بلال العبويني
يبدو أن الحوثيين تعمدوا نشر صور وفيديو للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بعد اغتياله وذلك لعدة أسباب أولها، لتأكيد مقتله ومنعا للتكهنات حول إن كان قتل أو أسر أو اختبأ أو غير ذلك، وثانيها لقتل صورة الرمز لدى أنصاره وتثبيط الروح المعنوية لديهم وهم يرون زعيمهم مضرجا بدمائه محمولا بغطاء نوم وعلى متن سيارة "بك أب".
صورة صالح وهو مقتول تشبه صورة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، الذي تعمد قاتلوه إظهار صورته على نحو مذل، وذلك لذات الغايات السابقة، وهي الغايات التي استمدها على ما يبدو قاتلو صالح والقذافي من الأمريكان الذين تعمدوا إظهار صورة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لحظة اعتقاله وبعد استشهاده.
الصور، التي انتشرت منافية لأبسط حقوق الإنسان في حقه بإظهاره على الصورة الحسنة والمعتادة لدى الناس قبل وفاته، لكن الحرب، بطبيعة الحال، لا تخضع لأي منطق، وبالتالي فإن نشر الصور على نطاق واسع والتمثيل بالجثث يدخل ضمن الاستثمار العسكري والسياسي في الحرب، وقد نجح ذلك في ليبيا، التي كان سقوط الرمز لدى أتباع القذافي بمثابة سقوط لمشروعهم ما أدى إلى تشتيت شملهم.
وكذا الحال بالنسبة للرئيس الشهيد صدام حسين، الذي أثرت صورته بعد اعتقاله على أنصاره، لكنها لم تصل إلى قتل الروح المعنوية لدى الكثيرين منهم بل على العكس حاولوا كثيرا تنظيم صفوفهم لقيادة المقاومة العسكرية المسلحة ضد الاحتلال الأمريكي.
وهذه الحالة، أيضا تعززت بعد الصور التي تم بثها بعد استشهاده، غير أنها أخذت منحى مختلفا، عندما أصبح العنوان في الحرب عنوانا طائفيا ضد الشيعة الذين استولوا على المناصب في العراق والذين ظهرت صورهم إلى جانب جثة الشهيد صدام حسين.
في اليمن، من المؤكد أن صورة علي عبدالله صالح، أثرت في نفوس كثيرين من أتباعه، بالمعنيين "تثبيط المعنوية" و"العزم على الانتقام"، غير أن العزم على الانتقام سيكون الطاغي للثأر لمقتل صالح الذي ينظر إليه أبناء عشيرته على أنه شيخهم ورمزهم، وكذا الحال بالنسبة لاتباعه في الجيش والحزب.
بالتالي، فإن الفترة المقبلة، وأظنها ستطول، ستكون صعبة جدا على اليمن عندما يكون العنوان حربا أهلية بين الحوثيين وغيرهم من قبائل اليمن الموالية لصالح، وغيرها ممن ستدخل الحرب على أرضية طائفية سنية، في مقابل الشيعة الحوثيين.
بث صور صالح، وإن أراد الحوثيون استثمارها لتثبيط الروح المعنوية لدى أنصار الرئيس السابق، إلا أنها ستكون الشرارة التي ستقود إلى بحر الدماء، الذي ليس بمقدور أحد التوقع بمتى يجف.
على كل، سيظل الخاسر الأوحد مما جرى ويجري في اليمن هم المدنيون وتحديدا الأطفال منهم الذين رسم مستقبلهم منذ اليوم الأول لبدء الحرب في اليمن عام 2014، بل ولعل مستقبل اليمنيين جميعا قد رسم قبل ذلك بكثير وهم الذين يرزحون تحت وطأة الفقر والعوز والتخلف في ظل دولة فاشلة وستظل كذلك إلى أجل غير معلوم.
من يتحمل المسؤولية؟ علي عبدالله صالح يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى وهو الذي حكم البلاد 33 عاما لم يستطع فيها تشكيل هوية حضرية للبلاد، ويتحمل المسؤولية بعد ذلك كافة الفرقاء اليمنيين منذ الانقسام إلى الوحدة إلى بروز جماعة الحوثي، ويتحمل المسؤولية كذلك كافة الدول التي ساهمت في العبث بأمن ومستقبل ومصير اليمن.//