المرأة بالمحافظات وتحديات سوق العمل المجلس النيابي العشرون: من العمل الفردي المبعثر إلى العمل الجماعي المنظّم الثلاثي الفولاذي.. محور سياسي جديد يعيد رسم ملامح التوازن في الأردن الترخيص المتنقل بالأزرق من الأحد إلى الثلاثاء واتساب يقدم ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص أمانة عمان تعلن حالة الطوارئ المتوسطة اعتبارا من صباح غد ابتكار أردني رائد – إطلاق منتجات Animax+ و Animax++ قرارات مجلس الوزراء مطالبات جماهيرية بالاستعانة بالمحترفين الأردنيين المجنسين نتائج الدوريين الإنجليزي والإسباني.. تشيلسي وأرسنال يواصلان الانتصارات وأتلتيكو مدريد يتألق الحكومة تقرِّر إعفاء السيَّارات الكهربائيَّة بنسبة 50% من الضَّريبة الخاصَّة حتى نهاية العام ولمرَّة واحدة فقط البستنجي: قرار إعفاء السيارات الكهربائية حل جزء من مشكلة المركبات العالقة في المنطقة الحرة الأردنيون يؤدون صلاة الاستسقاء في مساجد المملكة عمرو خصاونه يكتب: معاداة السامية بدأت في أوروبا و ليس في العالم العربي. اختتام أعمال مؤتمر "الفهم المشترك بين ضفّتيّ المتوسّط: مفاهيم، أفكار، ومدركات"، في "الأردنيّة" لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سنوات ترمب يرشح الأردنية نشيوات لأعلى منصب طبي في الولايات المتحدة 120 شابًا يشاركون في تدريب متخصص للوقاية من العنف ضد النساء والفتيات إبراهيم ابو حويله يكتب :طريق السعادة... العيسوي يلتقي وفدا من أبناء عشيرة السلايطة

الأسودان.. الخبز والشاي

الأسودان الخبز والشاي
الأنباط -

الأسودان.. الخبز والشاي

وليد حسني

ندور مع الرغيف حيث يدور، نسلم له القياد والإنقياد ونمنحه سلطة التغلغل فينا، ونقول له تحكم فانت الخصم والحكم، ولولاك لم نكن هنا من بعض رعاياك، ومن شيعتك التي لم تكفرك، ولم تنكرك، ولن تخذلك..

ونسبح باسم الرغيف سيد طعامنا، وعنوان براءتنا من كل مطبخ لا يعترف بالرغيف، ونسوق تمردنا على كل منطوق لدولة لا تعترف بالرغيف سيدا حصورا، وسلطانا جسورا، ورفيق الجوعى حين يندر الطعام، وحين لا يكون بين أيادينا غير ما يقيم الأود، ويشد العضد..

هذا هو الرغيف الذي يتم الإعتداء على سلطانه وجبروته، يخضعونه على غير إرادته للسخرة، ويوظفونه في معارك سياسية لا علاقة له بها غير ما ينتظم علاقته بالناس وبأصدقائه وبأهله من الفقراء والجوعى الذين يعتبرونه سيد طعامهم، وفخر قوتهم، والسيد الأكثر نبلا وقيمة من آسريه ومن المتلاعبين به..

وهو الرغيف صولة الأصول الأولى في منازل لا تعرف غير القليل من الإدام والطعام، هنا يصبح الرغيف عنوانا لكل ما هو جميل وسمح وعذب، ألم يكتف الأردني بالأسودين الخبز والشاي طعاما له يقيه سؤال الناس، ألم يكن الرغيف في كل بيوت الأردنيين سنام النعمة، وهو ما هو حين يلقاه الناس على العتبات او في الشوارع فيرفعونه على رؤوسهم وجبهاتهم ويضعونه في اعلى مكان يصادفونه وهم يستغفرون الله ويحمدونه.

أليس هذا السلوك الأردني لهذا الشعب الطيب يختزل سر العلاقة المقدسة بينهم وبين خبزهم، وهو سلوك لا يقدمون عليه مع أية مادة اخرى بما فيها الفواكه والخضروات وحتى اللحوم بمشتقاتها، فيهملون ما يرونه منها ملقى في الطرقات وكأن كل هذه النعم لا تعنيهم في شيء، لكن إذا تعلق الأمر بالخبز فان الأردني ينحني إجلالا لقطعة الخبز ويتعامل معها باعتبارها شيئا مقدسا لا يجوز له تجاوزه دون ان يصرف له شعائره التقديسية دون تردد او خوف أو حتى وجل.

اليوم أصبح الرغيف نقمة على الأردني الطيب، أصبح جزءا من لغة البزنس السياسي والإقتصادي، والأهم انه تحول من اداة للعيش حد الكفاف إلى سلاح في يد الحكومة توظفه لمحاربة الناس، فيصبح جنديا سيئا في سياسات إقتصادية أكثر سوءا.

بالأمس أفرجت الحكومة عن تسريبات تتعلق بالأسعار المتوقعة للخبز بعد رفع الدعم، والأنكى ان ما يسمى نقابة أصحاب المخابز تعتقد انها فرصتها المؤاتية لتعزيز المزيد من مكتسباتها المالية وترفض قيمة الرفع مطالبة بنسبة رفع أعلى حتى يتم لأعضاء تلك النقابة العتيدة تحقيق المزيد من المكتسبات المالية على حساب رغيف الخبز أولا،وعلى حساب المواطنين ثانيا.

تلك النقابة التي بدلا من ان تنحاز للمواطنين آثرت الإنحياز لمطامعها غير المحدودة، وكأنها تستعير صفات تجار الحروب للإثراء غير المشروع، والتجارة حتى بمآسي الناس وما يدفعونه من استحقاقات الصراعات دما ومالا وحياة وأمنا واستقرارا وحاضرا ومستقبلا.

رغيف الخبز اليوم صار مجرد سلعة إستهلاكية تخضع للغة الأرقام ولمفاوضات البزنس غير الأخلاقي والذي يستهدف تحقيق الربح أيا تكن الوسائل والمسوغات، ويبقى الخاسر الوحيد هو المواطن الذي بنى علاقته الحياتية مع الخبز على أساس من التقديس الشعبي غير المحدود.

إن قرار الحكومة برفع اسعار الخبز تحت الضغط السياسي وليس الضغط الإقتصادي سيغير كثيرا من النمط السلوكي مستقبلا في العلاقة بين المواطن ورغيف الخبز لكنه سيكون باتجاه تجذير العلاقة بينهما وليس تفكيكها، فمساحة الفقر ومؤشراته تتمدد وترتفع وتتسع مما سيعيد الأردنيين إلى إعادة وصل ما انقطع بينهم وبين مأدبة الأسودين الخبز والشاي.//

 

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير