة وقوع الطلاق الكامل بين السوريين والايرانيين، لاعتبارات كثيرة، تتعلق بالتوازنات في المنطقة، وعلى ما يبدو فان دمشق الرسمية، لن تختار جامعة الدول العربية، بديلا عن تحالفها مع ايران.
المعنى هنا، ان دمشق قد ترحب بعودتها الى الجامعة دون شروط سرية او علنية، وتحديدا على صعيد صلاتها بايران، ..وهذا يقود الى ان التيار الذي يأبى عودتها سيبقى هو الاقوى هذه الفترة، خصوصا، ان العودة ايضا يجب ان تخضع لتكييفات سياسية عالمية واقليمية، تتجاوز فكرة الندم على اخراج سوريا، من جامعة الدول العربية.
لا تزال الازمة السورية، عالقة، ولربما العام الثامن من هذه الازمة، سيكون حاسما على مستويات كثيرة، فيما مجرد الدعوة لعودة سوريا من جانب دول عربية، تسجل عمليا، اعترافا بخطأ اخراجها من جهة، واحتفاءً بما يحدث ميدانيا، وسعيا لاعادة خلط الاوراق، دون اي كلفة حسابية على احد.