تزامناً مع يوم الام
معايدات بنكهة إلكترونية وعروض وهمية تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي
الانباط– رصد جمانة خنفر
بين يوم وعيد تضاربت تسمياته الى ان بات الاحتفال به يُعد طقسا من طقوس شهر اذار والذي يصادف الاحتفاء به اليوم ، وجرت العادة على ان يكرم الابناء امهاتهم بشراء الهدايا تعبيرا منهم عن شكرهم لانجابهم ،و تربيتهم، والعناية بهم على الوجه الامثل، و تقديم اجمل العبارات لهن في هذا اليوم .
بين تكريم وتأبين تضج مواقع التواصل الاجتماعي اليوم حيث يقوم المشتركون في هذه المواقع بوضع صور امهاتهم معهم وتغيير الصور الخاصة بصفحتهم ونشر الفيديوهات المعبرة ووضع عبارات يعبر بها المشترك عن والدته سواء كانت معايدات او رثاء يستذكرها به .
و في عيون تملؤها الدموع قالت هيفاء ان هذا اليوم اعتبره الاطول في حياتي ولا اقوم بالدخول الى مواقع التواصل الاجتماعي ابدا كون والدتي متوفية واشعر بغصة بداخلي تجعلني حبيسة منزلي في هذا اليوم فكانت له ذكريات جميلة وكانت طقوسه من اجمل الايام بالسنة وتم استبدال المعايدة والهدية المعتادة بالتبرع بها لها او اقوم بإعطائها لأم ارملة
سهاد قالت ان هذا اليوم اعتبره من اجمل الايام فاذهب للسوق لشراء الهدايا لأمي ووالدة زوجي واحتفي بهما ويقوم اولادي بالتعاون مع زوجي بشراء الهدايا لي و وضع صورتنا العائلية على قالب من "الجاتو"
واحتلت المجوهرات والذهب قائمة الهدايا المرغوبة بين المواطنين،يليها الورود وتنسيقاته المختلفة،فيما اعلن الكثير عن تخفيضات على طعام ببيتي روّج له مسبقاً على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك " حتى يعفيها من تحضير الطعام في هذا اليوم علاوة عن وجود حلويات وعروض على صالونات التجميل ،وكل يتجه نحو ميول ورغبة والدته.
فيما اشتكى بعض المواطنين من عروض وهمية تنتشر بملحقات توزع بصورة كبيرة بالتزامن مع يوم الام وعند مراجعته للمتجر لشراء المنتج المعروض يبلغه اصحاب الشأن بأن العرض انتهى وان الكمية نفدت مما يدل على استغلال هذا اليوم لغايات ترويجية غير صادقة في بعض الاحيان
ولاقى تخصيص يوم 21 اذار للاحتفال بالام استهجانا كبيرا على مر السنوات إلا أن المسألة بقيت بين مؤيد ومعارض دون أن تحسم،معتبرا البعض أن الام لها السنة بجلها لتقديسها وحبها و احترامها وعدم تخصيص يوم للاحتفاء بها .
وكانت لجنة الافتاء قد اجرت فتوى بحثية نشرت على موقعها الالكتروني العام الماضي بحكم الاهداء في عيد الأم ، وجاء نص الفتوى :
ما تصالح الناس على تسميته بـ (عيد الأم) يقومون بالتواصل مع أمهاتهم وتقديم الهدايا لهن فيه، ليس عيداً بالمفهوم الشرعي للعيد، ولكنه يوم وفاء وتقدير للأمهات، حيث تعارف الناس في العالم كله على الاعتراف بجميل الأمهات، والتعبير عن مزيد المحبة والامتنان لهن في يوم واحد يجمعهم.
وتكريم الأم بهذا اليوم بالمعنى السابق أمر تنظيمي عادي لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تؤكد على معاني الوفاء والامتنان والشكر للوالدين في كل وقت وزمان، قال الله تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)سورة لقمان /14. ومن المعلوم أن بر الوالدين والإحسان إليهما فريضة في الإسلام، وأن الإساءة إليهما وعقوقهما من الكبائر، قال الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)سورة الإسراء/23.
وقد نالت الأم الحظ الوافر من الأمر بحسن صحبتها والإحسان إليها، حيث قُدمت على الأب، وكرر الأمر بالعناية بها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» متفق عليه.
إن تكريم الأمهات في يوم الأم ليس من باب التشبه المحظور بل هو من الحكمة العامة و"الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها"، وخاصة في موضوع تحث الشريعة الإسلامية عليه ولا يتعارض معها، ولقد صام المسلمون (يوم عاشوراء) مع علمهم بصيام اليهود له، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ) متفق عليه، فنحن أحق بتكريم الأم من غيرنا.
أما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) متفق عليه. فالمقصود به النهي عن إتباع غيرنا من الأمم في المحرمات، وخصوصياتهم الدينية التي تتعارض مع شريعتنا، أما الأمور المباحة والنافعة الموافقة لشريعتنا فلا مانع منها. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: "هذا فيما نهى الشرع عنه وذمه من أمرهم وحالهم".
وبر الأم وإكرامها والإحسان إليها واجب شرعي مطلوب تحقيقه، في كل وقت وحين، سواء كان ذلك حال حياتها، أو بعد وفاتها، بالدعاء والاستغفار لها، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بها، وإكرام صديقاتها. //