هل يشير الصداع دائما إلى ارتفاع مستوى ضغط الدم؟ عيد ميلاد سعيد ليث حبش سيدة العيد..... يوسف ابو النادي ابو محمد في ذمة الله ممرضة تكشف الكلمات الأخيرة للمرضى قبل الموت الارصاد : كتلة باردة ورأس سنة ماطرة باذن الله الطريقة المثلى لبلع أقراص الدواء دون معاناة مصر.. القبض على المغني حمو بيكا الأرصاد: ثاني أسوأ موسم مطري مسجل بتاريخ الأردن ديوانِ المُحاسبةِ للعام 2023 الجامعةُ الأردنيّةُ تحقّقُ أعلى نسبة استجابةٍ في الأردنّ لتصويبِ المخرجاتِ الرّقابيّةِ وإنهائها للعام الثالث على التوالي.. جيدكو بلا مخالفات في تقرير ديوان المحاسبة الضلاعين يزور بلدية بني عبيد لتعزيز التعاون وتنفيذ المشاريع التنموية "الوسطية" .. مشاريع تنموية متميزة وجوائز وطنية تعكس التزامها بخدمة المجتمع المحلي ديوان المحاسبة: سرعة استجابة الحكومة سبب لانخفاض عدد صفحات التقرير العزام عضواً في مجلس بلدية اربد الكبرى نداء عاجل من مجموعة السلام العربي لإنقاذ المتضررين من الأزمة الإنسانية في السودان الشديفات: مسارات التحديث مهدت الطريق أمام مشاركة الشباب في الحياة السياسية والاقتصادية. قرأت الأول مالية النواب تناقش موازنات سلطة العقبة وإقليم البترا وشركة تطوير العقبة الأمير الحسن يلتقي رؤساء وممثلي الكنائس الشرقية والغربية في عمان

الأسودان.. الخبز والشاي

الأسودان الخبز والشاي
الأنباط -

الأسودان.. الخبز والشاي

وليد حسني

ندور مع الرغيف حيث يدور، نسلم له القياد والإنقياد ونمنحه سلطة التغلغل فينا، ونقول له تحكم فانت الخصم والحكم، ولولاك لم نكن هنا من بعض رعاياك، ومن شيعتك التي لم تكفرك، ولم تنكرك، ولن تخذلك..

ونسبح باسم الرغيف سيد طعامنا، وعنوان براءتنا من كل مطبخ لا يعترف بالرغيف، ونسوق تمردنا على كل منطوق لدولة لا تعترف بالرغيف سيدا حصورا، وسلطانا جسورا، ورفيق الجوعى حين يندر الطعام، وحين لا يكون بين أيادينا غير ما يقيم الأود، ويشد العضد..

هذا هو الرغيف الذي يتم الإعتداء على سلطانه وجبروته، يخضعونه على غير إرادته للسخرة، ويوظفونه في معارك سياسية لا علاقة له بها غير ما ينتظم علاقته بالناس وبأصدقائه وبأهله من الفقراء والجوعى الذين يعتبرونه سيد طعامهم، وفخر قوتهم، والسيد الأكثر نبلا وقيمة من آسريه ومن المتلاعبين به..

وهو الرغيف صولة الأصول الأولى في منازل لا تعرف غير القليل من الإدام والطعام، هنا يصبح الرغيف عنوانا لكل ما هو جميل وسمح وعذب، ألم يكتف الأردني بالأسودين الخبز والشاي طعاما له يقيه سؤال الناس، ألم يكن الرغيف في كل بيوت الأردنيين سنام النعمة، وهو ما هو حين يلقاه الناس على العتبات او في الشوارع فيرفعونه على رؤوسهم وجبهاتهم ويضعونه في اعلى مكان يصادفونه وهم يستغفرون الله ويحمدونه.

أليس هذا السلوك الأردني لهذا الشعب الطيب يختزل سر العلاقة المقدسة بينهم وبين خبزهم، وهو سلوك لا يقدمون عليه مع أية مادة اخرى بما فيها الفواكه والخضروات وحتى اللحوم بمشتقاتها، فيهملون ما يرونه منها ملقى في الطرقات وكأن كل هذه النعم لا تعنيهم في شيء، لكن إذا تعلق الأمر بالخبز فان الأردني ينحني إجلالا لقطعة الخبز ويتعامل معها باعتبارها شيئا مقدسا لا يجوز له تجاوزه دون ان يصرف له شعائره التقديسية دون تردد او خوف أو حتى وجل.

اليوم أصبح الرغيف نقمة على الأردني الطيب، أصبح جزءا من لغة البزنس السياسي والإقتصادي، والأهم انه تحول من اداة للعيش حد الكفاف إلى سلاح في يد الحكومة توظفه لمحاربة الناس، فيصبح جنديا سيئا في سياسات إقتصادية أكثر سوءا.

بالأمس أفرجت الحكومة عن تسريبات تتعلق بالأسعار المتوقعة للخبز بعد رفع الدعم، والأنكى ان ما يسمى نقابة أصحاب المخابز تعتقد انها فرصتها المؤاتية لتعزيز المزيد من مكتسباتها المالية وترفض قيمة الرفع مطالبة بنسبة رفع أعلى حتى يتم لأعضاء تلك النقابة العتيدة تحقيق المزيد من المكتسبات المالية على حساب رغيف الخبز أولا،وعلى حساب المواطنين ثانيا.

تلك النقابة التي بدلا من ان تنحاز للمواطنين آثرت الإنحياز لمطامعها غير المحدودة، وكأنها تستعير صفات تجار الحروب للإثراء غير المشروع، والتجارة حتى بمآسي الناس وما يدفعونه من استحقاقات الصراعات دما ومالا وحياة وأمنا واستقرارا وحاضرا ومستقبلا.

رغيف الخبز اليوم صار مجرد سلعة إستهلاكية تخضع للغة الأرقام ولمفاوضات البزنس غير الأخلاقي والذي يستهدف تحقيق الربح أيا تكن الوسائل والمسوغات، ويبقى الخاسر الوحيد هو المواطن الذي بنى علاقته الحياتية مع الخبز على أساس من التقديس الشعبي غير المحدود.

إن قرار الحكومة برفع اسعار الخبز تحت الضغط السياسي وليس الضغط الإقتصادي سيغير كثيرا من النمط السلوكي مستقبلا في العلاقة بين المواطن ورغيف الخبز لكنه سيكون باتجاه تجذير العلاقة بينهما وليس تفكيكها، فمساحة الفقر ومؤشراته تتمدد وترتفع وتتسع مما سيعيد الأردنيين إلى إعادة وصل ما انقطع بينهم وبين مأدبة الأسودين الخبز والشاي.//

 

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير