د. عبد المهدي القطامين
من يزر عمان هذه الايام سيجدها مدينة مكتظة تتيه ببحرها الوف السيارات ويدمن الناس فيها الانتظار ريثما يصلون الى مقاصدهم وقد غدت سمتها الاساس التاخير في كل شيء واذا حسبنا الفاقد من الوقت الذي يذهب هدرا لوجدناه يفوق كثيرا وقت الانتاج والعمل ناهيك عن هدر الطاقة والوقود في عبث الانتظار وحين ارادت الحكومة ايجاد مدينة جديدة تضم كافة مؤسسات الدولة واعلنت عن ذلك هب المتبرمون من كل حدب وصوب مستهزئون بالفكرة وكأنها فكرة خرجت على فكر الدولة او على منهج ابي حنيفة او مالك مع انها في الحقيقة فكرة رائدة تنهي هذا الازدحام الذي باتىت عمان تغرق فيه وكلنا يعاني هذه المعاناة في ظل عجز مؤسسات النقل العام عن خدمة الناس بطريقة صحيحة ما اضطر كل مواطن الى شراء سيارة تقله الى عمله فتحولت عمان من مدينة وعاصمة هادئة الى مدينة صاخبة تنطلق فيها بجنون هذه الماكنات التي يظل ليل نهار يرتفع هديرها .
ترى ما الغريب في طرح الحكومة وفكرتها الرائدة في نقل مراكز صنع القرار في كافة مؤسسات الدولة الى خارجها بعد ان ضاقت عمان بناسها وبعد ان ارتفعت فيها ابراج شاهقة لو تم انشاؤها في غير مكانها الحالي لكانت نعمة بدل ان تكون نقمة على من يقصد قلب المدينة القديم .
فكرة العاصمة الجديدة او المدينة الجديدة لعمان فكرة رائدة بكل المقاييس ومن قالوا فيها ما لم يقله مالك في الخمر اجزم انهم مخطئون في قولهم وسرية المعلومات عن المكان هي نقطة تحسب لصالح الحكومة لا عليها فنحن نعرف صيادي الفرص المتربصين بكل مشروع جديد والحاملين فلوسهم لشراء الارض في اماكن المشاريع الجديدة اثروا جميعا ووصلوا التخمة جراء معرفة مواقع المشاريع قبل التنفيذ ومن ثم بيعها باسعار مجنونة لاحقا .
من يتصفح الفيس يجد العجب العجاب وانا هنا لست محاميا عن احد لكنني اثمن عاليا سرية دولة الرئيس وعدم الاعلان عن الموقع الجديد حتى لا يستغل ذلك المستغلون حتى وان كانت الارض ملكا للدولة فانه سيتم لو عرف المكان شراء ما يحيط بها وما يجاورها من قبل المتنفذين في رحلة البحث المحمومة عن الثراء السريع والفاحش واجزم تماما ان دولة الرئيس لن يكون له شبر واحد في المكان الجديد واعلم انه ممن يفرقون بين الامارة والتجارة وان يديه لم تتلوثا بمال عام وهي حقيقة يعرفها الكل ويتم تجاوزها مباشرة لنقده وحكومته وسط حالة من الفوضى النقدية العبثية التي لا تفضي الى نتيجة .
عمان الجديدة حلم طال انتظاره وهو مشروع يحسب للحكومة لا عليها وعلى المنتقدين توفير نقدهم ومن المؤكد ان الحكومة ستشبع نقدا لكنها ستفوز بالابل والابل هذه المرة عاصمة جديدة لا ينشف فيها ريق المواطن بحثا عن مراجعة دائرة حكومية محاطة بامواج حديدية تسير بلا انقطاع كانها السيل الجارف الذي لا يهدأ .
اخيرا اقول شكرا دولة الرئيس فنحن تماما بحاجة الى عمان الجديدة فقد اتسع الرتق على الراتق وقد ضاقت عمان باهلها وحان لنا ان نستريح من عناء مكابدة الازدحام في كل شيء والذي يلتهم الاخضر واليابس معا .//