اعتبر وزير التربية والتعليم عمر الرزاز، أن وفاة العالم ستيفن هوكينغ قبل أيام، كانت بمثابة انتكاسة للتفرد العلمي، الذي يفتقده العالم اليوم.
وأكد الرزاز في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن هوكينغ شكل وما زال رغم رحيله حالة ساطعة من الفرادة، استطاع خلالها أن يزعزع نظرة العلم في كثير من الأمور التي كان يُعتقد أنها ثوابت.
وتاليا نص ما كتبه الرزاز:
كلما جاء في خاطري العالم ستيفن هوكينغ، أجدني، رغما عني، أتذكر قصة 'بلد العميان' للكاتب البريطاني هربرت جورج ويلز. فبطل القصة كان مختلفا عن محيطه، تماما كما كان هوكينغ مختلفا عن جميع معاصريه.
في القصة، يصبح العمى شرطا أساسيا للاندماج في المجتمع، وفي حالة هوكينغ، يصبح كبح جماح العقل واقتصار نشاطه على الحد الأدنى مطلبا 'جماهيريا' لكي يتم استيعابه في حياتنا السطحية.
على مدى سنوات عمره، شكل هوكينغ حالة ساطعة من الفرادة، استطاع خلالها أن يزعزع نظرة العلم إلى كثير من الأمور التي كان يُعتقد أنها ثوابت؛ فعالم الفيزياءالنظرية وعلم الكون، تمكن من الاستفادة من حالة قصوى من النشاط الذهني رغم مرضه الشديد الذي قد يقعد كثيرين غيره، أما هو فقد درس في جامعتين عريقتين؛ أكسفورد وكامبريدج ونال فيهما الدكتوراه في علم الكون.
بظني أن أكبر إنجاز سجله في رحلته تلك، كان من خلال إتاحة العلوم وتبسيطها للقارئ العادي، فكتابه 'تاريخ موجز للزمن'، لخص فيه العديد من العلوم الفيزيائية المرتبطة بالكون للقارئ غير المتخصص، إضافة إلى أهميته للطلبة والأكاديميين.
خلال الأيام القليلة الماضية، تابعت بعض السجالات لأردنيين وعرب على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد هالني كثيرا أن هناك بيننا من ما يزال لا يقدر العلم والعلماء، حتى ونحن ندخل ثورة صناعية رابعة تتأسس على عقول خصبة ومنتجة!
في عصور سابقة، رحل العلماء العرب والمسلمون إلى مشارق الأرض ومغاربها طلبا للعلم، ولم يتوقفوا للسؤال إن كان من يذهبون إليه مؤمنا أم غير ذلك. كان العلم مطلبا في حد ذاته، لذلك استطاع أجدادنا أن يستدخلوا علوم ذلك الزمان كلها، وأن يبنوا عليها، وأن يقدموا للبشرية مساهمتهم في نهوضها وتقدمها.
رحل هوكينغ، ويحق لنا أن نتذكره بالخير، أولا لصفاته الشخصية التي جعلت منه أنموذجا في التحدي والصبر ومقاومة المرض، وثانيا لعلمه الذي أتحفنا به والذي نظل مدينين له به ما عاشت البشرية، وثالثا، أيضا، لوقوفه إلى جانب السلام العالمي، وخروجه في مظاهرات ومسيرات ضد الحرب على العراق التي اعتبرها 'جريمة حرب'، ودعمه مقاطعة الأكاديميين لإسرائيل بسبب عدوانها المستمر على الفلسطينيين وإجراءاتها الاستيطانية، إضافة إلى مواقفه الجليّة من السلاح النووي والتغير المناخي.
هوكينغ رحل، وترك إرثا علميا كبيرا، وكثيرا من الألغاز التي لم يستطع فك رموزها.
ما نأمله، هو أن يأتي من بيننا من يحاول استكمال مشواره العلمي في علوم الفيزياء والكون، ويجيب عن جميع الأسئلة المبهمة.